مقالات

الحرب السورية الجديدة ستطول.. وعفرين المفجر الاولي لها

ابراهيم شير
منذ ستة اعوام لم تكن الدولة السورية بهذا الحزم تجاه تركيا، حيث كانت في السابق تصدر بيانات ادانة ودعوات للانسحاب ولكن هذه المرة بات تهديد دمشق لأنقرة جديا بإسقاط طائراتها إن هاجمت عفرين في شمال سوريا، وهو ما يعيدنا بالذاكرة الى عام ألفين واثني عشر عندما تم اسقاط طائرتين تركيتين في المياه السورية مقابل محافظة اللاذقية. نائب وزير الخارجية فيصل المقداد، لفت الى نقطة مهمة وهي أن قوات الدفاع الجوي السورية استعادت قوتها الكاملة وهي جاهزة لتدمير الأهداف الجوية التركية في السماء السورية، وهو ما يؤكد ما نُشر اواسط العام المقبل أن دمشق اتفقت مع موسكو على صفقة اسلحة تتضمن اعادة هيكلة الدفاع الجوي في كامل اراضي البلاد، وهو ما يفسر اعتراض الصواريخ “الاسرائيلية” في كل مرة تحاول فيها تل ابيب شن غارات على سوريا.
موقف دمشق الجديد يوحي بتنسيق عالي المستوى بين الحليفين الاساسيين طهران وموسكو، وهو ما اكده المقداد أيضا بأن اي عملية تركية سيتم الوقوف بوجهها من قبل الجيش السوري والقوات الحليفة له، حيث تمتلك موسكو علاقات جيدة مع اكراد عفرين على وجه الخصوص ولديها نقاط عسكرية داخل المدينة وبريفها. وهو ما يفسر ما كشفته مصادر سياسية أن هناك مقترح باعادة انتشار الجيش السوري في مدينة عفرين لقطع الطريق امام العملية التركية، ما يفسر ايضا كلام المقداد بأن عفرين خاصة والمنطقة الشمالية والشمالية الشرقية من سوريا كانت وستبقى أرضاً سورية.
انقرة تلقت الرسالة السورية ووعتها وتأكدت أن دمشق لن تتساهل مع أي عدوان تركي جديد عليها، وأيقنت القيادة التركية أيضا بأنها لن تستطيع ايقاف الجيش السوري لا هي ولا الجماعات المسلحة الخاضعة لهيمنتها في ادلب، وهو ما دفع وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ليطالب موسكو بالضغط لإيقاف عملية الجيش السوري في ادلب.
خلال هذه الفترة تعرضت تركيا لانتكاسات حقيقية وانفضح حجم الأزمة التي تعاني منها السياسة التركية، إذ بات واضحاً أن أنقرة تفاجئت بالقوة العسكرية السورية بعد أن توقعت أنه تم تدميرها خلال سنوات الحرب، اضافة الى فشلها في اقناع موسكو بالضغط على سوريا لاستبدال عفرين بمناطق في ريف ادلب، وذلك الى جانب أنها وقعت فريسة الخداع الأميركي بخصوص ما يسمى بـ “قوات سوريا الديمقراطية” وما هي الامور الموكلة إليها من قبل واشنطن بالاضافة الى مدة الحظوة التي تتمتع فيها لدى الادارة الاميركية، والتي دفعت واشنطن للعداء مع انقرة من أجلها.
دمشق ابدعت خلال السنوات الماضية بالاعتماد على سياسة المراحل، فقد تجاوزت أصعب المراحل في الحرب المفروضة على البلاد، وهزمت جميع الادوات الاميركية في سوريا او عرتها وكشفت دورها، وذلك من داعش مرورا بالنصرة ووصولا الى “قسد”، وهو ما دفع واشنطن للعمل بصورة رسمية فوق الاراضي السورية، وباتت المرحلة المقبلة هي مرحلة المواجهة مع اميركا وتركيا مباشرة سواء في ادلب وعفرين، او في الحسكة والرقة ودير الزور، وهو ما يجعلنا مقبلين على عام شتائه ساخن وصيفه احمى، بألف مرة من العام الماضي، والذي بدء بتحرير حلب وانتهى بتحرير دير الزور والبوكمال.
رد دمشق على واشنطن بأنها ليست بحاجة لأي دولار اميركي في اعادة الاعمار، يكشف أيضا حجم الدول التي عرضت على الحكومة السورية اعادة اعمار المدن السورية، وهو ما سيضيع على الولايات المتحدة صفقة مهمة في اعادة الاعمار .
عندما قلنا في مقال سابق إن الحرب المقبلة هي حرب التوحيد، لم نكن مخطئين، ولكن كم ستطول هذه الحرب؟! الايام توضح ذلك، ولكن الواضح أنها اسرع مما يتوقع المتفائلون، وهل سيشهد هذا العام طوفان نوح الثاني الذي وعد به الرئيس الراحل حافظ الاسد، في رده على حشد أنقرة لجيشها على الحدود السورية في اواخر تسعينيات القرن الماضي.