العراقيون أمام صراع محاور وإرادات

1

في انتظار تصاعد «الدخان الأبيض» من مبنى البرلمان

بغداد: حمزة مصطفى

على الرغم من إنفاق مئات ملايين الدولارات على الانتخابات العراقية عبر دوراتها الأربع، بدءاً من الدعاية وانتهاء بالتنظيم والإجراءات الإدارية واللوجيستية، فإن مهمة الـ329 نائبا بعد أدائهم القسم هي، بلا شك، أكثر من مجرد الموافقة على ما يجري طبخه في الغرف السرّية أو المشادات الكلامية.

العراق بجد نفسه اليوم في قلب صراع المحاور الإقليمية والدولية، فضلاً عن أن الإرادات المختلفة الداخلية والخارجية تهيمن على الحراك السياسي العراقي في كل مراحله وفصوله.

وهي التي تقرر في النهاية ما يتوجب الأخذ به أو التخلي عنه حتى ظهور «الدخان الأبيض»، أي مؤشر النجاح في انتخاب رئيس البرلمان، ومن بعده رئيس الجمهورية، وإعلان الكتلة الأكثر عددا وترشيح ممثل عنها لتشكيل الحكومة.

ولكن هذا لن يأتي من مبنى البرلمان، الذي يفترض أن يكون «بيت الشعب»، بل من أمكنة أخرى بعضها شديدة التحصين أو السرّية.

اليوم، حين يفترض أن يكون البرلمان العراقي قد عقد جلسته الأولى منذ أكثر من أسبوع، بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على نتائج الانتخابات، فإن الكتل السياسية لم تتوصل إلى صيغة مناسبة بشأن الترشيح للمناصب الرئاسية الثلاث… ولذا جعلت الجلسة مفتوحة في مخالفة دستورية واضحة.

عن هذا الأمر، يتحدث الخبير القانوني أحمد العبادي لـ«الشرق الأوسط» شارحاً أن «الدستور العراقي لا يجيز بقاء الجلسة مفتوحة. وما يجري هو في الواقع مخالفة دستورية، لكن رئيس السن مضطر إلى الاستمرار في ترؤس الجلسات في ظل تعذّر حصول توافق بين الكتل السياسية التي تتحمل الخرق الدستوري». ويضيف العبادي: «الكتل الفائزة هي التي لم تلتزم بالسياقات والتوقيتات الدستورية الحاكمة على صعيد انتخاب الرئاسات، بدءاً من رئيس أصلي للبرلمان ونائبين له، ومن ثم فتح الترشيح لانتخاب رئيس للجمهورية وإعلان الكتلة الكبرى».

الخلافات الرئيسية تتمحور حول هوية «الكتلة الأكبر» التي جرى الحديث عنها طويلا خلال الشهور الماضية، والتي تركزت بين محورين شيعيين يمثلان الكتل الشيعية الخمس («سائرون» المدعومة من زعيم «التيار الصدري»، و«الفتح» بزعامة هادي العامري وتضم غالبية فصائل «الحشد الشعبي»، و«النصر» بزعامة رئيس الوزراء حيدر العبادي، و«دولة القانون» بزعامة رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، و«تيار الحكمة» بزعامة عمار الحكيم). غير أنه وبخلاف الدورات البرلمانية السابقة فإن البيت الشيعي الذي كان يمثله «الائتلاف العراقي الموحّد» أو «التحالف الوطني» فيما بعد، تفكك حاله حال تفكك البيتين السني والكردي. ومن ثم، لم يعد قادرا على فرص رؤيته بشأن اختيار الكتلة الأكبر، أو ترشيح شخص من داخل البيت الشيعي.

بناء عليه، بات لزاماً على المحورين الشيعيين المتصارعين: «النصر» و«سائرون» مقابل «الفتح» و«دولة القانون»، وبينما يشكل «تيار الحكمة» بيضة قبان لكليهما، الانفتاح على الكُرد والعرب السنة من أجل ضمهم إلى أي من الكتلتين. وعلى إثر ذلك تشكلت كتلتان داخل البرلمان العراقي خلال جلسته الأولى، كل واحدة منهما تدعي إنها الكتلة الأكبر من خلال جمعها أكبر عدد من تواقيع النواب وهما: كتلة «الإصلاح والإعمار» التي تضم العبادي والصدر والحكيم وعلاوي وهي تدّعي إنها جمعت 171 توقيعاً، تقابلها كتلة «البناء» التي تضم «الفتح» و«دولة القانون» التي تزعم أنها جمعت 150 توقيعاً. هاتان الكتلتان تسعيان راهناً إلى ضم الكُرد والعرب السنة إليهما من أجل تكوين غالبية مريحة لتمرير الحكومة التي تحتاج عند التصويت إلى 165 صوتاً.

