مقالات

بعد إسقاط السوخوي الروسية.. الحل بات عسكرياً والجبهة المقبلة إدلب

 
الدكتور محمد بكر
وصفت موسكو حادثة إسقاط طائرة السوخوي بصاروخ محمول على الكتف كما قال مراقبون روس، بأنها طعنة في الظهر، ولمّحت إلى دور أميركي في تسليح الفصائل المتطرفة في سورية بصورايخ مضادة للطيران وهددت بالرد، تأتي الحادثة ليس فقط كونها رسالة أميركية لجهة عدم انتهاء الحرب في سورية، ورسالة واضحة لوقف تقدم الجيش السوري في إدلب كما قال برلمانيون روس، بل في السعي الأميركي لإفراغ أي حصاد سياسي روسي من محتوى فاعل، ولاسيما بعد المخرجات السياسية لمؤتمر سوتشي، وتشكيل لجنة دستورية لوضع دستور جديد للبلاد، حادثة إسقاط الطائرة الروسية تأتي استكمالاً لما تضعه واشنطن من خطوط حمراء في يوميات الميدان السوري ، هذه الخطوط التي نسفها الحراك السوري العسكري وحلفائه على الأرض الذي أفضى في السابق إلى تأمين الحدود السورية العراقية مع السيطرة على مدينة البوكمال، واليوم هي ذات الرسالة والخطوط الحمر التي تخص جبهة إدلب، والعمليات العسكرية المتسارعة للجيش السوري وحلفائه في المنطقة.
إسقاط الطائرة الروسية بهذا الشكل يعيد الأذهان إلى يوميات العمليات العسكرية الروسية في أفغانستان في ثمانينيات القرن الماضي، وكيف انتهجت الولايات المتحدة ذات السلوكيات في دعمها لجهادييي تنظيم القاعدة حينها في مواجهة الاتحاد السوفياتي، مع ضرورة ملاحظة أن الظروف الموضوعية والسياسية والعسكرية وحتى الداخليةالروسية في تلك الحقبة، تختلف عما هي عليه الآن بالنسبة لوضع روسيا الاتحادية ودورها الدولي وحضورها القوي في المحافل الدولية، التصعيد الأميركي ورسائله المتواترة ضد موسكو والضغط على الأخيرة بهذا الشكل المستفز، لن يثن موسكو في اعتقادنا، ليس فقط عن تفردها في صياغة الحل السياسي، وترجمة ذات أبعاد متقدمة لمخرجات سوتشي خلال الفترة القادمة، بل في الحضور الأوسع في الميدان السوري، وتقديم المزيد من الدعم للجيش السوري وحلفائه لحسم معركة إدلب بالكامل، والأهم هو تظهير أكبر للتحالف الروسي التركي وغض الطرف عن العملية العسكرية التركية في الشمال لإجهاض ورقة الكرد وكل استثمار أميركي بهذا الخصوص، من هنا نفهم النفس العالي لأردوغان لجهة توسيع العمليات العسكرية، وصولاً لمنبج حتى شرق الفرات، وكذلك البيان الصادر عن الإدارة الذاتية الكردية، لجهة مطالبتها موسكو بوقف ماسمته دعم روسي للعملية العسكرية التركية، ربما أيضاً سينتهي الصمت الروسي حيال الاختراقات الإسرائيلية للسيادة السورية، وإعطاء الضوء الأخضر لدمشق بإسقاط الطائرات الإسرائيلية بمنظومات الدفاع الجوي الروسية المتطورة للرد على التصعيد الأميركي.
بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية لن يكون كما قبله ، وكل الحديث الروسي عن شركاء دوليين ربما سيغادر المنطوق الروسي ومن البوابة السورية نفسها سياسياً وعسكرياً.