يبدأ الرئيس الإيراني حسن روحاني، اليوم الاثنين، زيارة إلى بغداد هي الأولى من نوعها، على رأس وفد حكومي وسياسي كبير وصف بـ”غير المسبوق”. وهو ما دفع الحكومة العراقية إلى استنفار طاقاتها في التحضير للزيارة التي تستمر ثلاثة أيام، مع تعزيز الأمن بمحيط المنطقة الخضراء وقصر الضيافة، على نهر دجلة، والفنادق القريبة التي يتوقع أن تكون مقر إقامة الوفد المرافق له. ويتضمن برنامج روحاني لقاءات عدة في النجف مع رجال دين، أبرزهم المرجع علي السيستاني، حسبما أعلنت السفارة الإيرانية في بغداد بوقت سابق. وسبق وصول روحاني وصول وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، يوم السبت الماضي، إلى بغداد، تحضيراً للزيارة التي ستشهد تنظيم مراسم استقبال في مطار بغداد الدولي. والتقى ظريف نظيره العراقي محمد الحكيم ومسؤولين عراقيين آخرين في هذا الإطار.
وكشف مسؤول بمكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، لـ”العربي الجديد”، عن أن “زيارة روحاني ستكون بهدف التوقيع على اتفاقيات وتفاهمات سابقة أنجزت بين اللجان العراقية والإيرانية منذ مدة، من بينها مذكرات تفاهم اقتصادية وتجارية وسياسية واتفاقات تتعلق بالحدود والمياه المشتركة بين البلدين”. وأضاف أن “الزيارة تهدف لتصفير مشاكل تمتد لعقود طويلة، مثل حقول النفط المشتركة، وترسيم الحدود بين البلدين، ومصادر المياه وملف التبادل التجاري، وأيضاً إنشاء مصرف عراقي إيراني مشترك، وإلغاء تأشيرات الدخول بين البلدين”.
“
من الممكن الاتفاق بين بغداد وطهران على افتتاح قنصليات إيرانية جديدة
“
ورجّح المسؤول أن “يتم الاتفاق أيضاً على افتتاح قنصليات إيرانية جديدة في محافظات أخرى، لتضاف إلى سلسلة القنصليات الموجودة، والبالغ عددها خمس في أربيل والبصرة والسليمانية والنجف وكربلاء، وهو ما قد يكون مزعجاً لواشنطن أيضاً”. ونفى ما تناولته وسائل إعلام عراقية عن أن “روحاني سيطلب من العراق تعويضاً عن الحرب العراقية الإيرانية (1980 ـ 1988) والأضرار التي لحقت ببلاده جراء اجتياح العراق للمدن الإيرانية الحدودية القريبة منه”، معتبراً أن “هذا الملف لم يتم التطرق إليه ولا يوجد سوى بند بقرار مجلس الأمن الدولي رقم 598، المتعلق بوقف الحرب بين البلدين، والمتعلق بالتعويضات سواء للعراق أو إيران”.
بدوره، أفاد عضو التيار المدني محسن الفضلي، في حديثٍ لـ”العربي الجديد”، بأن “الإيرانيين سمحوا لأنفسهم بعرض ملف الوجود الأجنبي في العراق ضمن جدول زيارة روحاني، كما تسرّب لنا. وهذا يعود لضعف السياسيين العراقيين، الذين كان عليهم عدم القبول بعرض ملف داخلي عراقي خلال المباحثات”.
وأضاف أن “زيارة روحاني لبغداد قد تصعّد فعلاً من التنافس الأميركي الإيراني في العراق، من خلال دفع واشنطن لخطوات تصعيدية أخرى، خصوصاً إذا تم فعلاً تقديم مشروع قانون إخراج القوات الأجنبية من العراق إلى البرلمان في الجلسات المقبلة”. ولفت إلى أن “صوت المعارضة للنفوذ الإيراني في العراق اختفى اليوم من القوى العربية السنية والكردية، وحتى المدنية أو الوطنية، للأسف، بسبب التغوّل الإيراني والخوف من أي تصريحات معارضة لإيران، خصوصاً أن درس (رئيس الوزراء السابق) حيدر العبادي ما زال ماثلاً في الأذهان، إذ بعد محاولته معارضة بعض الرغبات الإيرانية في العراق، خسر سباق تجديد الولاية لرئاسة الوزراء وكذلك أي منصب مهم مستقبلي، ومنها نائب رئيس الجمهورية”.
“
الزيارة تهدف لتصفير مشاكل تمتد لعقود طويلة، مثل حقول النفط المشتركة
“
من جانبه، اعتبر المحلل أحمد الحمداني، أن “الزيارة ستكون لاستعراض قوة إيران في العراق، وهي موجّهة لواشنطن ودول عدة بالمنطقة بالدرجة الأولى”. وأضاف في حديث لـ”العربي الجديد”، أن “الإعلان المسبق والمتعمّد للزيارة قبل نحو ثلاثة أسابيع، ووصول مسؤولين إيرانيين لبغداد تحضيراً لها، ونوع المذكرات والاتفاقات التي سيتم التوقيع عليها، كلها تؤشر إلى أن إيران تريد أن ترسل برقية لدول مختلفة بأنها الطرف الأقوى في العراق، وتمتلك النفوذ السياسي والاقتصادي والعسكري أيضاً”.
ولفت الحمداني إلى أن “بعض المذكرات التي سُرّبت حول الاتفاقيات التي سيجري التوقيع عليها، هي اتفاقية تبادل معرفي بين الجامعات والمراكز البحثية بين البلدين.