في هذه الأثناء، بالنسبة للسنة والكرد، فإن أمر انضمامهما إلى أي من الكتلتين الشيعيتين (الإصلاح والإعمار) أو (البناء) ليس محسوماً برغم أن منصبي رئيسي البرلمان (حصة السنة) والجمهورية (حصة الكُرد) تحتاج إلى تصويت الشيعة لهما ما يجعل عملية الانضمام إلى أي من الكتلتين خياراً حتمياً. وفي هذا السياق يقول القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني شوان محمد طه لـ«الشرق الأوسط» إن «الكُرد ما زالوا لم يقرّروا بعد إلى أي من الكتلتين سينضمون على الرغم مما يجري الحديث عنه عن انضمامهم إلى هذه الكتلة أو تلك، أو القول إنهم قريبون من هذه الكتلة أو تلك». وأضاف طه أن «الكُرد لديهم مطالب لا شروط مثلما يدعي البعض، من أجل حسم خيارهم بالانضمام إلى الكتلة الأكبر، علما بأن هذه المطالب كلها دستورية… بدءاً من المادة 140 من الدستور إلى الموازنة إلى التوازن إلى البيشمركة وبناء دولة مواطنة عراقية حقيقية». بيّن القيادي الكردي أن «المباحثات تجري مع كل الأطراف في هذا الإطار».

من جهته فإن محمد الكربولي النائب السنّي عن محافظة الأنبار قال لـ«الشرق الأوسط» إن «السنة توزّعوا بين كتلتي (الإصلاح والإعمار) و(البناء) طبقاً لرؤية كل طرف سنّي لمصلحته أو مصلحة المناطق التي يمثلها، والتي تحتاج إلى جهود جبارة لجهة إعادة إعمارها وعودة ما تبقى من النازحين… فضلا عن إطلاق سراح السجناء والمغيبين». وأضاف الكربولي أن «الحوارات السياسية ما زالت مستمرة مع كل الأطراف لجهة حسم منصب رئيس البرلمان الذي هو الاستحقاق الأول، والذي حسم لصالح مرشحنا نحن (تحالف القوى العراقية) محمد الحلبوسي».

بين ماكغورك وسليماني

واقع الأمر، لم تشهد عملية تشكيل حكومة عراقية خلال الدورات الثلاث الماضية من التدخلات الخارجية الإقليمية والدولية ما شهدته الحكومة الحالية، التي بات من الواضح أنها رهينة الصراع الأميركي – الإيراني. ويجسد هذا الصراع وجود المبعوثين الأميركي بريت ماكغورك والإيراني قاسم سليماني وما يجريانه من حوارات مكثفة مع كل الأطراف من أجل حسم التشكيلة بدء من الكتلة الأكبر.

وعلى الرغم من تعدد مساحة التحرّك لكلا المبعوثين، فإن رؤيتيهما غالباً ما تتأثران بمجريات الصراع بين واشنطن وطهران، واستمرار العقوبات الأميركية على إيران والموقف العراقي منها. وهو ما تسبب لرئيس الوزراء حيدر العبادي بأن يدفع ثمناً باهظاً حين أعلن التزامه بهذه العقوبات. وعلى الرغم من تراجعه النسبي، فإن مجرد الإعلان عن ذلك أخرج العبادي من «المعادلة الإيرانية» على صعيد الأسماء التي تؤيدها أو لا تعارضها طهران لرئاسة الحكومة المقبلة. في المقابل، تمسكت به واشنطن وحده إلى الحد الذي جعل مناوراتها تضيق حيال الأطراف الأخرى، لا سيما، بعد تطور مظاهرات البصرة التي صبت في مصلحة التيار المناوئ للعبادي، وهو ما جعل فرصه في ولاية ثانية تضعف كثيراً، حسب المراقبين السياسيين. وفي هذا السياق، يرى الدكتور خالد عبد الإله، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، في حوار مع «الشرق الأوسط» أن «ما يحدث في البصرة يدخل في إطار الصراع السياسي ما بين كتل متنافسة حول تشكيل الحكومة المقبلة، كما يدخل في إطار تشكيل الكتلة الأكبر». وأردف: «الصراع السياسي وصل إلى مراحل خطيرة لأنه ليس صراعاً على السلطة فقط، بل هو أيضاً صراع على النفط وعلى الموانئ وتقاسم المغانم والمكاسب. وبالتالي. فإن الحل يكمن في إبعاد جميع المؤثرات للأحزاب السياسية العراقية، بما فيها التدخلات الإقليمية والدولية».

