مقالات

بيان المجلس المركزي انعكاس لطبيعة النظام السياسي الفلسطيني العاجز!

 
صابر عارف
بلغة اللعم والمساومة والمراوغة الفلسطينية ، وكالعادة المعهودة ولكن باقل حبتين من النفاق والتضليل المعهودين وباللغة المزدوجة أنهى المجلس المركزي لمنظمة التحرير بيانه الختامي، ولم ينس الاعتزاز بالهبة الجماهيرية وبالشهداء !!! الذين.
سقطوا في اعقاب القرار الامريكي بنقل السفارة الى القدس كعاصمة لدولة الاحتلال والاغتصاب ، كان البيان حريصا جدا على تعليق سياساته وقراراته بانتظار موقف الأعداء وربطا بسياساتهم وليس تاكيدا لحقوق ومصالح وطنية فلسطينية خالصة وجب الموت لتحقيقها ، وليس التزاما بسياسة وطنية خالصة وواضحة المعالم والحدود ، قاطعة فاصلة مع ما سبقها من سياسات اوسلو التي دمرت القضية وشعبها ، فمع ان الخطاب والقرارات شكلت تقدما نسبيا عما سبق وخاصة تجاه الامريكان وبعض العرب، الا انهما لم يرتقيا ابدا لمقتضيات ومتطلبات المرحلة، فلم يحرق ولم يدمر لا خطاب ابو مازن ولا بيان المجلس المركزي الجسور مع الماضي البغيض كما أكد الاسرائيليون انفسهم ، بتعليقهم على خطاب ابو مازن في افتتاح المجلس مع انهم شنوا عليه هجوما أظن انه كان مفتعلا في غالبيته، فقد قرر المجلس المركزي في بيانه الختامي، أن الفترة الانتقالية التي نصت عليها الاتفاقيات الموقعة في أوسلو، والقاهرة، وواشنطن، بما انطوت عليه من التزامات لم تعد قائمة، في تحايل وتلاعب لغوي واضح ، لان إسرائيل لم تلتزم بها وقرر المجلس المركزي في بيانه الختامي الذي ألقاه رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون، مساء الاثنين، إنه تم تكليف اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية بتعليق الاعتراف بإسرائيل ( لاحظ تعليق !! ) الى حين اعترافها بدولة فلسطين على حدود عام 1967 مع انه هو صاحب الولاية وصاحب القرار !كما قرر إلغاء قرار ضم القدس الشرقية ووقف الاستيطان.
وجدد المجلس المركزي قراره بوقف التنسيق الأمني بكافة أشكاله، وهذا مكرر ولكنه لم ينفذ منذ ثلاثة اعوام ،وقرر الانفكاك من علاقة التبعية الاقتصادية التي كرسها اتفاق باريس الاقتصادي، وذلك لتحقيق استقلال الاقتصاد الوطني، والطلب من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير ومؤسسات دولة فلسطين البدء في تنفيذ ذلك.
وأكد المجلس المركزي الفلسطيني ادانة ورفض قرار ترامب اعتبار القدس عاصمة لاسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل ابيب الى القدس والعمل على اسقاطه، واعتبر المجلس ان الادارة الامريكية انهت اهليتها كوسيط للسلام ولن تكون شريكا الا بعد انهاء القرار .
قد تشفي بعض الصياغات اللغوية غليل صناع بطولات المفاوضات والتسويات الوهمية والسياسات السابقة ، وقد تزينها قليلا ، ولكن خلفية وحقيقة هذه الصياغات واضحة تماما بالخطاب الذي افتتح به ابو مازن المجلس العتيد الذي حاول بإطالته وباستعراضه التاريخي تاكيد قدراته العقلية والصحية رغم التقدم بالعمر المديد ، وحاول كذلك تضييع وتمييع الموقف رغم ما في الخطاب من لسعات للموقف الامريكي ، كان لا بد منها وكانت ضرورية لإضفاء شيء من التوازن والموضوعية على الخطاب الذي لم يعط اجابات على قضايا من المفترض ان تكون الاجابة عليها واضحة وصارمة .
بالنظر لتركيبة المجلس ولطبيعته وسلوكه التاريخي ، وبالنظر لطبيعة القيادة الفلسطينية الحالية وبالنظر للحظة السياسية الراهنة وخاصة على مستوى الوحدة الوطنية الممزقة والتي اصر الطرفان على الامعان في تمزيقها عشية انعقاد المجلس ، الوحدة التي كانت أحد أهم وأبرز ضحايا المجلس المركزي كوننا لم نستغل الفرصة التاريخية التي وفرها القرار والعدوان الامريكي بانعقاد المجلس لاستعادتها وانهاء الانقسام اللعين ، بالنظر لكل ما سبق قلت في الماضي وما زلت اقول بانه لا رهان ولا أمل بالمجلس المركزي الفلسطيني الذي يعكس كما اعتقد وللاسف الشديد طبيعة النظام السياسي الفلسطيني المترهل والعاجز عن القيام باي من واجباته الوطنية منذ سنوات وسنوات ، فلم يكن البيان واضحا ابدا ، ولم يقطع الطريق والوصل مع الماضي كما تقتضي وتتطلب المرحلة ، ولم يضع استراتيجية جديدة تقوم على انقاض السياسة الاستسلامية السابقة كما تطالب الجماهير المنتفضة في الشوارع في مواجهة الاحتلال وفي مواجهة القرار الامريكي .
بلا لف ولا دوران ، نعرف نحن جميعا جيدا ان عصب وجَوهر المعضلة والأزمة الفلسطينية ما قبل وما بعد. انعقاد المجلس المركزي الفلسطيني ليست في المجلس بحد ذاته ولا باي من كافة الهيئات القيادية الفلسطينية الاخرى في المنظمة وكافة فصائلها وقواها السياسية المختلفة بما فيها من معارضة على اهمية وخطورة وعمق الازمات المتفاقمة التي يعيشها المجلس وبقية الهيئات القيادية الفلسطينية الاخرى. وانما هي في مكان آخر …انها عند حركة “فتح” تحديدا ليس باعتبارها القيادة الحالية للمنظمة وللسلطة فحسب ، وانما لما تقوم وتتمتع به من دور تاريخي سابق وراهن ، هام وحاسم بغض النظر ان كان هذا الدور مفيدا أم ضارا للقضية وللوطن ، وحتما كان مفيدا وحيويا وقياديا في السابق، ولكنه وللأسف تحول مع الايام ومع اوسلو ومع النتائج والمصير الذي آلت اليه القضية الوطنية الى ضار وخطير اذا لم يوضع له حدا سريعا من قبل ابناء فتح الاحرار وخاصة الذين ما زالوا يحملون قيم ومبادىء الحركة الأصيلة .
انني لا أبرئ احدا من تحمل مسؤولية ما وصلت اليه اوضاعنا الفلسطينية عامة ولكن سيطرة حركة فتح الطاغية على المجلس وبقية الهيئات القيادية الفلسطينية الاخرى ، لا تخفى لا على عاقل ولا على مجنون ، واذا لم يتغير هذا الحال ،فمن المحال تغيير الحال الفلسطيني العام ، وفي المحصلة النهائية وبغض النظر عن ملاحظاتي على النتائخ الى ان العبرة في الأخير بالتنفيذ والتطبيق لتلك القرارات رغم ما فيها من وهن وضعف .فهل سينفذون وهل سيلتزمون؟

admin