مقالات

عزل ترامب بين الحقائق والتكهنات العبثية

 
هيثم العايدي
 
” .. يقول الكاتب انه خالط محيط ترامب طيلة 18 شهرا من الحملة الانتخابية إلى البيت الأبيض وانه طرح أسئلة على اكثر من 200 شخص اعتبارا من الرئيس إلى مقربين منه لكن الإدارة عاجلت بالتنديد بما وصفته “الأكاذيب السخيفة” التي تضمنها الكتاب المليء على حد تعبيرها بـ “نميمة الصحف الصفراء” خاصة تلك المتعلقة بالتشكيك في الأهلية العقلية للرئيس.”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بين اتهامات بالتعاون مع روسيا خلال الحملة الأميركية وصولا للتشكيك في قواه العقلية لا تقل التكهنات التي تتنبأ بإجراء رسمي قريب يتم بمقتضاه عزل الرئيس الأميركي دونالد ترامب من منصبه عبثية عن تلك التكهنات التي كانت أقرب إلى التمنيات بإمكانية عدم توليه المنصب بعد إعلان نتائج الانتخابات.
فمثلما استمع الكثيرون إلى تكهنات بإمكانية قيام المجمع الانتخابي بتفجير مفاجأة وصفوها بـ (العيار الدولي الثقيل) حينما يخالف المجمع الانتخابي الأعراف ويصوت لصالح كلينتون عادوا إلى تناول الأحاديث حول عزل ترامب منذ الأيام الأولى لرئاسته على خلفية الاتهامات بتعاون مع روسيا أدى إلى تغيير توجهات الناخبين.
أما آخر هذه التكهنات فكان ما ورد في كتاب “النار والغضب في بيت ترامب الأبيض” الذي صدر في الأسواق الأميركية الجمعة لصاحبه مايكل وولف الذي يقول إنه يصور الخلل في عمل البيت الابيض ناقلا ما قال إنه سخرية من الرئيس الأميركي يتناولها افراد من إدارته.
ويقول الكاتب انه خالط محيط ترامب طيلة 18 شهرا من الحملة الانتخابية إلى البيت الأبيض وانه طرح أسئلة على اكثر من 200 شخص اعتبارا من الرئيس إلى مقربين منه لكن الإدارة عاجلت بالتنديد بما وصفته “الاكاذيب السخيفة” التي تضمنها الكتاب المليء على حد تعبيرها بـ “نميمة الصحف الصفراء” خاصة تلك المتعلقة بالتشكيك في الأهلية العقلية للرئيس.
وعلى الرغم من أن فرضية الأهلية العقلية لاقت تحركا رسميا يتمثل في 12 نائبا من الكونجرس الأميركي غالبيتهم من الديموقراطيين على استشارة اساتذة في علم النفس، بالإضافة إلى توقيع 57 نائبا ديموقراطيا (30% من الكتلة الديموقراطية في مجلس النواب) مشروع قانون ينص على تشكيل لجنة برلمانية خاصة حول “عدم أهلية الرئيس” لتحديد “ما اذا كان الرئيس قادرا نفسيا وجسديا على تولي مهامه” .. فإن هذه التحركات من غير المتوقع أن يكون لها صدى على الأقل في الوقت الحالي.
فإجراءات عزل الرئيس الأميركي تتطلب وفق ما ينص الدستور الأميركي تصويت مجلس النواب فى البدء ولو بالأغلبية البسيطة على مواد اتهام بالخيانة وفى حال توجيه التهمة، يتولى مجلس الشيوخ محاكمة الرئيس وفق آلية (العزل) التي تقود إلى توجيه السلطة التشريعية التهم للرئيس استنادا إلى تحقيق خاص تطلبه، وفي حال الاتهام تجرى المحاكمة برئاسة القاضي الأعلى في المحكمة العليا ويكون مجلس الشيوخ هيئة المحلفين.
ويتطلب توجيه الاتهام وبدء المحاكمة موافقة مجلس النواب بأغلبية الثلثين، وتتطلب الإدانة وخلع الرئيس من منصبه، موافقة أغلبية الثلثين في مجلس الشيوخ.
وفي حالة ترامب فإن هذا الأمر حتى ولو تم اجراء المحاكمة فإن العزل يبدو مستبعدا على الأقل في الوقت الحالي نظرا لأن مجلس الشيوخ ما زال متمتعا بالأغلبية الجمهورية وحتى إذا ما فاز الديمقراطيون بأغلبية مجلس النواب في انتخابات التجديد النصفي خلال العام الحالي فإنهم على الأرجح لن يتمكنوا من حشد أغلبية الثلثين اللازمة لإدانة ترمب في مجلس الشيوخ كما أن إقدام الجمهوريين على مجاراة الديمقراطيين في هذا المسار فيه مقامرة بخسارة الأصوات التي قادت ترامب إلى الرئاسة.