فتح أبواب التكامل الاقتصادي والصناعي والتجاري ومشاريـع «الطاقـة الكبـرى»

1

الأحد 29 آب / أغسطس 2021. 12:00

مركز «الدستور» للدراسات الاقتصادية – عوني الداوود

في « قراءة تحليلية « حول المخرجات الاقتصادية « لقمة بغداد للتعاون والشراكة « التي استضافتها العاصمة العراقية بغداد يوم أمس بمشاركة جلالة الملك عبد الله الثاني وعدد من قادة دول المنطقة والعالم فقد جاء في « الورقة التحليلية « بأن « قمة بغداد للتعاون والشراكة « لم تأت وليدة اللحظة وليست كغيرها من القمم بل هي فريدة من نوعها وثمرة جهد خلاّق بذلته حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي منذ تشكيلها قبل نحو عام وبضعة اشهر وتحديدا في مايو/ ايار 2020 استطاع منذ ذلك الحين وبعد انقضاء مرحلة شاقة من محاربة الارهاب الذي عانى منه العراق وهدد أوصالها وكيانها ان يعيد الرئيس الكاظمي ترتيب البيت الداخلي ويقرب وجهات النظر بين مختلف الوان الطيف السياسي وان يشكل حالة توافقية تؤسس لمرحلة جديدة من اعادة بناء المؤسسات المدنية والعسكرية والامنية داخل العراق الذي تسعى حكومة الكاظمي من الانتقال من مرحلة محاربة الارهاب بيد الى تفعيل اليد الاخرى باعادة الاعمار .
الرئيس الكاظمي وبالتوازي مع اعادة ترتيب البيت الداخلي وصولا لانتخابات برلمانية في العاشر من تشرين الاول المقبل بدأ تحركات لاستعادة دور العراق الاقليمي والدولي ، ساعده في ذلك كثيرا الدعم الكبير الذي لقيه من جلالة الملك عبد الله الثاني ، ايمانا من الاردن بأهمية امن واستقرار العراق ، وانطلاقا من العلاقات التاريخية الراسخة بين البلدين وايمانا بأن كلاّ من العراق والاردن يشكل كل منهما رئة الاقتصاد للآخر ، وشواهد التاريخ على ذلك كثيرة ، والاردن استطاع ان يمأسس العلاقات الثنائية ويفتح ابواب الحضور العراقي الاقليمي وبالتعاون مع الشقيقة الكبرى مصر بخلق محور تعاون ( سياسي اقتصادي تكاملي ) بين الاردن والعراق ومصر، ثم يفتح الاردن الباب على مصراعيه امام دخول شراكات اقتصادية اخرى في الاقليم من خلال التعاون ( الاردني اليوناني القبرصي ) المشترك وتجلّى ذلك في البيان الختامي للقمة الثلاثية التي عقدت مؤخرا في العاصمة اليونانية اثينا والتي ابدت فيها كل من اليونان وقبرص رغبة بالمساهمة والاستثمار بمشاريع اعادة اعمار العراق ومن خلال التعاون مع محور ( الاردن والعراق ومصر ) .
وأشارت « الورقة التحليلية « لمركز» الدستور « للدراسات الاقتصادية حول مخرجات « قمة بغداد « بأن الملف العراقي كان في مقدمة الملفات الاقليمية الهامة التي بحثها جلالة الملك عبدالله الثاني مؤخرا خلال زيارته التاريخية للولايات المتحدة الامريكية ،وكان موضوع دعم العراق ومساعدته على استعادة الامن والاستقرار ومكافحة الارهاب واعادة ترتيب بيته الداخلي واستعادة دوره الاقليمي والدولي انطلاقا من أن استقرار العراق هو استقرار للاردن والعكس صحيح ، كان هذا الموضوع في مقدمة الملفات التي بحثها جلالة الملك في واشنطن بالاضافة الى ملفات عديدة اخرى كالقضية الفلسطينية وغيرها .. وقد نجح جلالة الملك بدعم «الملف العراقي « خلال حواراته مع كافة غرف وصناع القرار في الولايات المتحدة بدءا من الرئيس الامريكي جو بايدن ومرورا بنائبة الرئيس ووزير الدفاع ومستشار الامن القومي ووزير الخارجية والكونغرس الامريكي بنوابه وشيوخه ، وهذا ما ساعد كثيرا وفتح ابواب القبول والتفهم الامريكي لما طرحه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال زيارته الاخيرة للولايات المتحدة الامريكية والتي اعقبت زيارة جلالة الملك عبد الله الثاني الى واشنطن مباشرة .
