{غياب الخطاب الوطني}

1

حسن فليح / محلل سياسي

ان المشاريع والخطابات الوطنية تُفتت المشاريع والخطابات الطائفية إضافة إلى نشر الوعي السياسي لدى المواطن حول خطورة الطائفية ومشروعها على الوطن وما تجلبه من دمار وتمزيق ، وقد لا حظنا ذلك في انتفاضة شباب تشرين العراقية التي أظهرت وعياً وطنياً عالياً برفضها للطائفية ومشاريعها السياسية المدمرة، كما لاحظنا كيف انتشر هذا الوعي في العراق وكيف التف حولها الشعب العراقي مظهراً تأييده لها ، ومن مميزات هذا الوعي لدى الشباب العراقي أن هذه الانتفاضة قد ظهرت في وسط وجنوب العراق الذي طالما راهن عليها الطائفيين وإيران بأنها العمق الاستراتيجي لهم ولمشاريعهم الظلامية الهدامة والممزقة لوحدة الشعوب والاوطان ، كما لاحظنا مدى الهجمة الشرسة من قبل الطائفيين لقمعها وقتل ناشيطيها بغية قتل العامل الوطني لدى جميع الناس وتجذير العامل الطائفي في مجتمعنا العراقي ،
أن بعض الأحزاب والسياسيين الفاسدين انشأوا قنوات عديدة للدفاع عنهم والطعن بمن ينتقدهم، وقد أصبحت هذه القنوات منابر لبث السموم وزرع الخطاب التحريضي الطائفي ، ان كل مايحصل بالعراق اليوم وبعض الدول العربية هو عبارة عن تجسيد للمشروع الامريكي والي بدأ في عهد الرئيس جيمي كارتر ،
وفي هذا الشأن يقول بريجينسكي فإن أفضل وسيلة لتفتيت الأنظمة والدول والشعوب هي تعميق التعدد المذهبي والطائفي والعرقي، من خلال تمكين طائفة بعينها ودعمها، لقهر بقية المكونات ،
ويضيف ستعاني تلك المجتمعات من مشكلة دائمة، تتعلق بخلق التوافق النسيجي فيما بينها، وهذا ما بدأه فعلا في عهد الرئيس جيمي كارتر حين نصح الرئيس بالسماح “للشيعة السياسية” بالسيطرة على الحكم في إيران على حساب كل القوى الثورية التي شاركت في الثورة ضد الشاه ، وكان ذلك إيذانا بفتح صفحات مشروع كبير يرتبط بعقد سياسية أكثر منها دينية، مرتبطة بتاريخ الطوائف والمذاهب في المنطقة، ومنذ ذلك التاريخ تحديدا بدأ ما يسمى بـ(الفوضى الخلاقة) التي أعلنتها رسميا الإدارة الأميركية في عهد الرئيس الأميركي السابق جورج بوش (الصغير) وسيلة لبناء شرق أوسط كبير ،
وقد افضى هذا المشروع الدموي إلى كوارث متعددة كان من ضمنها تكريس هذا الصراع من خلال تسييس متعمد للمذاهب واستخدام الدين السياسي وصولا الى اتفه الغايات والاهداف المخلة بالقيم والشرف الوطني النبيل ، والتي بدورها عرضت السلامة الوطنية الى الانهيار وكرست الاستبداد الطائفي وتجذير التخلف والفوضى السياسية وهددت وحدة الشعب والبلاد بالانهيار التام .
ان إعادة مَا يمكن من بناء الوحدة الوطنيّة والتداول السلميّ للسلطة، وإطلاق الحريّات بأنواعها ، هي من مسؤولية المثقفين والسياسيين الوطنيين من خلال تفعيل عوامل الخطاب الوطني وعدم الانجرار الى النقاشات الطائفية والابتعاد عن تداولها والخوض بها ، والعمل على تكوين رؤية وطنية لمواجهة هذا الكم الهائل من تكريس الخطاب الطائفي في المنابر الاعلامية ، والعمل على تجاوز العقم السياسي الحاصل في الساحة السياسية . من خلال تبني الخطاب الوطني المعتدل .

التعليقات معطلة.