قسم الصحه

السرطان يستقوي على العراقيين بالتلوث

سجلت معدلات الإصابة بمرض السرطان في العراق على مدى السنوات القليلة الماضية ارتفاعًا مقارنة بمعدلاتها في السنوات الاولى التي اعقبت الغزو الاميركي للبلاد عام 2003، وذلك بسبب تفاقم مشاكل التلوث البيئي لا سيما في المحافظات الجنوبية.
وقال المتحدث باسم وزارة الصحة العراقية، سيف بدرإن “المعدل السنوي للإصابة بمرض السرطان في العراق يبلغ 2500 حالة إصابة، بينها 20 بالمئة إصابات بسرطان الثدي”.
ويحتل سرطان الثدي المرتبة الخامسة بين أنواع السرطان المسببة للوفاة بالعالم، بـ571 ألف حالة وفاة من أصل 8.8 مليون حالة وفاة، عام 2015، وفق منظمة الصحة العالمية، فبراير/ شباط.
وأوضح بدر أن “المعدل السنوي يشكل من 11 إصابة إلى 15 إصابة بين كل 100 ألف شخص، وهو ضمن المعدلات الطبيعية المسجلة في المنطقة المحيطة بالعراق، وحتى بعض الدول الأوروبية”.
ونوّه إلى أن المجلس الأعلى للسرطان المرتبط بوزارة الصحة سيصدر نهاية العام إحصائية شاملة بعدد المصابين بمرض السرطان في العراق.
وتابع ان “الارتفاع الحاصل في الاصابات ببين عامي 2003- 2017 يعود الى ارتفاع عدد السكان الذي يتناسب طرديا مع الاصابات بالسرطان”.
ويعاني العراق من تلوث الماء والهواء والتربة الناجم عن انبعاثات السيارات والمولدات الكهربائية في المناطق المزدحمة، والإسراف في استخدام الأسمدة الكيميائية، إضافة إلى مخلفات الحرب والقصف باليورانيوم المنضب.
والسرطان هو أحد أهمّ أسباب الوفيات في أرجاء العالم، وبلغ عدد الحالات الجديدة للإصابة به 14 مليون حالة تقريباً عام 2012، وحصد، في 2015، أرواح 8.8 مليون شخص، بمعدل حالة وفاة واحدة بين كل 6 حالات وفاة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
زيادة بعد 2003
ولا تعطي الجهات الحكومية في العراق إحصاءات دقيقة وشاملة لعدد مرضى السرطان خلال السنوات الماضية.
وتفيد أرقام وزارة الصحة بأن أكثر من 25 ألف إصابة بالسرطان مُسجلة في العراق حتى الآن، أغلبها بسبب مخلفات الحرب وبعض أنواع الذخائر والأسلحة التي استخدمت خلال غزو العراق عام 2003.
وتزايدت معدلات الإصابة بمرض السرطان في العراق، وخاصة في محافظات الجنوب بعد عام 2003.
وفي تصريحات سابقة لعضو مجلس السرطان في العراق(حكومي) جواد العلي عام 2008، قال فيها ان حالات الإصابة بمرض السرطان في المنطقة الجنوبية بلغت 1885 حالة في عام 2005، وارتفعت في عام 2006 إلى 2302 إصابة، وفي عام 2007 بلغ عدد المصابين بالسرطان 3071.
ويعزو مختصون هذا الارتفاع إلى التعرّض للتلوث الذي تشهده البيئة في محافظات الجنوب، إضافة الى مخلفات الحروب المتواصلة منذ ثمانينيات القرن الماضي، وهي: الحرب العراقية-الإيرانية (1980-1988)، وحرب الخليج، عام 1991، والغزو الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية للعراق، عام 2003.
ملوثات بيئية
من جانبها، اعتبرت منال وهاب عضوة لجنة الصحة والبيئة في البرلمان العراقي أن “أخطاء اقترفتها الحكومة فاقمت أزمة مرض السرطان في البلاد”.
وأوضحت وهاب، أنه “بعد دمج وزارة البيئة المختصة بمعالجة الملوثات بوزارة الصحة أصبح عملها منخفضًا، وبالتالي تعاني المحافظات الجنوبية اليوم من نسب مرتفعة من الملوثات البيئة، منها: مياه الصرف الصحي ومياه الأنهار ومخلفات الحروب ومخلفات عمليات الاستخراج النفطي”.
وأشارت البرلمانية العراقية إلى أن “بعض المستشفيات (لم تسمها) تلقي مخلفاتها بمياه الأنهار دون أي معالجات تذكر”.
وحذرت من أن “هذه مشكلة كبيرة، وبالتالي معدلات الإصابة بمرض السرطان في العراق في ارتفاع متواصل؛ بسبب عدم اتخاذ الإجراءات والحلول الكفيلة بخفض نسبة التلوث البيئي في المدن”.
ضعف العناية
ويعاني مرضى السرطان في العراق من شح الأدوية وضعف العناية في المراكز الصحية الحكومية لعلاج الأمراض السرطانية، ما يدفع أغلبهم إلى الاعتماد على أنفسهم في شراء الأدوية، أو السفر للعلاج بالخارج.
وقال الطبيب مراد أحمد، من دائرة الصحة في بغداد، إن “المراكز الصحية، سواء في بغداد أو في المحافظات، غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة لمرضى السرطان”.
وأضاف أحمد أنه في ظل “تصاعد الإصابات لا توجد كوادر (طبية) ولا أجهزة تكفي لمنح المرضى علاجًا منظمًا”.
وأوضح أن “هناك العديد من المراكز الصحية السرطانية تم افتتاحها في بغداد ومحافظات الجنوب، لكن مشكلة التخصيصات المالية، أثرت بشكل كبير على توفير الأدوية للمصابين بالسرطان، ما يدفع بعضهم إلى الاعتماد على أنفسهم في البحث عن العلاج، أو السفر خارج البلاد لغرض العلاج”.
وأشار الطبيب العراقي إلى أن “المئات من المصابين يغادرون البلاد سنويًا للعلاج في مستشفيات الأردن وإيران وتركيا، وغيرها من الدول”.
ولفت إلى أن “هؤلاء لا تمتلك وزارة الصحة العراقية أي إحصاءات رسمية عنهم، كونهم يختارون العلاج في الخارج، بسبب قلة الاهتمام في المستشفيات الحكومية والمراكز المختصة”.
وانضم العراق، عام 2007، إلى معاهدة أوتاوا، وهي تطالبه بتطهير أراضيه من الألغام وبقية مخلفات الحرب، بحلول عام 2018، بهدف تحسين البيئة عبر مكافحة كافة أنواع الملوثات.