اخبار امنية

تحليل إخباري: «استراتيجية» قاآني في العراق «لا تشمل الصراع مع واشنطن»

إيران اعتمدت على مجموعات نخبوية صغيرة بقوة فتك أكبرالجمعة – 1 ذو القعدة 1442 هـ – 11 يونيو 2021 مـ رقم العدد [ 15536]

قاآني (أ.ف.ب)بغداد: «الشرق الأوسط»

في الساعات الماضية، لم يخرج تسريب من صالونات الأحزاب العراقية إلا وكان «يجزم إلى حد بعيد»، بأن قائد فيلق القدس إسماعيل قاآني زار بغداد لضبط النفس ومنع الفصائل المسلحة الموالية لإيران من التصعيد، لكن هذا لم يمنع استهداف قاعدتين عسكريتين ليل الأربعاء، بهجمات صاروخية منسقة.

وذكرت مصادر أمنية، أن هجوماً بطائرة مسيرة مفخخة استهدف قاعدة «فيكتوريا» قرب مطار بغداد الدولي حيث يتمركز عسكريون أميركيون.

وقبل ذلك بدقائق، أفادت «خلية الإعلام الأمني»، أن «جماعة خارجة عن القانون استهدفت قاعدة بلد الجوية بثلاثة صواريخ دون حدوث خسائر بشرية أو مادية».

ووقعت تلك الهجمات بينما كان الجنرال قاآني يعقد اجتماعات رفيعة المستوى، والتهدئة على رأس الأجندة مع المسؤولين الحكوميين في بغداد، وقادة الفصائل.

وتعكس الهجمات المتواصلة، بالتزامن مع رسائل التهدئة، صورة أدق عن الاستراتيجية الإيرانية في العراق، تقضي بأن وجود القوات الأجنبية في العراق ملف منفصل تماماً عن النزاع الداخلي في العراق، وأن الولايات المتحدة غير مشمولة برسائل قاآني.

وتقول مصادر عراقية لـ«الشرق الأوسط»، كانت حاضرة في أحد اجتماعات قاآني، إن «الصراع مع الولايات المتحدة لم يرد في مباحثات قائد فيلق القدس مع الزعامات العراقية»، مشيرة إلى أن «الملف العراقي وتداعيات اعتقال مصلح (عنصر الحشد)، كانت المحور الأهم في زيارة قاآني».

والحال، أن طهران تربح استراتيجيا من سياسة الفصل بين الملفات الأساسية في المنطقة، وأن التعامل مع الصراع الأميركي «مفعل» على الدوام منذ مقتل الجنرال قاسم سليماني، باستثناء بعض المناورات التي تطلبت جس نبض الإدارة الجديدة للرئيس جو بايدن.

وبحسب، قيادي في الحشد الشعبي العراقي، فإن الهدف الأساسي من زيادة الضغط على القوات الأجنبية في العراق، هو ضمان السيطرة التامة على مناطق ربط أساسية بين مراكز النفوذ من طهران حتى دمشق وبيروت.

هذه الفرضية تعززها معلومات تفيد بأن إيران غيرت سلوكها العدائي مع الولايات المتحدة ولم توقفه، إذا طورت أساليبها في استخدام الجماعات المسلحة، بالاعتماد على مجموعات نخبوية صغيرة بقوة فتك أكبر.

وفي الشهور القليلة الماضية، ظهرت ملامح تلك الجماعات الصغيرة والقوية باعتمادها على الطائرات المسيرة التي حسنت من دقة الاستهداف، فيما يتداول عناصر داخل الحشد الشعبي أن الفصائل «اعتمدت محاكاة للطريقة الحوثية».

لكن هذا القيادي، الذي اشترط عدم الكشف عن اسمه، أشار إلى أن «الظروف الإقليمية المتقلبة تفرض أحياناً هدنة مع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي والأميركيين في آن واحد، وفي ظروف أخرى هدنة مع أحدهما».

وبحسب حوارات متكررة مع سياسيين فاعلين في البيئة الشيعية، فإن المفاوضات بين الأميركيين والإيرانيين على الملف النووي في فيينا، لا تزال محركاً أساسياً في صياغة السياسيات الإقليمية.

لكن فرضيات أخرى تفسر اختلال المعايير في أي هدنة إيرانية في العراق، سواء مع حكومة الكاظمي أو الأميركيين، تتسرب من فصائل مسلحة تتقاطع مع الإجماع الشيعي الموالي لإيران.

وعلى ما يبدو، فإن تقاطعات بين المؤسسات الإيرانية أسفرت مراراً عن تضارب من الهدنة والاستهداف، ومنذ شهور تحدث مستشارون سياسيون عن «أوامر إيرانية» منفردة تخرج من مكتب المرشد الإيراني علي خامنئي لفصائل متشددة دون غيرها لتنفيذ هجمات «عند الضرورة».

لكن القيادي في الحشد، الذي تحدثت معه «الشرق الأوسط»، يستبعد «غياب التنسيق بين الفعاليات الإيرانية سواء الحرس الثوري أم جهاز الاطلاعات»، دون أن ينفي اختلاف أساليب العمل بينهما، ويقول «السياسة الإيرانية لا تعمل بالارتجال».