اخبار فنيه

دراما الغضب من مسلسلات رمضان في العراق.. هل الحظر هو الحل؟

الحرة – واشنطن27 مارس 2023

عراقيون يشاهدون التلفاز في أحد مقاهي العاصمة..أرشيف

يحتدم الجدل في العراق، على وسائل التواصل الاجتماعي وحتى داخل البرلمان، حول ما يوصف بالإساءات التي تنطوي عليها أعمال تلفزيونية رمضانية. فبالإضافة إلى مسلسل “معاوية” الذي حظر العراق عرضه، أثار مسلسلان آخران ضجة مع بدء عرضهما بداية رمضان الحالي.

المسلسل الأول “دفعة لندن” هو إنتاج قناة MBC السعودية عن قصة كاتبة كويتية، يتحدث عن يوميات طالبات من دول عربية مختلفة في العاصمة البريطانية.

المشهد الذي أثار الجدل كان ظهور طالبة عراقية على أنها “خادمة” لزميلاتها الخليجيات، ما دفع عراقيين إلى الاعتراض على أساس أن المسلسل “ينتقص” من العراقيات.

وتصاعد الجدل ليتحول إلى ما يشبه أزمة علاقات عامة بين العراقيين والكويتيين، واتهم عراقيون الدراما الكويتية بأنها “تتعمد” الانتقاص من العراقيين بشكل ممنهج.h

 ويطالب هذا المدون العراقي “الجهات المسؤولة” بإدانة العمل الكويتي “السافر”.

“حساسية العراقيين”

يقول الباحث الاجتماعي، د. علي المعموري، إن “الحساسية بين العراقيين والكويتيين تعود إلى فترة الغزو العراقي للكويت عام 1990، حيث بقي نوع من العداء والتحسس بين الشعبين”.

ويضيف المعموري لموقع “الحرة” أنه “نتيجة لهذه الحساسية، تتحكم النخب الثقافية بالحوار بين الشعبين، ويمكن أن تسبب تغريدة أو مشهد فني إساءات متبادلة”.

يقول المعموري إن “أحد العوامل التي تزيد التوتر أيضا هو حالة الإحباط التي يعيشها العراقيون، مع تفاقم المشاكل التي يمر بها الناس على الصعد الاقتصادية والسياسية، والتي غالبا ما يتخوف كثيرون من التعبير عنها من الحساسية المفرطة، كما أن وجود موضوع مثل هذا يمكن أن يكون قناة تفريغ للإحباط والغضب الحقيقي الذي يتعذر الحديث عنه بسبب المخاوف من الملاحقة أو من التعرض للانتقام”.

وفي الكويت، كانت أغلب ردود الفعل رافضة لما اعتبر “إيحاءات مسيئة للعراقيين” على الرغم من أن بعض المغردين تساءلوا عن المشكلة في وجود عراقية فقيرة أو خادمة في مشهد درامي.h

 ويقول هذا المغرد الكويتي إن “الهدف من المسلسل هو الفرقة والقطيعة.

وتعبر هذه المغردة عن استغرابها زعل “اخوانا العراقيين”، مشيرة إلى أن “العمل الشريف ليس عيبا أو حراما”.

وعاد مغردون آخرون ليتبرأوا من نسبة العمل إلى الكويت، وقالوا إن المسلسل إنتاج سعودي، وأن الكاتبة “ممنوعة من الكتابة في بلدها”.

البرلمان العراقي يدخل على الخط

المسلسل الآخر هو مسلسل درامي عراقي عنوانه “الكاسر” أثار عرضه ضجة بعد أن صور نجل شيخ قبيلة من جنوب العراق في جلسة رقص.

وأثار المسلسل ردود فعل وصلت إلى البرلمان العراقي حيث طالب نواب هيئة الإعلام والاتصالات بوقف عرضه، ما دفع الهيئة إلى إصدار أمر لقناة UTV المحلية بوقف المسلسل.

ويقول المعموري لموقع “الحرة” إن كون “القناة مملوكة لسياسي سني أثار حساسيات مشابهة للمسلسل الخليجي إذ أدى بالمشاهدين إلى احتساب أنفسهم في المعسكر المقابل مما يرفع نسبة التحسس من كل ما يعرض”.

ووفقا للمعموري “لو كانت القناة لمالك شيعي أو من الجنوب لكانت الحساسية أقل بكثير”.

