مقالات

خطاب “ضرب الصرامي” العباسي.. من حقنا ان نقلق

 
أ. د. كامل خالد الشامي
قبل عدة أعوام كان الناس في فلسطين وفي كل الأماكن تقريبا يقولون في مجالسهم الخاصة: الرئيس أبو مازن يصلح أن يكون رئيسا لسويسرا، لأسلوبه الحكيم وهدوئه اللافت، كان بمثابة اله الحب للناس. تغير مزاج الرجل مع الوقت، وزادت عليه ضغوطات السياسة، وأصبحت أمريكا وإسرائيل أكثر شراسة في التعامل مع القضية والسلطة الفلسطينية، وقامت الرباعية الدولية بالتلاعب بالقضية الفلسطينية وتركت إسرائيل تغفل بعا ما تشاء.
جاء الربيع العربي بمثابة كارثة على القضية الفلسطينية، وانشغل العرب بقضاياهم الداخلية، وتغيرت خارطة الشرق الأوسط, مما افقد القضية الفلسطينية الكثير من الدعم والمؤازرة.
اعتراف أمريكا بالقدس عاصمة للشعب اليهودي، وشطب حق العودة، والقضاء على حلم الدولة الفلسطينية. كل هذه الأمور جاءت مثل الصاعقة على الشعب الفلسطيني.
استراتيجية الرئيس أبو مازن التي ما زالت تقوم على نبذ العنف، واستخدام المفاوضات لتحقيق قيام الدولة الفلسطينية على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. لم تحقق أهدافها.
استغلت إسرائيل السلطة الفلسطينية الضعيفة وسياسة الرئيس القائمة على السلام والتعايش السلمي واستطاعت تهويد القدس والضفة الغربية، فصلت غزة عن الضفة الغربية وحاصرتها، وفي كل يوم يعيش الفلسطينيون أحزانا جديدة سببها الاحتلال الذي يقتل ويأسر ويصادر الأراضي، ويفتش الناس والبيوت ويمنع المرور عبر الحواجز، وشنت إسرائيل ثلاثة حروب علي غزة أدت الي قتل وجرح الالاف وتدمير البنية التحتية والمنازل والمنشآت الزراعية والاقتصادية بحجة مكافحة الإرهاب.
ومن آثار السياسة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة تشكيك الناس في قدرة السلطة على وقف الأنشطة الاستيطانية التي التهمت أغلب أراضي الضفة الغربية وتحكم اسرائيل في رقاب السكان وفي كل شاردة وواردة.
ولم تلتزم إسرائيل بإنفاقيه اوسلوا التي وقعت في عام 1993 من قبل الرئيس الراحل ياسر عرفات، ومضي على توقيعها حوالي 25 عاما ومن المفترض أن تكزن اول 5 سنوات منذ توقيع الاتفاقية بمثابة فترة انتقالية تعلن بعدها الدولة الفلسطينية.
تنصلت إسرائيل من هذه الاتفاقية واعادت احتلال الضفة الغربية في عام 2002وأصبحت تتحكم في كل مناحي الحياة الفلسطينية، وتنكرت لقيام دولة فلسطينية غلي حدود الرابع من حزيران.
أدي الانقسام الذي حدث في العام 2007 الي تدمير وتهشيم الإمكانيات الاقتصادية والبشرية في القطاع، والي حدوث مآسي إنسانية على المستوي الشعبي نتيجة الفصل والحصار. وقد باءت المحاولات العديدة في انهاء الانقسام الي الفشل، مما سيكون سببا في الانهيار التام في قطاع غزة, كما أن فشل المصالحة فتح الباب علي مصراعيه لتمرير كل مؤامرات العالم غلي القضية الفلسطينية, وأضعف المشروع الوطني الفلسطيني المتهالك أصلا نتيجة التعنت الإسرائيلي.
الخطاب الا خير للرئيس قبل عدة أيام كان عاطفيا وفيه الكثير من مؤشرات الضغوط الدولية والإقليمية والداخلية، التي تهدف الي تقويض حل الدولتين لكنة ادي الي الشعور بالخوف والإحباط لدي الناس في غزة وحتى في الضفة الغربية لم يقابل هذا الخطاب بارتياح لدي العامة في الجزء المتعلق بغزة.
القضية الفلسطينية تمر حاليا بأسوأ مراحلها نتيجة الانقسام والحصار المفروض على غزة، وحتى الفصائل والتنظيمات بغزة محاصرة ولا تستطيع فعل شيء كما تتعرض القضية الفلسطينية الي محاولة تصفيتها من قبل أمريكا وإسرائيل، وهي في الطريق الي ففدان الدعم الإقليمي لها.
ان فرض المزيد من الإجراءات العقابية غلي غزة يعني تهشيم المهشم، والسؤال الكبير الذي يطرح نفسه: ما هي الفائدة من المشروع الوطني إذا كان نصفه مهشم ومحاصر.