أما الناطق الرسمي السابق باسم الحكومة العراقية الدكتور علي الدباغ، فيقول في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن «من الواضح أن المظاهرات أخذت مساراً لا يعبّر فقط عن الغضب الشعبي من الشباب اليائس والمحبط، الذي لا يجد فرصة عمل فضلا عن أبسط مقومات حياته، وهو ماء الشرب في أغنى مدينة على وجه الأرض… هذا المسار المختلف الذي حرق مؤسسات الدولة وهاجم المرضى والمستشفيات يستهدف كل العراق والمتظاهرين الغاضبين، وأيضاً يعكس الصراع العنيف الداخلي والإقليمي والدولي على العراق». ويتابع الدباغ بأنه «إذا كانت أجندات إيران وأميركا لا تلغي إحداها الأخرى في العراق، فإننا نجد الآن استقطاباً واضحاً في خطابات السياسيين الذين يهددون بإسقاط حكومة منافسهم خلال شهر إن استطاع تشكيلها. وهذا يعكس حقيقة أن الأجندات أخذت طابع الإلغاء نتيجة ما نشهده من تطور النزاع بين إيران والولايات المتحدة، في حين لا تستطيع الحكومة إدارة الأزمة، التي تدور منذ أكثر من شهر… ومع ذلك لم يستطع رئيس الوزراء العبادي احتواءها ومعالجتها لتفويت الفرصة على مشاهد التدمير والحرق المنظم لمنشآت الدولة».

بين «الفتح» و«سائرون»

معروفٌ أن كتلة «سائرون» المدعومة من زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر احتلت المرتبة الأولى في الانتخابات (54 مقعدا)، بينما احتلت كتلة «الفتح» التي يتزعمها هادي العامري المرتبة الثانية (47 مقعدا). وعلى الرغم من انتماء كل من الكتلتين إلى معسكرين شيعيين متنافسين ضمن صراع الكتلة الأكبر («سائرون» ضمن محور «الإصلاح والإعمار») و(«الفتح» ضمن محور «البناء») فإن هناك رغبة كبيرة في أن تشترك الكتلتان في تشكيل الحكومة المقبلة. ولعل الشروط التي وضعتها المرجعية الدينية في النجف لمن يتولى رئاسة الحكومة المقبلة، على ألا يكون ممن كانوا مشاركين في السلطة على مستوى الإدارات التنفيذية، سهّلت كثيرا طريقة الحوار بين زعيم «التيار الصدري» مقتدى الصدر وزعيم «الفتح» هادي العامري.

وفي هذا السياق، قال سياسي عراقي، فضل التكتم على اسمه لـ«الشرق الأوسط»، إن «جسور العلاقة لم تنقطع بين زعيم (الفتح) هادي العامري مع زعيم (التيار الصدري) مقتدى الصدر بمؤازرة واضحة من زعيم (العصائب) قيس الخزعلي، الذي بات يملك 15 مقعدا في البرلمان العراقي، وذلك لجهة أن تشترك (سائرون) في الحكومة القادمة من منطلق أن اشتراكها في حكومة تمثل جناحها الآخر (بدر) و(العصائب) يمثل ضمانة لهدوء الشارع… وذلك لأن لدى كل هذه الأطراف شارعها وسلاحها». ويضيف السياسي العراقي أن «الصدر كان قد مضى بعيداً في تحالفاته منذ البداية بعيداً عن الاثنين، خصوصاً، لجهة تقاربه مع (حيدر) العبادي زعيم (النصر) و(عمار) الحكيم زعيم (تيار الحكمة) و(إياد) علاوي زعيم (الوطنية)، بالإضافة زعيم (ائتلاف القرار) أسامة النجيفي، لا سيما، أن قائمة الصدر تتصدر النتائج بوصفها الفائزة الأولى… وهو ما يعني أنه لا يريد أن يكون ملحقا لأحد، بل يريد من الآخرين الانضمام إليه».

