مقالات

تغيير الواقع الانتخابي

محمد صادق جراد
 
هل ستبقى ورقة الدين والمذهب والعشيرة والقومية هي الورقة الرابحة في الانتخابات في العراق ؟ وهل يخشى المرشح من وعي الناخب العراقي ؟ وهل يعي الناخب العراقي مسؤوليته الوطنية تجاه بلده ؟
أسئلة كثيرة بحاجة الى أجوبة ونحن على أبواب انتخابات برلمانية في مشهد عراقي كانت السمة البارزة فيه فشل الأحزاب الفائزة في تحقيق تطلعات المواطن والناخب العراقي واكتفت بتحقيق المكاسب الشخصية لدائرة ضيقة من أنصارها بعيدا عن المصالح الوطنية
العليا .
ومن هنا يمكننا ان نقول بان الأداء المتراجع للأحزاب والشخصيات السياسية عبر سنوات التجربة العراقية السابقة قد تسبب في عزوف البعض عن الانتخابات وجعلنا أمام أكثر من نوع من الناخبين . ناخب مقاطع بشدة وناخب آخر مندفع للمشاركة بقوة .وناخب آخر متردد من
المشاركة .
اما الناخب المقاطع بشدة فقد اتخذ قراره بالمقاطعة من خلال مراقبته للسنوات الماضية وإصابته بخيبة أمل كبيرة من عمل الحكومات المتتالية وما رافقها من فساد وخلافات سياسية وصراعات حول المكاسب الشخصية.إضافة الى ان هذا الناخب قد وصلته رسالة خاطئة وهي انه لا بديل عن الأحزاب والقوى السياسية الموجودة في الساحة السياسية . فقرر عدم الذهاب الى الانتخابات مستقبلا.والناخب الآخر وهو المندفع بقوة للمشاركة في الانتخابات فهو ناخب لديه ايديولوجية معينة (دينية ، حزبية، قومية ) ويشارك من اجل ان ينتخب من يمثله أيديولوجيا بغض النظر عن كفاءته او نزاهته او أدائه السياسي .وأخيرا لدينا ناخب آخر وهو الناخب المتردد بين المشاركة من عدمها ويأتي هذا التردد من شعور هذا الناخب بان ذهابه الى الانتخابات في السنوات الماضية لم يحقق له اي منفعة شخصية فأصبح مترددا بين المشاركة من عدمها .ولكننا عندما نتحدث عن الانتخابات في العراق يجب ان نذكر حقيقة مهمة للغاية وهي ضرورة ان يسعى الجميع الى تنمية الوعي الانتخابي ولابد من جهد للمثقفين والتيارات المدنية في توجيه خيارات الناخب العراقي لمعالجة حالة الابتعاد التي يعيشها عن الأجواء الديمقراطية الحقيقية وضرورة يدرك الفرق بين الانتماء للهوية الفرعية والانتماء للهوية الوطنية العليا . وعلى المواطن ان يكتشف محاولة الأحزاب في توظيف الدين والمذهب والقومية ومحاولتها ربط الانتخابات بالقضايا الفرعية، حيث كانت ومازالت هذه الأوراق فاعلة في الانتخابات والسبب يكمن في ان الظروف التي مرت بالتجربة الديمقراطية لم تكن ظروف طبيعية بل عاشت الكثير من التحديات ومنها الإرهاب والفتنة الطائفية .
المطلوب هنا هو ان نعمل جميعا على ان نصل الى الناخب الذي يبحث عن المنفعة الشاملة لكل المواطنين بعيدا عن الخيارات الدينية والطائفية والحزبية ونقصد هنا البحث عن حكومة وطنية تنجح في إيصال الخدمات وتحقيق الأمن والاستقرار لكل العراقيين تحت مظلة الهوية الوطنية العليا والدولة المدنية الحديثة، دولة المؤسسات وهذا لن يتحقق دون وعي انتخابي وقوانين انتخابية منصفة ..