خالد القشطيني
بعد أن أنجز برنارد شو مسرحيته «عربة التفاح»، وآن موعد تقديمها على المسرح، تذكر بالطبع اهتمام تشرشل بالأدب المسرحي، فبعث إليه ببطاقتين لحفلة الليلة الأولى مع هذه العبارة البرناردشوية الساخرة: «أبعث إليك ببطاقتين؛ واحدة لك، والثانية لصديق لك، إذا كان لك أي صديق!». تسلم تشرشل البطاقتين، وأجاب عليهما باعتذار لا يقل بلاغة في سخريته: «آسف لا أستطيع حضور الليلة الأولى للمسرحية لانشغالي، ولكنني سأحضر لمشاهدتها في الليلة الثانية، إذا كان سيكتب لها أي ليلة ثانية!».
وكنموذج لاستعماله البدعة المسرحية للكلمة الجانبية (aside)، يحكى أنه عندما انطلق رمزي مكدونالد في الثلاثينات يتحدث في المجلس عن عزم حكومته حل المشكلة الفلسطينية، وراح يستعرض في كلامه عن الأرض المقدسة ومكانتها ومدينة القدس والناصرة من حيث جاء السيد المسيح (عليه السلام)، تمتم تشرشل في جلسته النائمة قائلاً: «أوه، أنا سمعت أنه جاء من ونشستر»!
لقد درس تشرشل في مدرسة «إيتن» الأرستقراطية والأرقى، في حين أن غيتسكل درس في «ونشستر». كثيراً ما استلطف النيل من خصمه بالإشارة لهذا التباين في خلفيتهما. استشهد يوماً بالمثل اللاتيني «Arma Virumque cano»، ثم قال: لا بد لي أن أترجم ذلك لأصدقائنا في «ونشستر»، ليفهموه «للسلاح والرجال أغني». أسرع غيتسكل لتصحيحه قائلاً: «الصحيح أن تقول (الرجل) بالمفرد، وليس بالجمع (الرجال)». كان تشرشل بانتظار ذلك فأجاب: «ما كنت أحسبني أحيا إلى زمن يصحح لي معرفتي باللغة اللاتينية خريج من (ونشستر)!».