نوزاد حسن
لا اجد تعريفا للفساد افضل من قولي بان الفساد هو انقلابات يومية صامتة.وانا لا اعرف كيف سيخوض العبادي حربه الجديدة ضد الفساد التي وصفها بالحرب القادمة بعد الانتصار على داعش. لا اظن الاشهر المتبقية من عمر الحكومة ستقدم لنا شيئا ملموسا نحن الذين شعرنا باحباط كبير اتجاه ما نسمعه ونشاهده يوميا من قصص عن فاسدين يتلاعبون بصفقات مالية كبيرة ،دون ان يتعرضوا لاي مساءلة او عقاب.لكن دعونا نقف قليلا عند وصف العبادي في الايام الاولى لوزارته بان هناك حيتانا للفساد وهذا الوصف غريب جدا لان لفظة حيتان هي كناية عن جماعات معينة متنفذة تقوم بعملها غير الشرعي بسرقة البلد. بالنسبة لي سيكون الحوت مفردة غير واضحة لاني اعرف ما هو الحوت الذي يعيش في المحيط ولا اعرف بالتحديد وجه مقارنة الفاسدين بالحيتان.ومن الطبيعي الا استسيغ تدنيس حياة تلك الكائنات البحرية الضخمة حين نشبهها بمن يسرقون بلدهم وهم يصرون على ذلك.هذا في الحقيقة ما يجعلني اعتقد ان حكاية السرقات في هذا البلد تشبه عملية انقلاب ضد الفقراء اولا واخيرا ،ذلك لان البسطاء هم من سيدفعون ثمن هذه الفوضى الاخلاقية،لذا انا اتمنى ان يكون العبادي قادرا على خوض الحرب الجديدة والانتصار فيها. اما اذا ظل الحال كما عليه هو,وظل ذلك المسؤول يمارس وظيفته بوجهين,وجه ظاهري كمسؤول ووجه خفي كلص فهذا يعني ان اللعبة ستظل قائمة.وان القلق سيكون هو الكابوس الذي نعيش فيه.وكما قلت فان الفاسد لا يضر الا فقراء البلد بالدرجة الاولى.ويضر مستقبل التنمية والتطور فيه.. ما استغربه هو ان يفقد الانسان ضميره الانساني بصورة كلية.ولانني واقعي جدا فلا اطلب من اي مسؤول ان يكون له ذوق وضمير غاندي مثلا..لا اطالبه بهذا الشيء.لكني اطلب من اي شخص يجلس على كرسي المسؤول ان يتمتع بضمير محلي او عشائري او قومي على اقل تقدير.فاذا اراد ان يغش في مناقصة بناء مدرسة فليفكر قليلا بان هذه المدرسة هي لابناء محلته او عشيرته او قوميته.هذا التفكير ضار,وهذا الضمير غير موجود لكني اتمنى لو يكون موجودا. يبدو ان لصوص هذه الايام هم طبقة ناعمة جدا ورقيقة وتعرف كيف تعيش بوجهين احدهما ظاهري والاخر خفي. ومن خلال تجربتي الشخصية فقد عملت مع احد اولئك المسؤولين المتنفذين.وفي كل مرة كنت ابحث في ملامح وحركات واشارات ذلك المسؤول عن علامة كذب واحدة فلا اجد.نعم كنت اتمنى ان يحك انفه مثلا لاقول هو لص لكن دون جدوى.كان يتحدث ببراءة طفل في الابتدائية.وكان يخطط لمشاريع مهمة,وانا اتابع رحلة بحثي في وجهه دون ان اصل الى نتيجة.وهكذا فشلت وربما سيفشل جهاز كشف الكذب ايضا لو استعان به العبادي.