الرئيس الجزائري الجديد

1

 
فارس بن حزام
 
 
عند كل أزمة تصيب الجزائر، تجد من يتصدى لها ويعالجها، سواء إيجاباً أم سلباً، أما في أزمتها الحالية فالوضع بدا تائهاً؛ فالرئاسة مشغولة بتنصيب رئيس خارج الخدمة، والجيش بقيادة متعددة الآراء، والمؤسسة الأمنية أُفقِدت دورها.
 
 
اليوم الأحد، نهاية استقبال طلبات الترشيح للرئاسة. الرئيس عبدالعزيز بو تفليقة لم يقدم أوراقه، ونقل على عجل إلى سويسرا للفحص وربما يعود هذا اليوم أو يبقى في مشفاه، وعودته للترشح إعلان رسمي للتصعيد، وغيابه باب مفتوح لاحتمالات صعبة، بعضها مكشوف وكثير منها غامض.
 
هذا الغياب حفّز رافضي الترشح لتنظيم تظاهرة جديدة اليوم الأحد، إذ لم تكن مجدولة. وهنا يكمن الخطر، فربما يغيب عنها التنظيم والانضباط، وتنزلق إلى العنف المأمول لفرض قانون الطوارئ، فتؤجل الانتخابات وتحظر المظاهرات؛ المظاهرات تبدأ جميلة ومنظمة ويتغزل بها الكثير، ولكن التاريخ يقول كثيراً ما تنزلق إلى العنف، وكل ما تحتاجه شرارة صغيرة.
 
وبلد مثل الجزائر ذاق مرارة العبث بالديموقراطية، وأهله ينفرون من تذكر دمويتها، والقوى الحاكمة تعلم جيداً أن خياراتهم محدودة اليوم، فالبلاد بلا قائد؛ الرئيس في المستشفى، وعمق الجيش تبدل حديثاً، والمؤسسة الأمنية لم تعد قادرة على التوفيق بين الجميع، أسوة بمبادراتها في الأزمات السابقة، عندما كانت رسولاً بين الرئاسة والجيش.
 
ومن دون الدخول في الأسماء المتداولة، الجزائر اليوم بحاجة إلى رسول يجمع المختلفين على الأسماء البديلة، فالواقع يقول أن الرئيس بو تفليقة صار من الماضي، والمعضلة في الاختيار بين البدلاء من رجال النظام الحاليين والمعزولين.
 
ويتذكر الجزائريون عندما أدى الرئيس بو تفليقة القسم عام 2014، كان واضحاً أن صحته لا تسمح باستكمال ولايته الرابعة. أمد الله في عمره بكثير من التعب، واليوم لا يوجد مخرج سياسي يبقي احترامه رئيساً تاريخياً، إلا أن يبقى حيث هو تحت العلاج، وتمضى البلاد إلى مسارين؛ إما انتخابات بمرشحين جدد، أو تأجيلها وتعيين نائب رئيس بصلاحية الرئيس، إلى حين قيام مجلس دستوري، يكون قاعدة قانونية لحماية البلاد، ويؤسس لمرحلة جديدة اسمها «الجمهورية الثانية»، وهذا طلب عمره 57 عاماً، أي منذ الاستقلال، وينادى به عند كل أزمة دستورية، وأعلاها قبل ثلاثة عقود، قبل أن يتحايل عليه الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، ويكتفي بتعديل يسمح بتعددية حزبية غير منضبطة أضرت النظام السياسي ولم تنفعه.
 
ستعيش الجزائر أياماً عصيبة، واليوم الأحد حابس للأنفاس.

التعليقات معطلة.