سلط تقرير لموقع “فورين بوليسي” الأمريكي، الضوء على الأسباب التي ستؤدي إلى نهاية ملف الاتفاق النووي الإيراني الذي وقع العام 2015، وانسحبت منه الولايات المتحدة قبل عدة أشهر.
وتساءل الكاتب “مايكل هيرش” في تقريره المنشور على الموقع، الأسبوع الماضي،هل يمكن أن يكون هناك اختبار أشد لتوازنات القوى العالمية مما يحدث في الأمم المتحدة حول إيران هذا الأسبوع؟، مبينا ان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، كان متفائلا بعد لقائه رئيسة الشؤون الخارجية للاتحدا الأوروبي ، فريدريكا موغيريني، والتي أعلنت عن خطط مدروسة ومفصلة في نيويورك لتقويض موقف رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، دونالد ترامب، وإنقاذ الاتفاق النووي المُبرم مع إيران عام 2015.
وأضاف الكاتب ان ترامب، صرح في اليوم التالي، أنه كان يقوم بأكثر من مجرد الإجهاز على الاتفاق النووي الإيراني الذي وصفه بـ “المروع”، وأنه فرض أيضا عقوبات كبيرة أُحادية الجانب جديدة، والتي من الواضح أنها صممت لتسريع انهيار النظام الإيراني، مبينا ان “طريقة طلب ترامب، من دول العالم جميع الدول بمقاطعة النظام الإيراني خلال كلمته أمام الجمعية العمومية للأمم المتحدة، لم تكن طريقة من يلتمس أمرا، بل بدا كما لو أنه يمرر مرسوما جديدا إلى العالم، وهو ما بدا جليا أثناء خطابه، إذ لم يكن الغرض عزلة إيران الاقتصادية فحسب، بل تهدف سياسة ترامب إلى خنق إيران فعليا”.
وأوضح أن الولايات المتحدة تضع نفسها في الوقت الراهن في مواجهة جميع دول العالم تقريبا فيما يتعلق بقضية إيران، وخاصة في مواجهة الموقف الأوروبي الموحد بشكل غير مسبوق، فعلى الرغم من الجهود التي تبذلها “موغيريني” والقوى الأوروبية الكبرى للحفاظ على تمكن إيران من بيع نفطها، إلا أن كثيرا من المحللين يشككون في احتمالية صمود الاتفاقية النووية المصدق عليها من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في مواجهة العناد الأمريكي إلى ما بعد نهاية العام الجاري.
وأشار الكاتب إلى أنه من المرتقب ازدياد حدة مسألة قوة الإرادة الأوروبية خلال الأشهر القليلة القادمة، إذ من الواضح أن ترامب يبدو مستعدا لإعلان إنذاره الأخير تحت شعار “معنا أو ضدنا”، بينما ينتقل إلى الجولة التالية من فرض العقوبات في شهر تشرين الثاني المقبل.
وتابع بالقول إن “العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة من شأنها تهديد أية شركة تسهل عملية نقل النفط الإيراني بقطع صلتها بالنظام المالي الأمريكي، والأهم من ذلك، سوف تستبعد الكثير من الشركات الدولية من السوق الأمريكي، وهو بمثابة حكم بالإعدام في ظل نظام مالي عالمي يهيمن عليه الأمريكيين”.
ويعتقد الكاتب أن الحكومات الأوروبية ربما في استطاعتها الحفاظ بالكاد على الاتفاق النووي مع إيران، والتي تركته الولايات المتحدة منذ أكثر من أربعة أشهر فهم يخططون للقيام بذلك من خلال النظام المصرفي الدولي SWIFT – والذي لاتزال إيران جزء منه منذ توقيع الاتفاق النووي في 2015، وأيضا من خلال “آلية ذات أغراض خاصة” جديدة، من شأنها مضاهاة نظام المقايضة نوعا ما.
وأردف أن بعض الدول بدأت تتخلى عن التجارة مع طهران الواحدة تلو الأخرى، خشية الانتقام الأمريكي، وحسب ما صرح به بعض الخبراء، تحافظ إيران على تمسك مبدئي بالاتفاق النووي في الوقت الراهن، ومن الواضح أنها تراقب عن كثب أهم متطلباتها الرئيسية من أجل الانسحاب النووي، ويبدو أن الالتزام بالاتفاق هو السبيل الوحيد الذي تستطيع إيران بموجبه الحصول على فوائد اقتصادية، من النوع الذي وعدت به عند تخفيف العقوبات عام 2016.
واختتم الكاتب تقرير بالتأكيد على أنه “من الواضح أن دونالد ترامب قد انتصر، أو يبدو أنه سيحقق النصر، لأن النتيجة المرجحة لسقوط الاتفاق قد ينتج عنه إيران أكثر تشددا، في وقت تتمتع فيه بقوة أكبر في المنطقة مما كانت عليه عام 2013 عندما بدأت مفاوضات الاتفاق النووي، وأكثر تلهفا من أي وقت مضى للحصول على القنبلة”.
جدير بالذكر ان الكثير من الشركات الأوروبية العملاقة، بما فيها “دويتشه تليكوم”، و”إيرباص”، وشركة الطاقة الفرنسية العملاقة “توتال”، ومصانع سيارات مثل “بيجو” و”رينو”، وشركتي “سيمنز” و”دايملر” الألمانيتين قد أنهت عملياتها بالفعل في إيران، امتثالا للعقوبات الأمريكية على طهران.