اخبار سياسية محلية

السنّة يعودون إلى أحضان علاوي

جاءت خارطة التحالفات السنية لخوض الانتخابات التشريعية المقرر تنظيمها في أيار (مايو) المقبل معاكسة تماما لواقع هذه الأحزاب المتناحرة، فالهجوم الذي شنه تنظيم “داعش” على المدن السنية في الانبار والموصل وصلاح الدين وديالى عزز الخلافات بينهم وساهمت في صعود شعبية أحزاب مقابل هبوط شعبية أخرى.
وقرر الحزب الاسلامي بزعامة سليم الجبوري رئيس البرلمان وحزب “العربية” بزعامة صالح المطلك التحالف مع رئيس ائتلاف “الوطنية” بزعامة نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي، بينما ابرم اسامة النجيفي نائب رئيس الجمهورية تحالفا مع رجل الاعمال السني خميس الخنجر المعروفين بتبني مشروع الاقليم السني لخوض الانتخابات معاً.
خارطة التحالفات السنية الجديدة تؤكد من جديد معضلة القوى السياسية السنية في كثرة تشظيها، اذ تفككت التحالفات السنية التي افرزتها الانتخابات التشريعية السابقة في العام 2014 وذلك أحد نتائج احتلال “داعش” للمدن السنية وافرزت معارك ضارية على مدى ثلاث سنوات تعرضت خلالها محافظات الانبار والموصل وصلاح الدين الى دمار كبير.
“الحزب الاسلامي” العراقي بزعامة رئيس البرلمان سليم الجبوري، وائتلاف “متحدون” بزعامة نائب رئيس الجمهورية اسامة النجيفي، وائتلاف “العربية” بزعامة صالح المطلك، وحركة “الحل” بزعامة جمال الكربولي، وحزب “الوطنية” بزعامة نائب رئيس الجمهورية إياد علاوي، و”المشروع العربي” بزعامة رجل الأعمال خميس الخنجر هم الممثلون الاساسيون للسنة في العملية السياسية منذ العام 2003.
“الحزب الاسلامي” كان الخاسر السني الاكبر في انتخابات 2014 واضطر حينها للتحالف مع الشخصية السنية الصاعدة انذاك اسامة النجيفي، ولكن هذا الحزب الذي يمثل فرع الاخوان المسلمين في العراق تمكن خلال السنوات الاربعة الماضية من ترميم شعبيته بفضل رئيس البرلمان سليم الجبوري عبر التقارب مع الاحزاب الشيعية لمواجهة النجيفي الذي اصبح خصمه اليوم.
الجبوري أعلن عن تشكيل تحالف جديد باسم “التجمع المدني للإصلاح” دون استخدام اسم “الحزب الاسلامي” تماشيا مع تصاعد شعبية التيارات المدنية المطالبة بإصلاح العملية السياسية، بينما شكّل صالح المطلك الشخصية السنية العلمانية تحالفا جديدا باسم “الجبهة العراقية”، وقرر الجبوري والمطلك التحالف مع صديقهم القديم إياد علاوي.
وتسعى الاحزاب السنية الى تكرار أمجاد انتخابات عام 2010 عندما دخلوا في تحالف “القائمة العراقية” مع علاوي وفاز في المرتبة الاولى في الانتخابات بـ 91 مقعدا متفوقا على “ائتلاف دولة القانون” بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بمقعدين، ولكنهم رغم ذلك خسروا مهمة تشكيل الحكومة لتعارضه مع العرف السياسي الطائفي القائم على ان منصب رئيس الحكومة من حصة الشيعة.
ويبدو أن تصاعد شعبية التيارات المدنية وامتعاض العراقيين من الاحزاب الاسلامية هو ما دفع الاحزاب السنية للتحالف مجددا مع علاوي هذه المرة بعد ان تركوه لوحده في انتخابات العام 2014 عندما كان الاستقطاب الطائفي هو السائد في البلاد مع تنامي الخلاف بين السنة والشيعة ابان حكم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
ميسون الدملوجي المتحدث الرسمي باسم ائتلاف “الوطنية” تقول ان “انضمام قوى سنية الى تحالفنا لا يعني التخلي عن مبادئنا في نبذ المحاصصة الطائفية، وما زلنا نقف مع وحدة العراق ونسعى لتطبيق دولة المواطنة باعتباره الهدف الاسمى لنا”.
وتضيف ان “ائتلاف الوطنية فتح بابه لانضمام جميع الاحزاب السياسية التي تشاركنا الأهداف ولم نضع شروطا مسبقة بشرط عدم تبني اهداف طائفية تعارض مبدأ بناء الدولة وسيادة القانون، تحالفنا اليوم يضم اكثر من ثلاثين حزبا وحركة سياسية”.
في الجانب الآخر، تحالفت الاحزاب السنية التي تتبنى مشروع الاقليم السني وتحويل المحافظات السنية الى اقاليم مستقلة معا في تحالف واحد باسم “القرار العراقي” يضم كلا من اسامة النجيفي زعيم ائتلاف “متحدون” وخميس الخنجر رئيس حركة “المشروع العربي” واحمد المساري رئيس حزب “الحق الوطني” وسلمان الجميلي رئيس حزب “المستقبل الوطني”.
منذ احتلال “داعش” للموصل وباقي المدن المحافظات السنية اتهم النجيفي والخنجر الحكومة الاتحادية بالمسؤولية وراء انهيار المدن السنية بيد المتطرفين، وطالبوا بضرورة تحويل المحافظات السنية الى اقاليم مستقلة وفق قانون مجالس المحافظات الذي يسمح بتشكيل الاقاليم كما هو الحال في تجربة اقليم كوردستان، ولكن تطبيق ذلك واجه اعتراضات شيعية كبيرة.
ويتصارع “الحزب الاسلامي” ضد “متحدون” على النفوذ السياسي في الموصل، ويتصارع حزب “الوطنية” ومعه حركة “الحل” ضد “الحزب الاسلامي” على الانبار، بينما تتصارع جبهة “الحوار الوطني” و”الحزب الإسلامي” ضد حزب “الوطنية” في صلاح الدين.
ولكن التحالفات التي يقودها علاوي من جانب والنجيفي من جانب اخر قررت ايضا تشكيل تحالفات ثانوية داخل المحافظات السنية لضمان الحصول على اكبر قدر من المقاعد، فهناك احزاب جديدة ناشئة تسعى لمنافسة الاحزاب السنية التقليدية في هذه المحافظات.
أبرز القوى السنية الجديدة مقاتلو العشائر الذين حاربوا الى جانب الجيش والفصائل الشيعية وتسعى اليوم للمشاركة في الانتخابات بدعم من الاحزاب الشيعية، وايضا هناك وزراء ونواب سنة اعلنوا تحالفهم مع احزاب شيعية من اجل ضمان البقاء في مناصبهم.

