مقالات

قادة 2030

 
ساعد الثبيتي
 
 
الاهتمام المبكر بصنع «قادة المستقبل» من السّياسات المهمة في المنظمات والمؤسسات بمختلف مستوياتها التي تسهم في تحقيق الأهداف العامة ومواجهة التحديات الناجمة عن شح القيادات، والإعداد المبكر يُسهم في تطوير الأداء وتحقيق الأهداف المرسومة للمنظمة وتأهيل قادتها للمراحل القادمة، وإعدادهم إعداداً سليماً، وإكسابهم مهارات القيادة بما يتوافق مع الخطط المستقبلية لتحقيق التميّز والإسهام في تطوير الأداء.
 
 
قد يُنظر إلى مغادرة القائد الناجح والمتميز موقعه القيادي في أي مؤسسة أو منظمة أنها مشكلة تواجه أصحاب القرار في ظل شح القيادات التي تتسم بسمات فريدة قلّما تجدها في غيرهم من العاملين في المؤسسة، ومن البدهي أن يترك مثل أولئك القادة فراغاً كبيراً عند مغادرتهم مواقعهم، فدوام الحال من المحال، والمشكلة ليست في مغادرة القائد المتميز موقعه، وإنما في عدم الاهتمام بالصف الثاني من القادة، وتجاهل بناء القيادات الواعدة التي هي من أهم عناصر تحقيق ديمومة التطوير.
 
من التجارب المتميزة في هذا الجانب، البرنامج الذي أطلقته وزارة التعليم هذا العام ولأول مرة لإعداد قادة المستقبل من منسوبيها، وفق معايير عالمية بعد إخضاعهم لمقاييس معينة، ومن ثم ترشيح نخبة من القادة وتأهيلهم لمواقع قيادية في الوزارة وإدارات التعليم، وفق توجهات الوزارة وخططها المستقبلية ونشر ثقافة تأهيلهم وتمكينهم، وتطوير أنظمتها وأدواتها في هذا الجانب، وزيادة الفاعلية والكفاءة في أداء القطاع التعليمي وتعميق الحراك الإيجابي فيه، تجسيداً لرؤية المملكة 2030.
 
ويختلف هذا البرنامج عن أي برنامج آخر، إذ تم تصميمه على منصة إلكترونية تفاعلية، وتحكيمه من قبل جهات علمية مختصة بعد الاطلاع على أحدث التجارب العالمية في هذا المجال والاستفادة منها، ليكون أنموذجاً خاصاً تم بناؤه ليلائم خطط الوزارة وتوجهاتها.
 
رحلة قيادية ممتعة جمعت بين أكثر من 200 قائد وقائدة تجاوزت خمسة أشهر، انطلقت من ركائز عدة، أبرزها صناعة الاتجاه، وبناء فرق العمل، والتعلم المستمر، والقيم الدافعة، وتطوير الآخرين، والتحفيز والإلهام، أوصلت المرشحين إلى المحطات الأخيرة من المشروع بعد المرور بمراحل عدة، بدءاً من الترشيح والاختيار والتصنيف والتأهيل، وأخيراً الاستعداد لمرحلة التقييم، ومن ثم الدخول في ديوان القادة وما بعدها من مراحل يتخللها انتقاء القادة وترشيحهم.
 
كانت تجربة فريدة وغير مسبوقة، ولعلها فرصة أن أطرح للقائمين على البرنامج – وهم منفتحون على الأفكار التطويرية – بعض المقترحات، من أبرزها: زيادة جرعة تأهيل المرشحين بعد وصولهم إلى هذه المراحل، وتمكينهم من الوقوف على تجارب عالمية أسوة بالمرشحين والمرشحات في برنامج خبرات الفريد الذي يستهدف المعلمين والمعلمات.
 
من عهدة الراوي:
 
الممارسات الإدارية جزء لا يتجزأ من تقييم القادة ومعرفة أدائهم الحقيقي والفعلي، والبرامج المعنية بإعداد القادة وتأهيلهم على مختلف مستوياتها ينبغي أن تنطلق من منطلقات عدة، تسهم في صناعة القادة والحكم على مدى صلاحيتهم لما يتم إعدادهم له، فعمليات التعلم الذاتي التي تتم من خلال أدوات عدة ومنصات إلكترونية ونتائج عمليات القياس ينبغي أن يواكبها تحليل السلوكيات الإدارية والقيادية في مسيرة القائد السابقة، فليس كل من تجاوز أدوات التعلم والتقييم النظري صالحاً لقيادة الآخرين.