وردا على سؤال بشأن أسباب التقارب السريع بين الطرفين، يعتقد السياسي العراقي أن «العقدة كانت بالنسبة للصدر هي المالكي زعيم (دولة القانون) المتحالف مع (الفتح)، بينما يمثل العبادي عقدة بالنسبة لجماعة (الفتح) لأنه لم يعد مرغوبا به من الجانب الإيراني.. مع أنه حتى وقت قريب كان مرحباً به في الانضمام إلى ذلك المحور، شريطة أن يكون مرشحاً بين المرشحين لا المرشح الوحيد مثلما يريد هو».

ويتابع السياسي العراقي شارحاً أن «ما صدر عن مرجعية النجف أخيراً شكل نقلة نوعية في العلاقات بين الطرفين… أو بالأصح تم استثمار أجوائها لأن المرجعية دعت إلى المجيء بوجوه جديدة. وهو ما أدى إلى التعجيل بتطوير العلاقة بين (الفتح) و(سائرون)… ما بات يثير مخاوف داخل ائتلاف (دولة القانون) لجهة إمكانية انسلاخ (الفتح) عنه وتكوينها كتلة مع (سائرون)، وكذلك مخاوف لدى (النصر) و(تيار الحكمة) وذلك لجهة انسلاخ (سائرون) عنهما ما يعني نهاية كتلتي الإصلاح والإعمار والبناء».

وبشأن ما إذا كانت حظوظ العبادي تراجعت يرى السياسي العراقي إن «هناك، بلا شك، متغيرات قد لا تصب في صالح العبادي، وخاصة، أنه تم تصويره وكأنه خيار الولايات المتحدة الوحيد، في حين لم تطرح إيران بعد مرشحاً محدداً لكي تدعمه… بل تبدو وكأنها تسعى إلى تكوين كتلة ترضى عليها… وهي ترشح من تشاء. ولذا تبدو مناوراتها أكبر لكن هذا لا يعني أن العبادي خرج من التنافس».

وفي السياق نفسه يقول نعيم العبودي، عضو البرلمان العراقي عن تحالف «الفتح» لـ«الشرق الأوسط» بشأن التقارب بين «سائرون» و«الفتح»… وما إذا كان سيفضي إلى تحالف أنه «حتى هذه اللحظة، التقارب والتفاهم بين (الفتح) و(سائرون) لا يعد تحالفاً، وإنما هو تفاهم وتقارب حول شخص رئيس الوزراء، وكذلك دعم من سيكون رئيسا للبرلمان، وكذلك رئاسة الجمهورية… وبالتالي، هو ليس تحالف». واستطرد العبودي قائلا: إن «مع التقارب والتفاهم بين (سائرون) و(الفتح) لم يعد هناك ضير إزاء مَن سيكون هو الكتلة الأكثر عدداً، وسوف ننتظر أيضا قرار المحكمة الاتحادية». وأشار، مكرّراً، إلى أن «المساعي بين (الفتح) و(سائرون) الآن هي التنسيق والتفاهم والاتفاق على شخص رئيس الوزراء بصرف النظر عمّن ستكون هي الكتلة الأكثر عددا».

العرب السنة ورئاسة البرلمان

> تفكّك البيت السنّي انسحب بالضرورة على مرشحهم لرئاسة البرلمان بوصفه حصّة المكوّن السنّي. لكن تعددية الكتل السنّية («تحالف القرار» و«تحالف القوى العراقية» و«المشروع العربي»، وجزء من ائتلاف «الوطنية» و«بيارق الخير») أدت بالضرورة إلى تعدّدية المرشحين لهذا المنصب، الذي كان في الدورات الماضية يحسم حاله حال منصب رئيس الجمهورية والوزراء داخل المكوّن نفسه.

المرشحون لمنصب رئيس البرلمان من العرب السنة 9 مرشحين هم: محمد الحلبوسي وأسامة النجيفي وأحمد عبد الله الجبوري وخالد العبيدي ومحمد تميم وأحمد خلف الجبوري وطلال الزوبعي ورشيد العزاوي ومحمد الخالدي. وبسبب تمسك كل مرشح أو ككل كتلة من الكتل السنيّة بمرشحها، صار ضرورياً التصويت عليهم مرة داخل البيت السنّي ومرة أخرى – وهي الأهم – داخل البرلمان خلال جلسة السبت، لكن عبر الفضاء الوطني، وهو ما يعني أن يكون للشيعة والكُرد رأيهم في اختيار المرشح السني لرئاسة البرلمان.

