هاني سكر بدأ ليفربول بوضع اللمسات الأخيرة على عقد انتقال مدرب فينورد الهولندي آرني سلوت (45 عاماً)، ليكون خليفة يورغن كلوب الذي سيرحل عن الفريق نهاية الموسم الحالي.
هذا الخبر أعلنه سلوت ذاته بتصريح أكد فيه رغبته بتدريب ليفربول، مشيراً إلى أن أمر الاتفاق أصبح بيد الناديين في ظل التزامه بعقد مع حامل لقب الدوري الهولندي، لكنه لم يخف رغبته الواضحة بالذهاب إلى ميرسيسايد وخوض أول تجربة بمسيرته الكروية، سواء لاعباً أو مدرباً خارج هولندا حيث خاض مسيرته بالكامل داخل بلده، لكن رغم ذلك اختارت إدارة ليفربول عدم النظر إلى هذا الجانب.
قاد سلوت فينورد للفوز بلقب الدوري الموسم الماضي بعد انتظار دام 7 سنوات ووصل معه أيضاً لنهائي دوري المؤتمرات في 2022 وربع نهائي الدوري الأوروبي 2023 وفي المرتين خسر من روما مورينيو، علماً أنه يحتل المركز الثاني بالدوري هذا الموسم بفارق 9 نقاط عن آيندهوفن المتصدر.
الإحصائية التي لن تعجب جمهور ليفربول عن سلوت هي أن فريقه أهدر 90 فرصة محققة هذا الموسم مقابل تسجيل 80 هدفاً، وواحدة من أهم مشاكل ليفر هذا الموسم كانت الفرص المهدرة حيث أضاع الفريق 70 فرصة بالمتناول أي 5 فرص أكثر من مانشستر سيتي الذي سجل 5 أهداف أكثر من الريدز!
،لكن بالمجمل يبدو سجلّ سلوت واعداً فمسيرته داخل هولندا كانت مليئة بالنجاحات وموهبته التدريبية كانت واضحة منذ أن كان لاعباً حيث يقول برام فان بولين، أحد زملائه السابقين في زفوله، أن سلوت كان يتصرف تقريباً كمدرب بسنواته الأخيرة قبل الاعتزال.
وبعدما وضع حداً لمسيرته كلاعب بدأ سلوت تدريب فريق الصغار في زفوله، قبل أن يصبح مساعداً لمدرب كامبور اعتباراً من صيف 2014، ورغم هبوط النادي نهاية الموسم والتخلي عن المدرب قرر النادي الاحتفاظ بسلوت كمدرب مؤقت رفقة زيبكه هولشوف. والنتائج الجيدة أقنعت النادي للاحتفاظ بهما ليحقق كامبور مفاجأة كبيرة بوصوله لنصف نهائي البطولة للمرة الأولى بتاريخ النادي وإقصائه حامل الرقم القياسي أياكس رغم وجوده بالدرجة الثانية، وبعد تسلم سلوت منصب المدرب تقدم الفريق من المركز الـ14 للـ3 ليتأهل لملحق الصعود للدوري ورغم فشله بتجاوز ملحق الصعود لكن بقي هذا الموسم تاريخياً بالنسبة للجمهور.
هذا النجاح مهد لسلوت للانتقال لألكمار، الذي أقصى كامبور من نصف نهائي الكأس في 2017، وعاد سلوت للعمل مساعداً للمدرب لكن ثقة النادي بأفكاره وإبداعه منحته الفرصة ليصبح مدرباً منذ بداية موسم 2019\2020 الذي حقق فيه ألكمار رقماً قياسياً بتسجيل 19 نقطة بأول 8 جولات للمرة الأولى بتاريخه، لكن تم إلغاء الموسم بعدها بسبب انتشار فيروس كورونا بالوقت الذي كان فيه ألكمار يتأخر بفارق الأهداف عن أياكس، أما أوروبياً فاز ألكمار على نابولي بالدوري الأوروبي ببداية موسم 2020\2021 ووصف سلوت هذا الفوز بالتاريخي لكن ألكمار أقاله في ديسمبر 2020 على خلفية تفاوضه مع فينورد للانتقال حيث اعتبر أن هذه المفاوضات جعلته ينشغل عن الفريق.