التحضير لقمة بغداد كان مستمرا بحشد الموافقات على حضورها بين دور الجوار ودول عالمية داعمة ، وكان هناك تواصل اردني فرنسي مشترك من اجل ذلك ، وقد تجسد هذا الامر بحرص الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على حضور القمة شخصيا وقد شكره جلالة الملك عبد الله على حضوره ودعمه خلال لقائه امس على هامش اعمال قمة بغداد.
«قمة بغداد » كان لها اهداف واضحة تماما ومعلنة تجسدت باستعادة الدور الاقليمي والدولي للعراق ، والتعاون بين دول الجوار على محاربة الارهاب ، والدخول في شراكات اقتصادية تنموية لاعادة اعمار العراق ، و تظهر مخرجات القمة انها « قمة بغداد « قد نجحت بتحقيق اكثر من ذلك – وفقا لورقة مركز «الدستور» للدراسات الاقتصادية – وفي مقدمتها :
– ان مجرد انعقاد « القمة « هو نجاح بحد ذاته ودليل على دور العراق المركزي في بناء الجسور وتعزيز الحوار الاقليمي والدولي كما قال جلالة الملك عبد الله الثاني في كلمته امس بافتتاح اعمال المؤتمر .
– القمة نجحت بجمع « الفرقاء « على طاولة واحدة وهذا بحد ذاته نجاح كبير للدبلوماسية العراقية التي يقودها الرئيس مصطفى الكاظمي ، وذلك من خلال مشاركة – بالاضافة الى الاردن ومصر وفرنسا كلا من : ( السعودية وايران وقطر وتركيا والامارات والكويت ) .. وجميعهم اتفقوا على اهمية دور العراق واستعدادهم جميعا على مساندته في محاربة الارهاب والعمل على استقراره ودعمه اقتصاديا والمساهمة بمشاريع اعادة الاعمار .
– القمة شهدت دعما عربيا واسلاميا وأمميا من خلال مشاركة ( جامعة الدول العربية – ومنظمة التعاون الاسلامي – ومجلس التعاون الخليجي )، بالاضافة الى نحو 20 سفيرا بمن فيهم الولايات المتحدة الامريكية .
– حتى لبنان كان حاضرا على هامش القمة سواء من خلال مباحثات جلالة الملك عبد الله الثاني مع الرئيس الفرنسي ماكرون او من خلال مناشدة رئيس الوزراء اللبناني المكلف نجيب ميقاتي للقمة للاهتمام بلبنان .
– القمة شكلت دعما اقليميا ودوليا كبيرا لنجاحات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي وحرص على المضي قدما بسياساته التوفيقية محليا واقليميا لاستعادة دور العراق وتثبيت الامن والامان داخليا واقليميا واعادة انعاش التنمية والاقتصاد ليعود ذلك بالنفع على المواطن العراقي الذي عانى كثيرا من ويلات الدمار وتراجع الاقتصاد وفقدان الوظائف ،وقد آن الاوان لاستعادة عجلة التنمية والاستثمارات .
 الاقتصاد في «قمة بغداد» :
– عنوان القمة مزج بين « التعاون والشراكة « وهو بالاضافة الى التعاون والشراكة « السياسية والامنية « فان العراق يتطلع من خلال هذه القمة لشراكات وتعاون اقتصادي بين جميع دول الجوار والاقليم والعالم كي يستعيد العراق دوره التنموي اولا ولان المشاريع الاقليمية الكبرى المقبلة ستنعكس ايجابا على العراق وجميع الدول المشاركة والمستثمرة لما يملكه العراق من ثروات بشرية ومالية ونفطية .
