عام أخضر
ها هو عام 2017 يحزم أمتعته ليغادرنا، بعد أن عشنا معه سنوات في سنة امتلأت بالأحداث والإنجازات. في كل عام يحسن بنا تأمل حالنا مع أيامه ولياليه والخروج بنتيجة لمستوى الأداء والتغيرات التي طرأت على حياتنا الخاصة والعامة.
في هذا العام سنتذكر أن كثيراً من إشكالاتنا الثقافية والاجتماعية تم الانتهاء من الجدل فيها والخوض في خلاف حولها بقرار حازم، وكلنا رأى كيف أن هذا القرار جعل كل أحد في مكانه الطبيعي، وجعل الكل يستعيد حياة هو يستحقها.
في هذا العام.. صدر قرار السماح للمرأة بقيادة السيارة، لتنتهي مشكلة تحدث عنها العالم كله، ولنستبشر بها خيراً أنها خطوة في نيل المرأة حقوقها كافة، لتقود حياتها بنفسها من دون التكبيل بقيود وصاية أو ولاية لا تمت إلى شرعنا بصلة، بل هي اجتهادات وخوف من الرجل تجاه المرأة، جعلاه يفرض عليها طوقاً وسوراً لا تخرج إلى الحياة إلا من خلاله.
في هذا العام.. سمح للسينما أن تعود وتنشأ في العلن، ويجتمع الكل لأجلها بحثاً عن وقت للترفيه والفائدة، وإيجاد ثقافة تواكب العالم لغة وحراكاً، ونكون حينها في الحدث صانعاً أو متابعاً من خلال شاشة كبيرة كنا نشد الرحال إلى دول قريبة لأجلها.
في هذا العام.. تم رفع القيد عن حضور النساء المباريات الرياضية، ومنحها الحق في متابعة ناديها المفضل من دون انتظار مناسبة خارجية للسفر لأجلها، هذا القرار يصب في مظلة الحياة الطبيعية التي يعيشها العالم كله، وكنا نراها ضرباً من خيال وخطراً يحيط بنا.
في هذا العام.. أعلنت مشاريع للمستقبل نركض بها إلى العالم الأول، ونصافح فيها الحياة التي تليق بمجتمعنا والأجيال التي ستأتي بعدنا، مشاريع هدفها الإنسان السعودي، وطموحها العيش الرغيد والجلوس بعز وبفخر وعدم الحاجة إلى أحد، والاستفادة من كل ثرواتنا ومقوماتنا التي نغبط عليها.
في هذا العام.. كان لنا كلمة عليا في المشهد الدولي، وحضور لافت في المشهدين السياسي والاقتصادي، أثبت للعالم علو شأننا وقوة عزمنا، وأن الوطن خط أحمر غير قابل لأي تجاوز.
في هذا العام.. تم تشريع أنظمة وإنشاء مجالس وهيئات ومؤسسات وإعلان خطط اقتصادية، لأجل تسريع وتيرة التغيير، والركض بسرعة إلى الأمام لتعويض ما فات، والبحث عن كل ما يحتاج إليه مجتمعنا من ثقافات وتطلعات وإقرارها وفق إطارات تكفل لها المضي قدماً في ذلك.
تتعدد الأعوام وتتبدل، ويبقى الإنسان فيها هو الثابت ببشريته، المتغير بتطوره وأهدافه وتطلعاته، تغيراً إلى الأفضل متى ما كانت الحكمة الحازمة حاضرة والعزم قائداً، ليبحث عن ضالته ويفوز بها، ما عاد هناك شيء صعب، وما عاد هناك من يحجب الرؤى عنا ويفكر ويقرر ما لا نريد.
أصبحنا أحراراً من قيود لا تصح، وأصبحت لنا عقول هي من يقرر ما يصح وما لا يصح، من دون الخوض في ذرائع، والغرق في تهويمات لا طائل منها، وأصبح البياض هو ما يحيط بنا، وزال كل سواد كان يطل علينا.
المشكلات والصعوبات كثيرة، ولا شيء يحدث في يوم وليلة، لكننا على ثقة بأننا مع «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه». لذا، مع قرب عامنا الجديد لن نستكين ولن نهدأ حتى نجد بلادنا في المكان الذي يليق بها، ولن نجعل الإنسان السعودي يتأخر أبداً، وسنكون جنباً إلى جنب مع قادتنا في كل ما فيه صلاحنا وفلاحنا.
وكل عام ونحن، وطناً وقيادة وشعباً، بخير كثير بأمر الله.