وفعلاً وقع سلوت مع فينورد بعد 10 أيام فقط من رحيله عن ألكمار على أن تبدأ رحلته منذ صيف 2021 ليخلف الخبير ديك أدفوكات الذي حقق المركز الخامس مع الفريق، لكن سرعان ما أعاد سولت البريق للفريق بكادر ضم بصفوفه روبن فان بيرسي النجم التاريخي للكرة الهولندية، وخلال موسمه الأول وصل الفريق لنهائي دوري المؤتمرات وحقق المركز الثالث بالدوري ليحصل على جائزة رينوس ميشيلز التي تُمنح لأفضل مدرب بهولندا كل عام، وهي ذات الجائزة التي حصل عليها حين فاز بالدوري الموسم الماضي ليصبح رابع مدرب يفوز بها مرتين بعد غوس هيدينغ وفرانك دي بور وإيريك تين هاغ.
المشكلة الأساسية لسلوت أن معظم تجارب المنتقلين من هولندا لم يُكتب لها نجاح في الدوري الكبرى وتحديداً الإنكليزي وربما تجربة تين هاغ هي القصة الأجدد حالياً لذا فأن تقضي كل مسيرتك بهولندا ثم فجأة تذهب لفريق مطالب بالمنافسة وتخلف كلوب قد يبدو تحدياً كبيراً.
يجيد سلوت فكرة العمل بالإمكانيات المتاحة، فحين جاء لفينورد كان النادي قد تخلى بالصيف عن هدافه لصالح أياكس لكن المدرب عمل مع مجموعة من اللاعبين المنتقلين بمبالغ قليلة وبعض المعارين وحسن نتائج الفريق، ومن بين اللاعبين الذين ظهرت بصمة سلوت عليهم كان التركي أوركون كوكسو الذي كان يرى الكثيرون أنه يفتقد لإيقاع وسرعة المباريات لكن خلال فترة قياسية طوره سلوت لحد جعله ينتقل لبنفيكا الصيف الماضي مقابل 25 مليون يورو ليصبح أغلى صفقة بتاريخ فينورد.
فلسفة سلوت لا تبدو بعيدة عن أسلوب كلوب المفضل فهو يفضل الضغط العالي والكرة الهجومية ويريد دائماً امتلاك كادر يتمتع بإمكانيات عالية وهو ما دفعه لإقناع فان بيرسي للعمل معه ويقال أنه بات يأخذ دوراً أكبر بصفقات فينورد.
سلوت بنى فلسفته منذ انتهاء رحلته كلاعب، فبعد اعتزاله أنشأ مكتبة تتضمن وثائقيات وصور عن أحداث مهمة باللعبة وبمقال لـ”غارديان” قالت أن الجميع كان ينتظر أرني دائماً كي يفتح جهازه ويبدأ بشرح ما وصل إليه من اكتشافات ويستمر بحديثه لساعات عن كيف يلعب مانشستر سيتي عرضياته أو كيف بنى نابولي مع سامباولي أسلوبه بالضغط على خصومه.
نال سلوت مديح الكثيرين خلال مسيرته، فرغم اعترافه بأن غوارديولا هو مدربه المفضل إلا أن مورينيو مدحه بعد مواجهتهما ووصفه بالمدرب الممتاز أما ماركو فان باستن فيقول عنه “إن كنت قد نجحت بجعل فينورد وألكمار يلعبان كرة قدم أجمل فلا سبب لأن تفشل بأي تجربة، تدريب فريق كبير سيكون أسهل عليه لأنه سيحظى بلاعبين أفضل قادرين على فهم ما يريده بشكل أسرع، وأعتقد أنه ذكي لحد كافٍ للتعامل معهم”.
واضح أن تجربة سلوت مليئة بالمخاطرة لكنها قصة جميلة للاعب عادي غير معروف رسم طريق نجاحه باجتهاد كبير.