– العراق اليوم لديه جاهزية ومقومات تمكنه من الانطلاق سريعا لمرحلة التنمية واعادة البناء بدءا من شراكاته الاستراتيجية التي قطع فيها شوطا كبيرا من خلال التعاون ( الاردني العراقي المصري ) المشترك والذي حقق خلال 3 سنوات و4 قمم اتفاقيات تجارية واقتصادية واستثمارية بين هذه الدول الثلاث وتحديدا بين الاردن والعراق من ناحية وبين مصر والعراق من ناحية اخرى ما يمكّن العراق تحديدا من بدء تشغيل مشاريع في قطاعات متعددة ومنها المقاولات والمشاريع الهندسية وتكنولوجيا المعلومات والصناعات الغذائية والطبية بالاضافة الى قطاعات الصناعة والتجارة والطاقة والنقل وغيرها .
– العراق مقبل على مرحلة مشاريع اقليمية كبرى بمليارات الدولارات ، وفي مقدمة تلك المشاريع : « المنطقة الاقتصادية التنموية « بين الاردن والعراق وبمشاركة مصر ، ومشروع خط نفط « البصرة – العقبة « وهناك تطلعات لاستفادة مصر من هذا الخط ايضا – مشاريع الطاقة والكهرباء بين الاردن والعراق – ومشاريع الغاز الاردني المصري العملاقة والتي تستفيد منه دول الاقليم عموما ومنها لبنان مرورا بسوريا ، وبالتأكيد المجال مفتوح دائما لشراكات عراقية واقليمية بمشاريع يتطلع الأردن لطرحها قريبا وفي مقدمتها « مشروع الناقل الوطني « .
– المنطقة مقبلة على مشاريع تنموية كبرى في مجال الطاقة و النقل وتحديدا السكك الحديدية وهذه مشاريع ضخمة كانت في مقدمة مخرجات القمة الاقتصادية العربية الاولى التي عقدت في الكويت مطلع عام 2009 وبمليارات الدولارات ولكنها لم تفعّل ولم تنفذ .
– من هنا كان هناك اكثر من اشارة خلال «قمة بغداد « حول ضرورة العمل على تنفيذ مخرجات مؤتمر اعادة اعمار العراق الذي استضافته الكويت عام 2018 وهي تحتاج الى تفعيل ، ويبدو ان المرحلة المقبلة باتت مواتية لمثل ذلك .
– القمة تحدثت عن اهمية تعاون دول الجوار والاقليم والعالم في مواجهة مشكلتين يعاني منهما العالم في هذه المرحلة وهما « نقص الامن الغذائي – ومواجهة تداعيات وباء كورونا « وقد اشار الى ذلك جلالة الملك عبد الله الثاني خلال كلمته في القمة يوم امس .
 مشاريع ومخرجات اقتصادية
 في «قمة بغداد»:
– من أبرز ما رصدته الورقة التحليلية لمركز» الدستور» للدراسات الاقتصادية حول المخرجات الاقتصادية لقمة بغداد .. نشير الى ما يلي :
– جلالة الملك عبد الله الثاني تحدث بوضوح بان المرحلة بحاجة ماسة لتكاتف جهود دول المنطقة والعالم لمواجهة اخطار نقص الامن الغذائي وتبعات « كورونا» ، ولطالما حذّر جلالته في اخطار وتبعات كورونا الاقتصادية ، ولا شك بأن دول الجوار أولى بمزيد من التعاون في هذين المجالين على صعيد الاقليم وخصوصا مع « العراق « وكذلك « لبنان « وباقي دول الاقليم والعالم ، انطلاقا ايضا مما سبق واشار اليه جلالته في المحافل الدولية من الحاجة الى اعادة «ضبط العولمة» .
– تم التأكيد خلال « القمة « عن ان العراق يفتح ابوابه لمرحلة اعادة الاعمار ، والاعلان عن آليات تأسيس شراكات مستدامة اقتصادية واستثمارية في مختلف المجالات بين العراق ودول المنطقة ، وان العراق – كما اكد ذلك رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي خلال كلمته بافتتاح اعمال المؤتمر – اكد بان هناك جدّية دولية في دعم الاستثمار في العراق ، وان هناك سعي من قبل الحكومة العراقية لتفعيل المشاريع واعادة الحياة في جميع المدن العراقية .
