فوزي رمضان
” كيف لأهم منظمة دولية في التاريخ أن تقف عاجزة؟، ولاتستطيع أن تفعل شيئا أمام الممارسات اللا أخلاقية واعتبار جميع الدول الأخرى أصفارا لاقيمة لها ولا وزن، 191دولة هم أعضاء ذو سيادة كاملة في منظمة الأمم المتحدة يمثلهم فقط خمس دول، بعضوية دائمة في مجلس الأمن مقابل 10مقاعد، غير دائمة يتداولها 186 دولة أي أن نفوذ دولة واحدة من الخمسة الكبار يعادل نفوذ 36 دولة، فأي مساواة وأي عدل،”
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إذا رغبت الدول الكبرى اتخاذ قرار للحرب على الدول الضعيفة، لجأت إلى مجلس الأمن، ولو طمعت في ثرواتها وابتزازها لجأت إلى مجلس الأمن، وإن أرادت تأديب دولة خرجت عن الطاعة، أرغمتها عن طريق مجلس الأمن أيضا، إذًا كيف وبأي شرعية تنفرد دول خمس بحق تقرير مصير العالم ؟، وكيف لهذه الدول أن تحتكر لنفسها المقاعد الأكثر نفوذا مدى الحياة ودون تحديد نطاق زمني؟ ، كيف يمكن لخمس دول فقط أن يكون لهم حق البلطجة؟ وارتكاب الجرائم، وشن الحروب على بقية الدول دون إجراء أخلاقي، كيف يمكن فرض القهر والظلم وحرمان الشعوب من حقوقها في الاحتكام إلى نظام دولي عادل يلبي شكواها؟ كيف يعقل أن يسخر مجلس الأمن كل نفوذه للعمل ضد العرب ومصالحهم دونما خلق الله؟.
كيف لأهم منظمة دولية في التاريخ أن تقف عاجزة؟، ولاتستطيع أن تفعل شيئا أمام الممارسات اللا أخلاقية واعتبار جميع الدول الأخرى أصفارا لاقيمة لها ولا وزن، 191دولة هم أعضاء ذات سيادة كاملة في منظمة الأمم المتحدة يمثلهم فقط خمس دول، بعضوية دائمة في مجلس الأمن مقابل 10مقاعد، غير دائمة يتداولها 186 دولة أي أن نفوذ دولة واحدة من الخمس الكبار يعادل نفوذ 36 دولة، فأي مساواة وأي عدل، إن التركيبة غير الشرعية لمجلس الأمن وآليات العمل الإقصائية وممارساته الديكتاتورية،لا تؤهلانه للعب أي دور سواء في إحلال السلام أو نشر الديموقراطية المنشودة.
كيف أيضا لهذا الكيان المنبثق من عقلية وثقافة الحروب، أن يقوم بدور في إحلال السلم الدولي في ظل نهم الأطماع الاقتصادية، منذ أن تأسست الأمم المتحدة في العام 1945 بعد الحرب العالمية الثانية، كانت العضوية الدائمة ماهي سوى شكل من أشكال العقاب لدول المحور المنهزمة ، وبالتحديد ألمانيا وإيطاليا واليابان والقضاء على أية إمكانية لعودة نفوذها، في ذات الوقت إضفاء الشرعية لهيمنة الدول الغربية على دول الجنوب وخاصة الشرق الأوسط وبسبب الفيتو الممنوح للخمس الكبار الفائزين في الحرب العالمية الثانية، وهم روسيا وأميركا وانجلترا وفرنسا والصين، فلتلك الدول الحق والصلاحية في نقض أي قرار من قرارات المجلس دون إبداء الأسباب، مما يعتبر تجسيدا عمليا للدكتاتورية التي تنسف إجماع الأعضاء الآخرين، على أي قرار مهما بلغ عدد الأعضاء، حتى أصبحت تلك الدول تمثل التمرد على المنظمة ذاتها، والعمل على تدميرها، وتعطيل آمال الدول الصغيرة من الحصول على حقوقها.
فعندما استخدمت روسيا حقها في الفيتو 120مرة كان ذلك لحماية أطماعها ومصالح حلفائها، وعندما أيدت قوات صرب البوسنة الذين ارتكبوا الفظائع بحق شعب البوسنة، وعندما استخدمت أميركا حق الفيتو 77 مرة ، كان لصالح إسرائيل ودعمها وإبطال أي قرار يتضمن وقف الاستيطان وأعمال القتل والعنف على الأراضي الفلسطينية، ومازالت الولايات المتحدة تمارس ديكتاتوريتها على مجلس الأمن ليصبح قتل البشر شرعا وقانونا، مما حدا بالكثير من الدول إلى التشكيك في مصداقية الأمم المتحدة كواجهة لحل النزاعات على مختلف الأصعدة.
وحتى بدون شرعية دولية أو أي غطاء شرعي أو تفويض من مجلس الأمن استطاعت أميركا غزو العراق عام 2003، وضرب جورج بوش بالمعارضة الدولية عرض الحائط، وغزا دولة عضوا في الأمم المتحدة ودمرها ومزق أوصالها، وقتل قرابة المليون من أبنائها بالأسلحة الفتاكة المحرمة دوليا، ومع ذلك لم تحرك الأمم المتحدة ساكنا ولاتلوم ولا تعاتب، الأمر نفسه تكرر في أفغانستان وليبيا والسودان، واعتدت الطائرات الأميركية على أراضي البلدين، ومثلت بالأبرياء وعندما دكت غزة وأحالت دولة الاحتلال منشآتها إلى كتل من الدمار، عجزت الأمم المتحدة في استصدار قرار يدين إسرائيل … وكان الفيتو الأميركي كالمعتاد.
لكل تلك المارسات غير الانسانية، بدا نجم تلك المنظمة في الأفول ولم يعد مجلس الأمن، يمثل ميثاق الأمم المتحدة أو يمثل العقد الاجتماعي ، بين الدول الملتزمة به وبدأت تتفتح الملفات التي تتعلق بإصلاح المنظمة، بعدما فاحت رائحتها في التغطية على جرائم القوى الكبرى، وانحصر دورها في معاقبة الدول الصغرى وترك الكبار يعيثون فسادا، بل وتوفير الشرعية الدولية الذائفة لحروب وغزوات عسكرية، وانقلابات لعزل الحكومات التي لايرضى عنها الغرب، وقد طالب الكثير من زعماء العالم أمثال كاسترو وشافيز وصدام حسين والقذافي، بإصلاح منظومة الأمم المتحدة ونقل مقرها من أميركا، وإنهاء تسخير القوى الكبرى لمنظمات الأمم المتحدة الإنسانية والاقتصادية ومحكمة العدل والجنائية الدولية لصالحها. لم يعد نظام الأمم المتحدة صالحا لعالم اليوم وإن تركت بلا إصلاح حقيقي سيفقدها النفوذ والسطوة، وعندما يصبح شعارها البلطجة وشريعة الغاب ….. إًذا على الدنيا السلام.