وأثار عرض المسلسل انتقادات من جهات شيعية غالبا، منها ميليشيا “عصائب أهل الحق”، وحتى رجال دين.h

“الترند هو السبب”

ويقول خبير التسويق الإلكتروني الصحفي أحمد حيدر إن “الترند” هو أحيانا سبب في زيادة اللغط بشأن موضوع.

ويضيف حيدر لموقع “الحرة” أن “انتشار موضوع ما يدفع كثيرين للحديث عنه، والبعض يحاول البروز من خلال تبني لهجة أكثر حدة أو تطرفا مما يزيد الوضع سوءا”.

لكن حيدر يقول إن “حظر الأعمال الفنية أو حظر النقاش غير مجد، حيث إن الحظر أو الاستجابة للطلبات المتطرفة يشجع على ملاحقة الأعمال الفنية والمطالبة بحظرها ويخلق سوابق يتحكم بها الرأي العام بالمادة الفنية بينما يفترض أن تفتح الأعمال الفنية النقاش داخل المجتمع”.

ويتساءل حيدر عن جدوى إنتاج أعمال فنية لا تسبب الجدل أو تثير النقاش”.

ويعتقد مصطفى بهجت، وهو كاتب سيناريو مشارك في عدد من الأعمال الفنية في العراق إن “الافضل هو النقاش والتحليل والمقارنة والربط التاريخي وتقديم الدلائل التي تجعل من الفرضية الدرامية للعمل المرفوض في محل سخرية بسبب المخالفات الفنية والتاريخية والاجتماعية والمنطقية كذلك”.

ويقول بهجت لموقع “الحرة” إن “الحظر يقدم دعاية غير مقصودة للعمل المطلوب توقيفه وبهكذا فعل يقدم المعترض خدمة تسويقية للعمل المرفوض من قبله”.

ويضيف أن “النقاش يجعل صانع العمل تحت وطأة النقد المنهجي الذي يشذب العمل من الهالة المحيطة به”.

ويوضح بهجت أن هذه المواقف تتكرر في العراق مع الأعمال العربية بسبب أن العراقيين غير قادرين على سرد جانبهم من القصة فنيا، بسبب عدة عوامل منها نقص التجربة وشحة الإمكانيات والاعتماد على مشاهير السوشل ميديا بدلا من الممثلين الموهوبين.

وأعلنت هيئة الإعلام والاتصالات العراقية، السبت، وقف عرض مسلسل “الكاسر” الذي بدأ عرضه مع رمضان، وذلك بعد “مطالبات نيابية وعشائرية”، بحسب تقرير نشرته وكالة الأنباء العراقية “واع“.

وقال رئيس الهيئة، علي المؤيد، إنه تم إبلاغ “قناة (يو تي في) بضرورة إيقاف مسلسل الكاسر”، مؤكدا أن الهيئة “تقدر المطالبات العشائرية الحقة لأبناء شعبنا في جنوب العراق.. وسيتخذ كافة الإجراءات الكفيلة بالحفاظ على مكانة المواطن الجنوبي الكريم”.

وكان المتحدث باسم المكتب السياسي لميليشيا العصائب، محمود الربيعي، قد طالب في تغريدة عبر حسابه في تويتر بضرورة وقف بث المسلسل ومحاسبة إدارة القناة التي تعرضه.

وقال الربيعي وهو عضو مجلس المفوضين لهيئة الإعلام والاتصالات في تغريدته: “كنت قد حذرت من الإساءة  لأهلنا في الجنوب، ونبهت لضرورة التصدي لأي عمل درامي يمكن أن يثير غضب العراقيين في هذا الشهر الفضيل وكان جواب إدارة القناة التي تعرض المسلسل المسيء قبل العرض أن مسلسل الكاسر ليست فيه إساءة، والآن وقد تبينت الحقيقة فيجب إيقافه ومنع بثه ومحاسبة إدارة القناة”.

في المقابل، نشرت قناة “يو تي في” العراقية بيانا قالت فيه: “تلقينا بدهشة واستغراب قيام بعض الجهات والشخصيات بشن حملة ضد قناتنا من خلال تشويه مضامين الكاسر”.

وأكدت أن المسلسل “لم ينتج إلا في إطار أهدافه وغاياته المهنية والدرامية بعيدا عن أي أغراض أخرى”، مشيرة إلى أنها تؤكد التزامها بثوابتها الأخلاقية والوطنية.