– خلال مؤتمر صحفي عقده الرئيس العراقي برهم صالح مع نظيره الفرنسي ايمانويل ماكرون تم الكشف عن عدة امور تتعلق بالتعاون الاقتصادي ومنها :
– ابرام عقود اقتصادية في مجال الطاقة بين العراق وفرنسا على هامش « مؤتمر بغداد للتعاون والشراكة « .
– تاكيد الرئيس الفرنسي على ان فرنسا شريك اقتصادي لاعادة اعمار العراق .
– فرنسا تخصص ميزانية لدعم استقرار المناطق المحررة وتلتزم بدعم العراق.
– اطار تعاون فرنسي عراقي لمكافحة التحديات المناخية خلال الشهور المقبلة.
– لا استثمار ولا تنمية دون امن وامان واستقرار وهذا ما نجح به المؤتمر من خلال ( جمع الفرقاء – عودة العراق لدورها الاقليمي – وصولا الى شراكات امنية واقتصادية )
– العراق بعد « المؤتمر « يتطلع للبدء بمرحلة : التنمية والبناء
– دعم دولي لانتخابات العاشر من تشرين الاول المقبل ..ويشكل ذلك الموقف ايضا دعما للعراق باستعادة بناء مؤسساته المدنية والعسكرية لتحقيق الامن والاستقرار والتنمية .
– دعم اقليمي ودولي لانجازات الكاظمي ،واستعادة مكانة العراق انطلاقا من تاكيد المؤتمرين على ان : «العراق ركيزة امنية واقتصادية في المنطقة «.
– تطلعات لتنفيذ العديد من الاتفاقيات الموقعة بين العراق ودول الجوار والعالم لتحوياها لواقع ملموس على الاقتصاد والتنمية .
– التزام تركي لتحقيق مشاريع بنى تحتية استراتيجية ضمن التزامها بمؤتمر الكويت 2018 لاعادة اعمار العراق.
– صندوق سعودي عراقي بنحو 3 مليارات دولار وتعاون في مجال الطاقة .
– امكانيات وقدرات العراق المالية والبشرية ستمكن العراق من سرعة استعادة دوره السياسي والاقتصادي .
– حروب العراق ضد الارهاب كبّده كلفا باهضة في الانفس والاموال .
– اكدت «قمة بغداد» على ان العراق يدخل مرحلة جديدة بالبناء والتنمية .
– كشف امين عام مجلس التعاون الخليجي نايف الحجرف – خلال « قمة بغداد «- عن تحضيرات لعقد مؤتمر الاعمار والاستثمار الخليجي العراقي في الفترة المقبلة .
– تأكيد على ضرورة متابعة مخرجات مؤتمرالكويت 2018 لدعم العراق اقتصاديا، وكان المؤتمر الذي استضافته الكويت قد نجح بجمع اكثر من ( 30 ) مليار دولار لاعادة اعمار العراق .
– بقي ان نشير الى نقطة هامة وهي ان الاردن الذي لعب دورا مهما من خلال جهود جلالة الملك والتواصل مع الاشقاء العراقيين وتحديدا رئيس الوزراء العراقي بنجاح القمة بتحقيق اهدافها واستطاع الاردن أيضا ومن خلال لقاءات جلالة الملك مع القادة على هامش اعمال القمة التاكيد على العلاقات المشتركة بالاضافة الى بحث توسيع آفاق التعاون مع الدول المشاركة خصوصا في المجالات الاقتصادية .
– كما ان العراق يتطلع الى مرحلة ما بعد قمة بغداد بتفاؤل نحو بدء دوران عجلة المشاريع ،فان الاردن كذلك سوف يستفيد كثيرا من مشاريع اعادة الاعمار في العراق بكافة قطاعاته الاقتصادية ، ومشاريع الاقليم الكبرى المشتركة ، وكلها مشاريع ترفع معدلات النمو وتجذب الاستثمارات وتخلق فرص عمل في العراق والاردن ومصر وكافة دول المنطقة .

التعليقات معطلة.