مقالات

باختصار : احكموا الأمة أولا ..!

 
 
زهير ماجد
 
خلال مؤتمر القمة العربي في السودان عام 1967م، وكان العرب قد خرجوا لتوهم من هزيمة كبرى، قال وزير الخارجية السوري آنذاك ابراهيم ماخوس لأحد القادة الفلسطينيين في منظمة التحرير الفلسطينية “إن ليس عليكم أنتم الفلسطينيون سوى أن تحكموا الأمة وبعدها تحررون فلسطين، إن لم تفعلوا سيقضوا عليكم ويصفوا قضيتكم”..
أكثر من خمسين سنة مر على هذا الكلام التعبوي، تمكن فيها الفلسطينيون خلال السبعينات في القرن الماضي من التحول إلى رقم صعب، صاروا فيه قوة صنعت لنفسها موقعا متقدما اقام الدنيا ولم يقعدها، لكنهم بكل أسف وضعوا أنفسهم في مصاف ثانوي أمام أي نظام عربي.. هل هو الدعم والاضطرار للمحاباة، أم هو الاحساس بالحاجة إلى الأرض من أجل حراك مستمر، أم هي حسابات الشعار الذي رفع دائما بعدم التدخل في الشؤون العربية، فكان مجرد وجود المقاومة كفدائيين في أي قطر عربي يعتبر تدخلا بالنسبة لنظامه.
في تلك الفترات الذهبية التي مرت، وبدل أن تتحرر فلسطين، تم الذهاب إلى أوسلو بإرادة ذاتية غريبة في ذلك الوقت.. كان حلما تحول اليوم إلى كابوس .. الخيال الثوري كان يمكن أن يراه قبلا كابوسا لأن منطق الحلم في القضية الفلسطينية يجب ان يظل معتمدا على ما يملكه الفلسطينيون من قوة وارادة.
أطفئت أنوار الكفاح المسلح، كانت المناسبة التي يمكن أن تحقق نقلة كبرى في عالم القضية، لكنها تحولت إلى بحث عن خلاص بعدما شعر الجيل الذي قاد تلك المرحلة ان عليه “انجاز” أي شيء قبل أن يرحل عن الحياة.. ذلك الخوف على الذات لعب دورا في التقدم إلى اوسلو ، بينما لو سمعنا الرئيس الراحل حافظ الأسد في حديثه عن الجولان وهو يقول إنه ليس خائفا عليه لأنه لابد لجيل عربي سوري ان يحرره، لكان هذا المنطق وحده كاف لكف يد أي فلسطيني يوقع على اتفاق ليس من حقه التوقيع عليه.
ففي قضية كبرى كهذه القضية لايحق لأحد التفريط بها، أو امساك القلم للتوقيع على قرار مدمر لما سيلي.. ونحن اليوم نرى بام العين اين صارت الضفة الغربية ، بل اين موقع القضية في سلم الواقع ، هو انتظار صفقة لن تكون ابدا سوى قصة حزينة ومؤلمة بل كارثية لكل فلسطيني في هذا العالم، ولكل عربي مؤمن بقضية فلسطين، ولكل حالم بالحرية.
هل كان بامكان الفلسطيني حكم الأمة كما قال الوزير السوري الأسبق أم هي مغالاة للحقيقة أم إنها دفع للانتحار المعنوي والسياسي ثم الوجودي؟!..
سؤال برسم كثيرين.. من يمكنه الإجابة أو وضع تصور غير الذي قيل قي بدايات هذا المقال.. لكن الوقت مضى، صار هنالك زمن آخر، واقع آخر، تحولات أخرى، بدل ان يكون الفلسطيني المعذب الوحيد في الوطن العربي، صارت هنالك اقطار عربية اشد تعذيبا منه، بل مازال الرهان على انها تخرج من عذاباتها أم تظل على متاعب دون الخلاص.. علمتنا قضايا الأمة ان فتح جرح فيها سيظل ينزف ولن يتوقف، وبالتالي نحن أمام جروح نتمنى ان تتوقف الامور عند هذا الحد وبهذا الشكل.. فما هو ماثل اليوم قد يتغير غدا نحو الأسوأ والحبل على الجرار كما يقال.