“تحالف عابرون” بزعامة وزير الكهرباء قاسم الفهداوي ومعه عبد اللطيف هميم رئيس ديوان الوقف السني هو ابرز هذه القوى ، واعلنوا تحالفهم مع رئيس الوزراء حيدر العبادي ضمن تحالف “النصر”.
ولقطع الطريق على هذه التحالفات الجديدة في الحصول على مقاعد تذهب في النهاية لمصلحة الاحزاب الشيعية، شكّلت الاحزاب السنية التقليدية تحالفات ثانوية في المحافظات السنّية، مثلا “التحالف العربي في كركوك” الذي يضم احمد المساري وخميس الخنجر وصالح المطلك.
في صلاح الدين شكل الاخير وعلاوي تحالفا باسم “البيت العراقي” لخوض الانتخابات معا ومنافسة قوى سنية في المحافظة معروفة بقربها من الاحزاب الشيعية بينهم النائب المثير للجدل مشعان الجبوري اذ يقود ابنه يزن لواء من مقاتلي العشائر في صلاح الدين بدعم من الفصائل الشيعية.
النائبة عن الموصل نوره البجاري تقول ان “الشخصيات السياسية السنية هي نفسها التي ستشارك في الانتخابات ولكن هناك اختلافا في طريقة التحالفات وفقا لقاعدتها الشعبية، ومن المتوقع ان تتحالف هذه القوى معا بعد الانتخابات لمنافسة القوى الاخرى”.