اقتصادي

المركزي البريطاني سيرفع سعر الفائدة مجددا… والأسعار لا تنخفض

الاقتصاديون والمحللون يتوقعون استمرار التضخم في المملكة المتحدة لفترة طويلة

أحمد مصطفى  صحافي متخصص في الشؤون الدولية  

أشخاص أمام بنك إنجلترا بالحي المالي في لندن (رويترز)

تتوقع الأسواق والشركات والأعمال أن يرفع بنك إنجلترا (المركزي البريطاني) سعر الفائدة مجدداً في اجتماعه يوم 11 مايو (أيار) القادم. وبعدما كانت التوقعات السابقة أن سعر الفائدة في بريطانيا وصل إلى ذروته عند المعدل الحالي بنسبة 4.25 في المئة، تتوقع الأسواق الآن ألا يصل سعر الفائدة إلى ذروته قبل الارتفاع إلى نسبة 5 في المئة.

يأتي ذلك في ظل مجموعة من البيانات والأرقام الرسمية التي صدرت حديثاً وتشير إلى أن جهود البنك المركزي لكبح جماح التضخم ووقف ارتفاع الأسعار لم تثمر بعد. ومنذ شهر ديسمبر (كانون الثاني) عام 2021، رفع بنك إنجلترا سعر الفائدة 11 مرة حتى الآن، من قرب صفر (نسبة 0.1 في المئة) إلى فوق 4 في المئة حالياً.

وسابقاً، توقع الاقتصاديون والمحللون في السوق أن ينخفض مؤشر أسعار المستهلكين دون نسبة 10 في المئة، التي ظل فوقها منذ شهر أغسطس (آب) 2022. لكن البيانات الصادرة الأسبوع الماضي أظهرت أن المعدل السنوي للتضخم ظل عند نسبة 10.1 في المئة في شهر مارس (آذار) الماضي. وجاء ارتفاع المواد الغذائية الأعلى من بين مكونات المؤشر مع ارتفاع أسعار الغذاء بنسبة 19.1 في المئة. 

وأوضحت بيانات المكتب الوطني للإحصاء أن سوق العمل ما زال قوياً، وإن ارتفع معدل البطالة بشكل طفيف من نسبة 3.7 في المئة إلى 3.8 في المئة. وظل معدل النمو السنوي للأجور عند 6.6 في المئة في الربع الأول من العام.

استمرار التضخم

ارتفاع الأسعار يتواصل في بريطانيا رغم كل إجراءات التشديد النقدي من قبل البنك المركزي (رفع سعر الفائدة وسحب السيولة من السوق)، خاصة أسعار الغذاء. وفي تقرير لصحيفة “صنداي تايمز” يقول صاحب شركة “Barons Pub Company” التي تدير حانات ومطاعم في سوري وبركشاير، كلايف برايس: “ارتفع سعر دقيق الذرة بنسبة 66 في المئة، وارتفع سعر الفاصوليا المطبوخة بنسبة 33 في المئة وارتفع سعر الأرز بنسبة 31 في المئة وارتفع سعر زيت الزيتون بنسبة 39 في المئة”. ويضيف أن هذا ارتفاع جعل شركته في وضع غاية بالصعوبة هذا الشهر.

ذلك ما يجعل التوقعات بأن بنك إنجلترا سيواصل رفع سعر الفائدة تزداد. لكن ذلك أيضاً يزيد من كلفة الاقتراض ما يجعل الكثير من الأعمال الصغيرة والمتوسطة في وضع أصعب لارتفاع الفائدة على القروض التي تحتاجها لتشغيل أعمالها.

ويقول كبير الاقتصاديين في بنك “بي أن بي باريبا” بول هولينغوسورث: “كان الكثير من المحللين، بما فيهم نحن في البنك، قبل الأسبوع الماضي نتوقع أن بنك إنجلترا وصل إلى منتهاه في رفع أسعار الفائدة”. لكنه وغيره أصبحوا يتوقعون أن يرفع البنك سعر الفائدة في اجتماعه القادم، وربما يرفعها مرة أخرى أيضاً”.

وبعدما كانت التوقعات بأن يبدأ البنك المركزي، مثله مثل البنوك المركزية في الاقتصادات الرئيسية، عكس دورة التشديد النقدي والبدء في خفض أسعار الفائدة هذا العام، أصبحت التوقعات أن تستمر أسعار الفائدة في بريطانيا عند نحو 4.5 في المئة هذا العام كله ولا تأخذ في الانخفاض إلا في العام القادم لتنهي 2024 ربما عن نسبة 3.5 في المئة.

ويقدر كثيرون أن تبدأ معدلات التضخم في تباطؤ ارتفاعها ربما مع الشهر القادم، لكنها ستظل مرتفعة. يقول كبير الاقتصاديين في “بنك أوف أميركا” روب وود إن التباطؤ بارتفاع التضخم في بريطانيا ربما يتضح في الأرقام الرسمية الشهر القادم التي ستعلن مؤشر أسعار المستهلكين لشهر أبريل (نيسان) الحالي. ويقدر وود أن يصل معدل التضخم لهذا الشهر إلى نسبة 7.7 في المئة.

ورغم احتمالات التباطؤ، يظل معدل التضخم في بريطانيا أعلى من نظيراتها في أوروبا وأيضاً من الولايات المتحدة التي انخفض فيها معدل التضخم إلى نسبة 5 في المئة. وينعكس ذلك على كلفة المعيشة للبريطانيين. وحسب ما يقول كلايف برايس: “في الماضي كنا نفكر (مع ارتفاع الأسعار) أن نضيف 25 بنساً لسعر الوجبة. الآن، تصل الزيادة إلى 3 أو 4 جنيهات استرليني، ومع ذلك هذا لا يكفي (لتعويض ارتفاع أسعار المواد الغذائية)”.

ورغم انخفاض أسعار الطاقة في السوق العالمية، وبالتالي في سوق الجملة في بريطانيا خاصة أسعار الغاز الطبيعي، إلا أن الارتفاع الهائل في أسعار الغذاء يجعل معدلات التضخم مستمرة في الارتفاع. وكتب ستيفن كينغ مقالاً تحليلياً في “صنداي تايمز” يخلص فيه إلى أن التضخم في بريطانيا باق رغم كل جهود بنك إنجلترا في رفع اسعار الفائدة. وأن الطريق ما زال طويلاً قبل خفض التضخم إلى النسبة المستهدفة من قبل البنك عن 2 في المئة.