مقالات

الحكومة الألمانية الجديدة وموقفها من العرب والمسلمين

د. فوزي ناجي
بعد مخاض عسير استمر حوالي ستة شهور تمكنت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل من تشكيل حكومتها الائتلافية الجديدة يوم الأربعاء الماضي من حزبها الاتحاد الديمقراطي المسيحي و الحزب التوأم لحزبها و المتواجد في مقاطعة بافاريا فقط الاتحاد الاجتماعي المسيحي برئاسة هورستسيهوفر و الحزب الديمقراطي الاجتماعي و التي ستتولى زعامته في الشهر القادم اندريا ناهلس.
في الشهور الماضية و اثناء المفاوضات المضنية بين اطراف الحكومة الائتلافية تم التوافق على عدم تصدير الأسلحة الى مناطق النزاع و خصوصاً الى السعودية التي تقود التحالف في الحرب على اليمن، مما اثار وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي صرح في ذلك الحين بان السعودية ليست بحاجة الى الأسلحة الألمانية و انها ستشتري الأسلحة التي تحتاجها من دول أخرى. لقد لاقى الموقف الألماني الترحيب من أحزاب الحكومة و كذلك أحزاب المعارضة، بينما لقي الموقف السعودي الإدانة و الاستنكار. اذ لم تبدي السعودية أي محاولة لفهم التعاطف الحكومي و الشعبي في المانيا من الحرب العدوانية على أبناء اليمن والمدانة من منظمات حقوق الانسان و من كل شرفاء العالم سوى من يُشترون بالبترودولار.
في اليوم الثالث من تشكيل الحكومة الألمانية الجديدة صرح سيهوفر وزير الداخلية الجديد بان الإسلام لا يعتبر جزءاً من المانيا و قد عارضته المستشارة الألمانية ميركل بتصريح لها في نفس اليوم جاء فيه “يعيش في المانيا أربعة ملايين مسلم و يعتبرون هم و ديانتهم أي الإسلام جزءاً من ألمانيا”. نائب رئيس البرلمان الاتحادي الألماني (البوندستاج) من الحزب الديمقراطي الاجتماعي فقد قال بان المسلمين الذين يعيشون في بلادنا و كذلك ديانتهم الإسلام يعتبرون جزءاً من المانيا، اما شتيفان فايل (من الحزب الديمقراطي الاجتماعي ايضاً) ورئيس وزراء ولاية نيدرساكسن فقد صرح حديثاً بانه من البديهي ان يعتبر المسلمون الذين يعيشون في المانيا و الإسلام جزءاً من المانيا. قبل عدة سنوات طالب فايل بان تصبح الأعياد الإسلامية اعياداً رسمية في المانيا.
منذ سنوات طويلة و النقاش يحتدم في أوساط الشعب الألماني حول الإسلام و الاعتراف به كأحد الأديان المتواجدة في المانيا. في 28 سبتمبر 2006 صرح فولفجانجشويبله(من الاتحاد الديمقراطي المسيحي)رئيس البرلمان الاتحادي الألماني (البوندستاج) في الوقت الحالي و الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية في ذلك الحين بان “الإسلام يعتبر جزءاً من المانيا و أوروبا كما يعتبر الإسلام جزءاً من حاضرنا و مستقبلنا”. بنفس المعنى وبتاريخ 3 أكتوبر 2010 (عيد الوحدة الألمانية) صرح كريستيان فولف(من الاتحاد الديمقراطي المسيحي) الذي كان يشغل وقتها منصب رئيس الجمهورية الألماني.
ماركوس زودر (من الاتحاد الاجتماعي المسيحي) رئيس وزراء ولاية بافاريا حالياًو الذي كان وزيراً للمالية في ولاية بافاريا حينها فقد صرح في العام 2012 بان الإسلام جزءاً من بافاريا.
بغض النظر عن المواقف المختلفة للأحزاب الألمانية من الإسلام علينا ان نطرح السؤال التالي: هل يشكل المسلمون قوة سياسية في المانيا يحسب لها أي حساب؟ ام هم الحيطة المايلة التي يتطاول عليها كل من هب و دب دون ان يخشى أي رد قوي و حازم؟
ان التشرذم و التفرقة يجعل من المسلمين في المانيا مجموعة لا قيمة و لا وزن لها سياسياً و تجعلهم يعيشون على هامش المجتمع و ليس لهم أي تأثير يذكر. ينطبق الأمر نفسه على أبناء الشعوب العربية الذين تفرقهم القطرية التي صنعها الاستعمار،و الهوية هل هي عربية ام إسلامية كما تفرقهم الطائفية التي دمرت بلادهم و فتتت مجتمعاتهم و قتلت أبنائهم و هجرت العديد منهم.لا نرى بان هناك تناقضاً بان يكون العربي مسلماً يحترم الأديان الأخرى، إذ علمنا ديننا الإسلامي احترام الأديان السماوية كلها و احترام الانسان بغض النظر عن جنسيته و دينه.
علينا كعرب و مسلمين ان نبتعد عما يفرقنا و ان نوحد جهودنا في بلاد المهجر لنكون مواطنين صالحين للمجتمعات التي نعيش بها و لمجتمعاتنا التي ولدنا و ترعرعنا بها. يجب ان نبني جسور المحبة و التفاهم و الاحترام المتبادل بين بلادنا الأصلية و بلاد المهجر. يجب ان نبتعد عن ان نكون اداةً في ايدي قوى اجنبية تريد تنفيذ اجنداتها الخاصة و تعمل ضد مصالح شعوبنا العربية و الإسلامية. إذا نجحنا في ذلك فسنصبح قوةً لا يستهان بها يحسب لها ألف حساب. فهل ما زلت أحلم؟ فليكن. دعونا نحلم و نعمل لتحقيق حلمنا.