مقالات

باختصار: روسيا تنتصر لنفسها

 
 
زهير ماجد
 
تأخر الروس في تسليم سورية اس 300 ، لكن العبرة دائما في تحقيق الغاية ولو متأخرة. المهم ان تصل الصواريخ، سورية بحاجة لها واكثر، والصديق من صدقك لامن صدقك وليس فقط عند الضيق .. ثم بين سورية وروسيا أعمق من صداقة، انه تحالف وتشابك النظرة البعيدة فيها هي الاساس، وللذين لايعرفون، فان العلاقة بين سورية وروسيا ترقى الى زمان الاتحاد السوفيتي، كان الرئيس الراحل حافظ الاسد صديقا مخلصا، وهم كانوا له كما كان.
الاسرائيلي متذمر من الصفقة الروسية، الاميركي يهدد، وروسيا كدولة لاوصاية عليها من احد، ولا يحق لأي احد ان يخضعها لسياسته وأمزجته ومصالحه، فهي أولى باتخاذ قراراتها بناء على مستجدات تخصها. هنالك جيش لها في سورية من العاملين في شتى حقول العسكرة، وجلهم من الخبراء، كما كان الذين قتلوا في الطائرة المنكوبة، ومن حقها ان تحميهم من شيطنة وجنون حسابات.
الآن دخلنا في الجد، وكل الدور الروسي في سورية جدي ومؤتمن له وغاية في الدقة والمسؤولية واحساس بالوصول الى الغايات .. صحيح ان سورية قدمت لروسيا ” الجميل ” الذي لن تنساه وهو العودة الميسرة الى قواعدها في المياه الدافئة، ثم العودة الاهم الى دورها التاريخي الذي صار الاساس في المعادلة الدولية.
نحن في هذا الشرق هوانا روسي دائما حتى لو صنعته المصالح، حين كسر عبد الناصر احتكار السلاح، كان يعرف ان الغاية بعد كل هذا سوف تصل الى الصداقة، والتقارب ، ويوم استلم الموقع الاول في الاتحاد السوفياتي اندروبوف منح سورية ابان حكم الرئيس الراحل حافظ الأسد كما من السلاح وبانواع مازالت الى اليوم. روسيا وسورية حرارة تاريخ لايمكن لها ان تخف او تتغير.
ماذا سيفعل الاسرائيلي او الاميركي اذا نفذ الروس وعدهم بتلك الصواريخ المتقدمة .. من الواضح ان الاسرائيلي سيضغط على الاميركي مقابل ان يقوم هذا الاخير بفعل ما هو بمثابة ضغط لا اكثر .. لا اعتقد ان الروسي، اتخذ قراره بتسليم الصواريخ مقابل ردة فعل طارئة، هي موافقات مسبقة قائمة منذ زمن، وقد جاء الوقت لكي تترجم على الارض، وعلى الاقل من اجل حماية جيشها ومعداتها وآلياتها، وبالتالي منع اسرائيل من العربدة وقد صار صعبا عليها اليوم ان تفعلها، لقد تغيرت قواعد الجو بعد ادخال الروسي تقنياته عليه.
اخبرني صديق على معرفة وثيقة بالروس ان هؤلاء من اصدق الاصدقاء، وعدهم وعد ووفاء .. ثم هم الآن يعتبرون مهمتهم في سورية قد نجحت ولم يبق امامها سوى عامل وقت يجب تقطيعه، وفيه وعد للتركي الذي لن يقبل ان يخرج من سورية بدون معنويات عالية و” ارباح ” يضعها اردوغان على وجهه امام شعبه. وهنا كانت التفاهمات مع السوري حول نهايات ادلب، المهم اولا الحصار الذي سيدفع الكثير من المسلحين الى المغادرة طوعا ، ومن سيبقى طعم مستقبلي . ادلب ستعود الى الحضن السوري، وواهم من يعتقد ان الصورة الحالية هي الشكل النهائي لمستقبل هذه المحافظة او بقية الاراضي السورية التي يخثم عليها غرباء ومحتلون بكل ما للكلمة من معنى.
عند وصول اس 300 ، فان قواعد اللعبة ستتغير في سورية، هكذا يفهم نتنياهو، وهكذا اضافات على الواقع في سورية سيكون لها انعكاسها على الشرق كله وليس على سورية فقط .