مقالات

تحطيم الأشجار الكبيرة وإبقاء العيدان الخضراء.!.

 
كتب / قاسم العجرش
 
نحن ذاهبون نحو إنتخابات برلمانية جديدة، ستنتج حكومة جدية أيضا، فدعونا نستذكراليوم الأول، الذي تشكلت فيه حكومة العبادي الحالية، والأحاديث عن الإصلاحات والتعديل الوزاري لم تتوقف لحظة، وتلك لعمري مفارقة يتعين الوقوف عندها طويلا.
اول محطات الوقوف، نستذكر فيها ليلة الهرير، حينما وقف بضعة قادة سياسيين، في بيت رئيس الجمهورية، ليصدر بعد ذلك كتاب تكليف السيد العبادي، وكان واضحا أن الأمور رتبت على عجل، كي لا تقع البلاد في المحذور والفراغ الدستوري.
ثانيها؛ أن التكليف جاء وفقا لقواعد اللعبة السياسية، التي أهمها المحاصصة، وقد قبل السيد العبادي بالتحاصص، وشكل وزارته؛ بناءا على أشتراطات الذين ظهروا في صورة التكليف..بمعنى أن الرجل كان أيضا “حصة”..!
ثالثها أن السيد العبادي والقادة السياسيين الذين تحالفوا معه، كانوا قد وضعوا في حساباتهم مسبقا، أن وزارة العبادي لن تستمر الى نهاية الدورة الإنتخابية، لأسباب شكلية وموضوعية.
رابعها؛ أن الوزارة ضمت عددا من كبار القادة السياسيين، والذين يسميهم الشارع العراقي “الدنكَـ”، وكان واضحا أن هؤلاء، سوف لن يتعاملوا مع السيد العبادي كرئيس، وكحد مقبول لديهم، فإنهم يرون فيه شريك ليس إلا، بل أن منهم ما يزال ينظر الى السيد العبادي، كعضو في قيادة حزب، كان هو يقوده.
معنى هذا؛ أن التشكيلة الوزارية كانت ملغومة بهؤلاء، الذين يرون في أنفسهم أنهم فوق المنصب الوزاري، وكان متوقعا؛ أن تنفجر الوزارة من الداخل في أية لحظة، بسبب هذه الألغام!
خامسها؛ أن الحكومة؛ واجهت تركة ضخمة من ملفات الفساد، وكان واجبا على الحكومة الضرب بيد من حديد، كما طالبت المرجعية بذلك حتى بُح صوتها، لكن المشكلة تكمن في أن الحكومة، لا يمكنها أن تضرب نفسها أولا! كما أنها لا تمتلك يدُ حديدية ثانيا، وغاية ما يمتلكه السيد العبادي، عصا يمسكها من الوسط، حاول ان يضرب الفساد بطرفها، لكن طرفها الآخر ضرب العبادي نفسه!
سادسها، أن العبادي وجد نفسه إزاء إستحقاقت مرحلية خطيرة، أولها أستحقاق تحرير التراب الوطني من الدواعش، وثانيها مواجهة المشكل المالي، الذي سببه إنخفاض اسعار النفط، السلعة العراقية الوحيدة التي تدر دخلا وطنيا، كما واجه مشاكلا مع الكورد شركاء الوطن، فضلا عن ضغوطات أمريكية وغربية كبيرة، تريد توجيه الحدث العراقي، وفقا لرؤيتها ومصالحها.
سابعها؛ أن ثمة قوى سياسية، نصفها “تحت الأرض”، ونصفها الآخر “ظاهر فوق الأرض”، وإن كان بمسمى آخر، وأنه تعين على السيد العبادي، أخذ وجودها بالحسبان، لأنها هي التي ستمسك بتلابيب المستقبل، إن عاجلا أو آجلا.
كان على السيد العبادي؛ أن يكون رجل المرحلة، لكنه ما يزال مكبلا الى المرحلة السابقة، بسبب إنتماءه لحزب تلك المرحلة، وتلك مشكلة لن يكون بإمكانه التخلص من تداعيتها، حتى بعد رحيله عن الدنيا!
كلام قبل السلام: يمكن أن تحطم العواصف الشديدة الأشجار الضخمة، ولكنها لا تؤثر في العيدان الخضراء…