بسبب ذلك توزّع المرشحون السنة الـ9 على الكتلتين الشيعيتين الكبيرتين (الإصلاح والإعمار) و(البناء). وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط» يقول أحمد الجبوري، النائب عن حركة «تمدّن» وأحد المرشحين التسعة لرئاسة البرلمان، إن «الاتفاق صار أن يُحسم أمر المرشح للمنصب داخل الفضاء الوطني بالتصويت داخل البرلمان. وهو ما يعني أن يكون للشيعة والكُرد رأيهم الحاسم في ترجيح كفة المرشح السنّي لهذا المنصب. وفي تفسير ذلك، يقول أثيل النجيفي، محافظ نينوى السابق والقيادي في تحالف القرار لـ«الشرق الأوسط» إن «المجموعة السنّية بأجمعها لا تمثل ثقلاً عددياً في البرلمان، يقابلها مجتمع محبط ويائس من العملية السياسية ومن المستقبل، وغير راغب بالمشاركة في الانتخابات».

ويضيف النجيفي أن «السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو… هل تنجح الأغلبية البرلمانية من المكوّنات الأخرى باختيار شخص يمكنه أن يبعث الأمل بمستقبل العمل السياسي في العراق… أم تستمر في إقصاء الشخصيات الموثوقة وإعطاء الفرصة للفاسدين لكي يُمعنوا في إحباط المجتمع».

.. والكُرد ورئاسة الجمهورية

ما ينطبق على العرب السنة على صعيد رئاسة البرلمان ينطبق بشكل أو بآخر على الكُرد لجهة كون منصب رئيس الجمهورية من حصتهم. وعلى الرغم من توزّع الكُرد على ثلاثة اتجاهات تمثلها ثلاث قوى هي: الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني، وأحزاب المعارضة الكردية التي تمثل حركة التغيير والجيل الجديد والجماعة الإسلامية فضلا عن «تجمع العدالة والديمقراطية» الذي يتزعمه الدكتور برهم صالح نائب الأمين العام السابق للاتحاد الوطني الكردستاني على عهد الراحل جلال طالباني.

في العادة، فإن منصب رئيس الجمهورية بقي خلال الدورات البرلمانية الثلاث الماضية من حصة الاتحاد الوطني الكردستاني (شغله جلال طالباني، الأمين العام السابق للاتحاد الوطني، ويشغله حالياً الدكتور فؤاد معصوم القيادي البارز في الاتحاد) مقابل بقاء رئاسة «إقليم كردستان» من حصة الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود بارزاني. ولكن هذه المرة، لا سيما بعد الاستفتاء الكردي الذي أجري العام الماضي ولم يحقق أهدافه، يبدو أن أولويات الحزب الديمقراطي الكردستاني تغيّرت بحيث صار يطالب بمنصب رئاسة الجمهورية في بغداد.

مع هذا، طبقاً لقيادي كردي بارز تحدث «الشرق الأوسط» طالبا إغفال ذكر اسمه، فإن «ما يقوم به الحزب الديمقراطي الكردستاني مجرد مناورة… لأن عينه دائماً ليست على بغداد، وليس لديه مرشحون يمكن أن يكونوا محل إجماع في بغداد».

وتابع أن «الاتحاد الوطني الكردستاني يعرف أن شريكه يناور لأنه يريد منه الحصول على أكبر قدر من المكاسب والامتيازات مقابل التخلي عن منصب رئاسة الجمهورية، وهذه المكاسب تتمثل في إطلاق يد الحزب الديمقراطي في كردستان من حيث المناصب، بما فيها رئاسة الحكومة بعد إلغاء منصب رئيس الإقليم فضلاً عن الحصول على وزارات سيادية في بغداد».

ومثل العرب السنة يتعدّد المرشحون لهذا المنصب داخل البيت الكردي. ففي حين يطرح فيه الحزب الديمقراطي الكردستاني اسمي وزير الخارجية السابق هوشيار زيباري وفؤاد حسين للمنصب فإن الاتحاد الوطني لديه ثلاثة مرشحين هم الرئيس الحالي فؤاد معصوم ومحمد صابر ولطيف رشيد. غير أن ثمة متغيراً قد يكون مهماً هو دخول برهم صالح، القيادي البارز وأمين عام «تجمع العدالة والديمقراطية»، على خط الترشيح مدعوماً من قيادات بارزة داخل الاتحاد الوطني.

 

التعليقات معطلة.