مقالات

رجال ترامب: العائدون من الزمن البائد..

 
د. أماني القرم
باختيار ترامب لجون بولتون كمستشار للأمن القومي ومايك بامبيو وزيراً للخارجية، تتضح بجلاء توجهات السياسة الخارجية الأمريكية في عهد دونالد ترامب. وبناء على تاريخ الرجلين وقناعاتهما الشخصية، أضف الخصائص العجيبة لرئيسهما على قمة الهرم، فبلا أدنى شك ستكون الملامح الأساسية للسياسة الأمريكية مرتكزة على : الاسلاموفوبيا، الأحادية ، تطابق المصالح الأمريكية مع المصالح الاسرائيلية. أما العالم خلف شواطئ الولايات المتحدة فهو قسمين لا ثالث لهما: إما معنا أو ضدنا. وبذلك تكون الدائرة قد اكتملت وإدارة الحرب جاهزة في أي وقت لضغط الزر .
الإسلاموفوبيا : كلا من بولتون وبامبيو من المنادين بوقف “أسلمة” الولايات المتحدة عبر معارضة إنشاء مزيد من المساجد في البلاد مع عدم التردد في إطلاق تعبير “الإسلام الراديكالي”. فبولتون من المحافظين الجدد ورئيس مؤسسة Gatestone التي تشتهر بتعليقاتها ومقالاتها النقدية القاسية ضد الإسلام. بينما بامبيو عضو “حركة الشاي”المتطرفة التي تتضمن أجندتها مكافحة الأسلمة والقناعة بأن الصراع يكمن بين الغرب المسيحي والشرق الاسلامي. ولكلا الرجلين علاقات وثيقة مع شخصيات متطرفة مناهضة للاسلام بشكل صريح.
الأحادية : يبرز بولتون في هذا الشأن بصفته لاعباً سابقاً في هذا المضمار،حيث كان سفيراً لواشنطن في الأمم المتحدة في 2005. فهو لا يخفي إزدراءه للقوانين الدولية والاتفاقات والتحالفات الطويلة الأمد التي تحد من حركة الولايات المتحدة في الساحة العالمية . ويرى أن نسبة الإنفاق الأمريكي على مؤسسات الأمم المتحدة لا تساوي العائد الذي تجنيه منها، بل العكس يتوجب على أمريكا الانسحاب من أي من مؤسسات الأمم المتحدة التي لا تتسق مع المصالح الأمريكية، وأن ما تدفعه أمريكا يجب ألا يكون إلتزاماً بل تبرعات مقابل المنفعة وما تريده واشنطن.
إما معنا أو ضدنا: لا توجد عند الرجلين بولتون وبامبيو منطقة وسطى، فأصدقاء الولايات المتحدة يجب يتصرفوا كأصدقاء ويحددوا تحالفاتهم وخياراتهم ضمن المصالح المشتركة بينهم وبين الولايات المتحدة. فعلى سبيل المثال انتقد بولتون الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي أعاد علاقات مصر بروسيا المتحالفة مع ايران منوهاً أن على السيسي تحديد خياراته إما مع الولايات المتحدة او روسيا. كذلك الأعداء هم أعداء لا يمكن التفاوض معهم فالسلام لا يأتي إلا من خلال القوة . وحقيقة أن إيران وكوريا الشمالية أعداء للولايات المتحدة لايمكن تغييرها إلا بتغيير أنظمة هذه البلدان.
تطابق المصالح الأمريكية مع المصالح الاسرائيلية: عند بولتون وبامبيو لاتعرف أين تبدأ المصالح الأمريكية وأين تنتهي المصالح الاسرائيلية!! وفلسطين بالنسبة لبولتون هي “وهم”، والحل يتمثل في فرض الأردن سيطرته على اجزاء من الضفة، وفرض مصر سيطرتها على غزة. وما حل الدولتين إلا مشروع عفا عليه الزمن ومات. والقرارات الدولية بهذا الشأن مضللة ومخادعة ولم يعد لها وجود. كما أن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس من وجهة نظره يأتي في اتساق مع الواقع الجيوسياسي الدولي.
وكما نلاحظ أن القادمين الجدد ليسا بجدد فقناعاتهما توحي بأنهما من زمن بائد . فلا الديمقراطية ولا حقوق الإنسان ولا الخسائر في الأرواح البشرية في العالم تهمها بل كلها من وجهة نظرهما أضراراً جانبية … والسؤال هل سيزيدان هذا الزمان خراباً فوق الخراب؟ ولنا الله