مقالات

الحروب والتصحر تحول العراق إلى مركز عالمي للعواصف الترابية

 
احمد صبري
 
”.. يكشف مصدر جيولوجي عن أنه بعد عمليات تجفيف الأهوار واقتلاع الأشجار من بعض المناطق نتيجة الفوضى وغياب القانون الرادع وانعدام الاهتمام بالبيئة واهمال القطاع الزراعي، نتج عن كل ذلك وغيره مشكلة “التصحّر”، والتي تتفاقم عندما انخفض مستوى الأمطار إلى (250) سم بالسنة، فضلا عن ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع نسبة ملوحة الأرض وانحسار الغطاء النباتي…”
دقت الأمم المتحدة ناقوس الخطر من تحول العراق إلى مصدر عالمي للعواصف الترابية بعد أن ضربت مناطق شرق الأردن وسوريا والمناطق الشمالية من السعودية والتي غطت معظم الأراضي العراقية.
وتوقع برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن العراق سيتعرض إلى 300 عاصفة ترابية خلال السنوات المقبلة، وأن تدهور البيئة فيه بدأت تؤثر سلبا في مجمل القطاعات وبشكل خاص الاقتصادية والصحية.
فبدلا من تساقط الأمطار في فصل الشتاء تساقطت ذرات التراب واصطبغت الأرض باللون الأسود، حيث تصاعد الغبار الذي جاء نتيجة العواصف الترابية مسببةً تدني الرؤية بسبب سرعة العاصفة التي تجاوزت 130/كم في الساعة حملت معها الأتربة والرمال، وتسبّبت بآلاف حالات الاختناق والتي وصلت، حسب وزارة الصحة إلى أكثر من 5500 حالة اختناق، وأن مستشفيات وزارة الصحة في عموم العراق سجّلت هذه الأرقام جرّاء العاصفة الترابية وما زالت تأثيراتها قائمة.
وعزا مختصون بشؤون الجغرافيا والأرصاد الجوية، أنّ ثمة ظروفا عامة متداخلة تساعد في حدوث الغبار وانتشار العواصف الترابیة، ولا سيما هناك ظروف عامة لا بد من توافرها لحدوث ظاهرة الغبار وهي زیادة سرعة الریاح السطحیة، وتوافر السطوح الجافة المغطاة بالرمال والأتربة الناعمة، فضلا عن عدم استقراریة الجو، وهي خاصیة تساعد في نشاطات التیارات الهوائية الصاعدة والهابطة، وتؤدي بذلك إلى انتشار الأتربة والرمال في الغلاف الجوي. فضلا عن زیادة التصحّر في العراق والتي تعد أكبر مشكلة بیئیة في تأریخه، وتعرض أمنه الغذائي إلى الخطر، ولها نتائج بیئیة واقتصادیة واجتماعیة وخیمة، إذا لم تتم معالجتها بسرعة.
ويكشف مصدر جيولوجي عن أنه بعد عمليات تجفيف الأهوار واقتلاع الأشجار من بعض المناطق نتيجة الفوضى وغياب القانون الرادع وانعدام الاهتمام بالبيئة وإهمال القطاع الزراعي، نتج عن كل ذلك وغيره مشكلة “التصحّر”. والتي تتفاقم عندما انخفض مستوى الأمطار إلى (250) سم بالسنة، فضلا عن ارتفاع درجات الحرارة وارتفاع نسبة ملوحة الأرض وانحسار الغطاء النباتي هذه كلها أسباب وعوامل التصحّر، كما أن نزوح الإنسان من الريف إلى المدينة يعد عاملا مؤثرا من عوامل التصحر.
ولكن العامل الأساسي الذي وضع العراق في مركز العواصف الترابية والذي أهملته تقارير الأمم المتحدة وحتى المسؤولين العراقيين هو تحرك المعدات العسكرية الأميركية والعراقية الثقيلة منذ احتلال العراق عام 2003. وانتشارها في المناطق الزراعية والصحراوية، إضافة إلى الانفجارات الهائلة التي تسببت بها القنابل والصواريخ التي انهالت على العراق منذ عام 1991 تسبب ذلك بتكسير القشرة السطحية للأرض، وتحولها إلى غبار يسهل على الريح حمله في وقت تزداد فيه سرعة الريح نتيجة الجفاف والتصحر الذي أصاب البساتين والحقول الزراعية بسبب تجفيف عدد كبير من الأنهار من منابعها في ايران وخفض منسوب مياه نهري دجلة والفرات،
ويضاف إلى ارتدادات العواصف الترابية انتشار ظاهرة أمراض وأوبئة وتصحر وجفاف وقلة الأمطار، إضافة إلى معاناة أخرى للبيئة والأرض العراقية كالزلازل التي لم يألفها العراق من قبل وبهذا الكم المرتفع من الهزات الأرضية.
إن الحروب والعمليات العسكرية والانفجارات التي شهدها العراق على مدى السنوات الماضية هي من حركت قشرة الأرض العراقية وحولتها إلى عواصف ترابية لم يألفها العراقيون، ناهيك عن غياب الأحزمة الخضراء حول المدن التي كانت مصدا للريح وللعواصف الترابية، الأمر الذي أضاف للعراق عنوانا جديدا في سلم الدول التي تعاني من الفساد والفقر بتصدره قائمة الدول التي تعاني هذه المرة من التصحر والعواصف الترابية.