تحديث الفكر السياسي

2

 حسين علي الحمداني

عندما نسأل أنفسنا ماذا يحتاج العراق الآن؟ تختلف الإجابات كل حسب رؤيته لكنها في النهاية تؤدي إلى إجابة موحدة وإن اختلفت ممرات الوصول إليها،نحن نحتاج لتحديث المنظومة السياسية أو بعبارة أكثر دقة تحديث الفكر السياسي السائد في البلد منذ عام 2003 وحتى يومنا هذا في ضوء المتغيرات الكثيرة سواء في العراق أو المنطقة والعالم وهذه المرحلة تتطلب رؤية جديدة وفلسفة جديدة غير التي ظلت سائدة في السنوات الماضية دون أن نهدر مزيداُ من الوقت في إعادة إنتاج الدورات السابقة بما فيها من تعقيدات تبدأ من لحظة إعلان نتائج الانتخابات حتى تشكيل الحكومة. والشارع العراقي يراقب بدقة الحراك السياسي في البلد،هذا الحراك الذي يجعلنا نستقرئ إن الأحزاب والكتل السياسية دخلت مرحلة الانتخابات فعليا وتحاول كسب الشارع العراقي لأن يتقبل برنامجها الانتخابي الذي لا يختلف كثيرا عن البرنامج الماضي إن لم يكن نسخة طبق الأصل منه.

وبكل تأكيد ننتظر في ألأشهر القليلة القادمة مخرجات سياسية جديدة نابعة من نتائج الانتخابات المحلية والنيابية في ربيع 2018،وهذه ليست مسؤولية الناخب فقط بل مسؤولية الكتل والأحزاب،وعلينا أن نقول إن الناخب العراقي رؤيته اليوم تختلف عما كانت عليه في الدورات السابقة،فلم تعد الشعارات الانتخابية القديمة صالحة لهذه المرحلة التي تجاوز فيها الشعب العراقي محنة كبيرة وأنتصر في معركته ضد الإرهاب عسكريا وطهر أرض العراق من دنسهم،وهنالك معركة أخرى أشد وأشرس تتمثل بإنتاج طبقة سياسية جديدة تنهي مرحلة الفساد المالي والإداري من جهة،ومن جهة ثانية تقود البلد في مرحلة التنمية القادمة.لهذا فإن المواطن يراهن على الانتخابات بوصفها آلية تغيير دستورية تجعله صاحب الكلمة الأولى لكون الشعب مصدر السلطات .

والمواطن العراقي ينتظر ولادة أحزاب عابرة(للطائفية)قادرة على إقناع الناخب العراقي ببرنامجها الانتخابي الواقعي وليس الخيالي الذي يصعب تنفيذه بسبب تقاطعات حكومات الشراكة والمحاصصة،لهذا نطمح أن تكون الأحزاب السياسية في العراق بمستوى طموح المواطن العراقي الذي سيبحث كثيرا هذه المرة ويدقق قبل أن يضع أصبعه في الحبر البنفسجي لأنه لا يريد أن يظل متظاهرا في ساحة التحرير لسنوات أخرى ضد تعطيل القوانين والفساد وأزمات الخدمات سواء الكهرباء أو البنى التحتية للطرق وأزمة بنايات المدارس وغير ذلك من الملفات الكثيرة التي جعلت المواطن العراقي يغير بوصلته الانتخابية.كما وإنه لا يريد أن ينتظر بضعة أشهر طويلة تحت رحمة(حكومة تصريف أعمال)بلا صلاحيات ، بل يتمنى المواطن أن تتشكل حكوماته سواء الاتحادية أم المحلية بسرعة،ومن هنا نؤكد إن بوصلة الناخب العراقي ستؤدي إلى إحداث تغير كبير في الخارطة السياسية في العراق لسبب جوهري إن الشعب العراقي تجاوز الخنادق الضيقة(الطائفية والجهوية) وهو قادر فعـــلا على إنـــتـاج طبقة سياسية جديدة تتناسب ومرحلة تعزيز المواطن التعايش السلمي في هذا البلد.

التعليقات معطلة.