مقالات

على تركيا أن تحذر من التمادي في سورية

بقلم : حميدي العبدالله

البيان الصادر عن الخارجية السورية والذي يجدّد مطالبة تركيا بسحب قوات احتلالها بشكل فوري وغير مشروط، لا يمكن وصفه بأنه مجرد حفظ مبدئي لحق سورية بالدفاع عن سيادتها ورفض أيّ احتلال أجنبي لأراضيها مهما كانت الذرائع.

تركيا تلاعبت باتفاقات مناطق خفض التصعيد وأدخلت قوات عسكرية إلى الأراضي السورية بهذه الذريعة، ولكن القوات التركية وظّفت في غير الأهداف المنصوص عليها باتفاقات وقف التصعيد، بل إنها عملت على العكس أيّ اجتاحت منطقة هادئة خالية من الإرهابيين، مستفيدةً من خروج وحدات الحماية الكردية عن شرعية الدولة السورية للقيام بغزو منطقة عفرين وتدمير المنطقة وتشريد سكانها، بل اعتدت على قوات عسكرية تعمل تحت شرعية الدولة السورية حيث سقط شهداء كثر للقوات الشعبية التي ذهبت إلى عفرين لمؤازرة حاميتها. بديهي أنّ هذا التصرف أحرج شركاء تركيا الضامنين لاتفاقات خفض التصعيد أيّ روسيا وإيران.

اليوم عندما يهدّد الرئيس التركي بمهاجمة مناطق تنتشر فيها القوات العسكرية السورية التي تعمل تحت إمرة الدولة السورية، بل أكثر من ذلك يهدّد بالوصول إلى أطراف مدينة حلب، الأمر الذي يهدّد كبرى المدن السورية.

اليوم أيضاً عندما انتفى، حتى حسب تصريحات المسؤولين الأتراك، الخطر المزعوم من عفرين، كما أوضح بيان الخارجية السورية، فإنه لم يعد هناك أيّ مبرّر لوجود القوات التركية في منطقة عفرين، وعلى هذه القوات الانسحاب فوراً.

صحيح أنّ التجارب أوضحت أنّ الرئيس التركي لن يستجيب لأيّ نداءات يمكن أن تصدر عن الخارجية السورية أو الدولة السورية، أو حتى شركاء تركيا في أستانة، روسيا وإيران، ولكن الصحيح أنّ الدولة السورية لا يمكنها السكوت على تمادي تركيا، سواء تمثل هذا التمادي بتهديد مناطق خاضعة لسيطرة الجيش السوري، أو الإصرار على البقاء في عفرين.

الجيش السوري يفرَغ الآن من معركة الغوطة التي كان لتركيا دور في تفجيرها لتغيير أولويات الجيش السوري، وخلق وضع يتيح لتركيا غزو عفرين دون توقع مسارعة الجيش السوري لمواجهتها، وبالتالي بات الجيش السوري جاهزاً لإعطاء إدلب ومناطق الاحتلال التركي أولوية، وستجد الدولة والجيش السوري كلّ الدعم من روسيا وإيران ليس فقط لأنهما حليفان لسورية في مواجهة الحرب الإرهابية التي شنّت عليها، بل وأيضاً لأنهما دولتان ضامنتان لاتفاقات خفض التصعيد التي انتهكها الجيش التركي بغزو عفرين ومشاركة قوات المراقبة التركية لاتفاق خفض التصعيد في احتلال هذا الجزء من الأراضي السورية