مقالات

{الرد الذي ليس بعده رد}

حسن فليح /محلل سياسي

هكذا اسرائيل تريد ردا حاسما وصارما لاتقوى ايران من بعده بمحاولة الرد ، ويبدو ان تدارس الموضوع في مجلس الحرب الاسرائيلي ليس بصدد ان ترد اسرائيل على ايران أم لن ترد ، وانما بكيفية الرد الذي يضمن تماما بعدم قدرة ايران على المواجهة ومنعها من استيعاب الضربة وكذلك منعها من الاستعداد للرد وشل قدرتها تماما لان اي خطأ يقف دون تحقيق ذلك المبتغى يُعد خطئاً كبيرا وقاتلا وسيعرض اسرائيل لمزيد من القصف وربما الى التدمير وسيشعل حربا طويلة الامد لاتستطيع اسرائيل تحملها ؟ أفادت القناة 12 العبرية أن جلسة مجلس الحرب الإسرائيلي قررت، اليوم الاثنين، “إيذاء إيران وإيلامها من دون أن تسبّب حرباً شاملة”، في سياق الرد الإسرائيلي المرتقب على الهجوم الإيراني. وقالت القناة إن المشاورات تتواصل بشأن خيارات للرد بدرجات متفاوتة، ما بين ردود صغيرة نسبياً وأخرى أكثر قوة وشدّة. كما ناقشت الجلسة، التي انتهت مساء، بعض الردود التي يمكن تنفيذها على الفور ، السؤال المهم كيف يتم ايذاء ايران وأيلامها دون ان تُسبب بحرباً شاملة ؟ هنا علينا ان نقرأ مابين السطور ونحلل هذا الكلام السياسي والذي يحمل بين طياته التفسيرات والمعاني الكثيرة ، ومن الواضح جدا ان اسرائيل “لن تغمض لها عين ومفاعلات ايران النووية لم تدمر” تشعر اسرائيل أن التهديد الوحيد والجدي الذي يهدد الوجود الاسرائيلي هو النووي الايراني ، ولا شيء غير ذلك، وان مسرح الاحداث فيما يخص الشؤون العسكرية والسياسية بالمنطقة بات مُهيئا لهكذا عمل خطير ، وقد نجحت اسرائيل باستدراج ايران لهذا الفخ الكبير !! حيث لايمكن ان ترد اسرائيل بأقل من هذا الهدف علما ان كل الاهداف الاخرى لاتساوي شيئا بالمقارنة مع هذا الهدف الحيوي والاستراتيجي بالنسبة لها ، حتى وأن ردت ايران بعد تحقيق هدف تدمير مفاعلات ايران النووية ليس هناك خشية على امن اسرائيل وديموتها خصوصا بعد التجربة والمظاهرة العسكرية التي قامت بها ايران يوم 4/14 ورأينا كيف تساقطت كالجراد طائراتها المسيرة واصواريخها ، ان خيار الرد مفتوح الان امام اسرائيل كون الرد الايراني الذي حدث مؤخرا من حيت حجم وكمية السلاح الذي استهدف اسرائيل كان بمثابة “اعلان حرب” ، علما ان ذلك الرد ومايمثله اصبح ثقيلا جدا على ايران ومن معها بالمنطقة وأعطى المبرر القانوني والسياسي لاسرائيل ان تفعل ماتشاء ، هذا التحليل الواقعي لمعطيات الاحداث المباشرة والظاهرة للعلن ، اما مايحدث في بواطن الامور ربما شيئا اخر ومختلف كليا لما ذكرت !! يذكرني هذا المشهد بما فعله صدام بغزو الكويت الذي اعطى المبرر لامريكا ايظا ان تفعل ماتشاء !! وفي حديث قديم للاستاذ والكاتب السياسي حسن العلوي في معرض حديثة عن احتلال العراق للكويت وضمها اليه حيث قال ان الشعب العراقي فرح بضم الكويت للعراق لسببين الاول ستعود الكويت عليهم بالمنفعة الاقتصادية الكبيرة او تكون السبب الحاسم بتخليصهم من نظام صدام حسين، والنتيجة لم يستطيع العراق الاحتفاظ بالكويت ولم يتم اسقاط نظام صدام حسين حينذاك في عام 91 !! اليوم وفي خضم الصراع الحالي بين ايران واسرائيل العرب فرحين كونهم سيتخلصون من احد اعدائهم الازليين كنتيجة حتمية لهذا النزاع ، أن الذي نخشاه ان لا أحد من ايران ولا اسرائيل سيتأثران من هذا الصراع بشكله المتوقع الذي يفرح العرب ، وقد لا يعدو كونه استمرار للمسرحية التي بدأت في فصلها الاول يوم 4/14 لاستدراج العرب لها بطريقة او باخرى ويصبح العرب حينها الحطب لتلك المنازلة المشوبة بالحذر وعدم جديتها ، الشيء الوحيد الذي يؤكد مصداقية الصراع وجديته هو ان تكون الضربة الاسرائيلية المرتقبة حاسمة وقاضية وناجزة وماعدى ذلك على العرب الحذر واليقظة الشديدة ، وسنصبح حينها ساحة مفتوحة للصراع الكاذب وتداعياته الخطيرة .