تشهد المنطقة العربية، العديد من الاحداث السياسية الهامة، على رأسها عقد عدد من الدول انتخابات تشريعية ومحليات، حيث تنافست فيها القوى السياسية بقوة في تلك الانتخابات، وكان على رأسها الانتخابات النيابية العراقية واللبنانية، وكذلك انتخابات المحليات في تونس.
وظهرت خلال تلك الانتخابات، الأغنية، التي استخدمتها القوى السياسية لجذب أنصار لها لدفعهم إلى التوصيت لمرشحيهم في تلك الانتخابات.
في هذا السياق، قالت دراسة ،إن مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة، بعض القوى السياسية داخل عدد من دول المنطقة في بدأت تبني آلية جديدة سواء للدعاية الانتخابية أو للتعبير عن مواقفها إزاء بعض القضايا الداخلية والإقليمية، تمثلت في الاعتماد على الأغاني والقصائد الشعرية السياسية التي تحث الجمهور على المشاركة في العملية السياسية سواء من خلال الترشح أو الانتخاب أو تبني موقف محدد من إحدى القضايا المطروحة. ورغم أن الأغاني السياسية في حد ذاتها تعد أحد أشكال التعبير الفني عن الأحداث التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط منذ عشرات السنوات، إلا أن الأنماط الجديدة التي ظهرت عليها، وطريقة توظيفها الحديثة هى التي جعلت من انتشارها في الوقت الحالي ظاهرة قيد الملاحظة.
وأوضحت الدراسة، أن هذه الآلية في الترويج للانتخابات والأحداث والمواقف السياسية المهمة لم تكن جديدة، حيث سبق أن انتشرت خلال فترة الستينيات من القرن الماضي، إلا أن تحولها من النمط الكلاسيكي الهادئ إلي الشكل الحالي الشعبي الصاخب الاحتفالي الذي يهدف إلي إشعال حماسة المتلقي وجذب انتباهه، يعتبر المتغير الأبرز والأهم الذي ساهم في توجيه الانتباه إليها وربما انتشارها عبر بعض دول المنطقة، نظرًا لقربها من الشارع الذي تزايد دوره وتأثيره بعد اندلاع الثورات والاحتجاجات العربية منذ نهاية عام 2010، وهو الدور الذي يعد في الوقت نفسه سببًا في اتجاه القائمين على هذا النوع من الترويج الإعلامي إلى مخاطبة الفئات البسيطة والمهمشة في أعمالها الفنية الصاخبة المختلفة شكلاً ومضمونًا مع النماذج التقليدية الكلاسيكية من الأغاني التي انتشرت قبل حقبة الثورات.
وأشارت الدراسة، إلى أن الأطراف التي تبنت هذا النمط من الترويج لجأت إلى تحوير كلمات أغاني ناجحة وموجودة بالفعل لصالح أحد المرشحين أو إحدى الكتل الانتخابية أو لدعم مواقفها السياسية، أو إلى تأليف أغاني جديدة، تركز على ما تسميه بـ”إنجازات” المرشح أو الكتلة في محاولة لإقناع الجمهور وكسب تعاطفه ودفعه إلى التصويت لصالحها، أو على مخاطر التغاضي عن التعامل مع قضية اجتماعية أو سياسية معينة، على نحو ما بدا جليًا في دول مثل لبنان والعراق وتركيا، موضحة أن شعبية شاشات التليفزيون قد وفرت مساحة تأثير أكبر لهذه الأغاني. إذ يعتبر التليفزيون من أهم وسائل وآليات الحملات الانتخابية والتواصل مع الناخبين، والترويج للمواقف من القضايا السياسية والاجتماعية المختلفة. وانعكس ذلك بشكل واضح، على سبيل المثال، في الجدل الذي أثارته إحدى القنوات اللبنانية، في 24 إبريل 2018، عندما قامت ببث أغنية اعتبرت اتجاهات عديدة أنها تتسم بأبعاد “عنصرية” ضد اللاجئين السوريين، حيث سخرت من استئجارهم بيوتًا غير صالحة للسكن في لبنان وإنجابهم عددًا كبيرًا من الأطفال لدرجة حولتهم إلى الأكثرية في حين بات اللبنانيون مغتربين في بلدهم حسب رؤية الفائمين عليها.