فنانون عرب سفراء أمميون.. أدوار حقيقية أم وجاهة اجتماعية؟

2

نقاد يرون أن معظمهم يستثمر امتيازات المنصب الأممي

هيام بنوت صحافية 

الممثلة الأميركية أنجلينا جولي أحد أفضل السفراء الفنانين الذين مثلوا منظمة الأمم المتحدة   (أ ف ب)

يتسابق النجوم العرب على شغل مناصب سفراء لدى المفوضية العامة للأمم المتحدة في مجالات مختلفة مثل التعليم والغذاء والمساعدات الإنسانية والسلام ومكافحة الجوع والتغير المناخي والطفولة والصحة.

والهدف من منح الأمم المتحدة النجوم لهذه المناصب هو التركيز على القضايا الإنسانية، إذ يفترض بهم أن يتحملوا في الأزمات مسؤولية بالغة الأهمية تجاه المجتمع والإنسانية وأن يسخّروا شهرتهم وجماهيريتهم وحتى ثرواتهم الضخمة لدعم القضايا المحقة.

لكن هل يؤدي النجوم العرب مثل نظائرهم الأجانب الأدوار التي يفترض أن يقوموا بها من خلال المناصب التي يحملون ألقابها، فعلى سبيل المثال الممثلة الأميركية أنجلينا جولي زارت معظم دول العالم منذ تعيينها سفيرة النوايا الحسنة للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وقدمت المساعدات المادية والعينية للشعوب التي تعيش أزمات صعبة.

يذهب بعض النقاد إلى أن الواقع يشير ومن خلال الأزمة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة إلى أن معظم النجوم العرب يتنافسون على منصب سفير لدى الأمم المتحدة لتحقيق منافع شخصية لأنهم يحصلون بفضله على جواز سفر دولي يمكنهم من السفر إلى أي مكان في العالم، إضافة إلى ما يحمله من امتياز في الوسط الفني، فيما جل ما فعله معظمهم خلال أحداث غزة نشر تغريدات تضامنية ليس أكثر حتى إن كثراً منهم لم يشاركوا في التحركات التي نظمتها النقابات الفنية تنديداً بسقوط المدنيين.

في المقابل، قلة منهم أدت دورها الإنساني المنوط بها عبر التعاون مع “يونيسكو”، بينهم منى زكي ودنيا سمير غانم ونانسي عجرم اللواتي دعَون الجمهور إلى المشاركة في التبرعات من أجل دعم صمود الشعب الفلسطيني في غزة، أما لطفي بوشناق فأعلن تخليه عن لقب سفير النوايا الحسنة لدى الأمم المتحدة احتجاجاً على الصمت تجاه ما يحدث في غزة.

معظم النجوم السفراء الذين تواصلت “اندبندنت عربية” معهم رفضوا التعليق على سؤال حول كيفية تفعيل دورهم كسفراء لدى الأمم المتحدة في الأزمات، فيما كسر وائل جسار حاجز الصمت بقوله، “نحن كسفراء نوايا حسنة وسلام نستنكر ما يحدث ولكننا لسنا في مواقع سياسية. وكل ما يمكننا فعله هو أن نضم أصواتنا إلى أصوات الأطفال والمظلومين الذين يقتلون على مرأى عائلاتهم والعالم كله يتفرج ولا يفعل شيئاً لردع المجازر. صحيح أن هناك مناشدات وتنديداً تجاه ما وقع في غزة ودعوات إلى وقف إطلاق النار وتقديم المساعدات ولكننا كفنانين لا نملك سوى الكلمة التي نعبر من خلالها عن ضرورة أن يحل السلام في كل أرجاء العالم ونستنكر ما يحدث بكل ما أوتينا من عزم وقوة، وأصحاب القرار هم من يفترض بهم أن يصلوا إلى حلول وبأسرع وقت ممكن”.

اقرأ المزيد
  • حرب غزة تطفئ شاشة الفن والثقافة
  • كيف تنقذ الآداب والفنون مدرستنا المعطوبة؟
  • المذبحة الهتلرية لقرية إسبانية صغيرة تقلب تاريخ الفن

وجاهة اجتماعية

نقيب ممثلي المسرح والسينما والإذاعة والتلفزيون في لبنان نعمة بدوي الذي شارك إلى جانب كل النقابات الفنية في لبنان في وقفة تضامنية إنسانية دعماً لأطفال ونساء وشيوخ غزة واستنكاراً لاستهداف المدنيين الإعلاميين يشير إلى أن “بعض الفنانين يحرصون على حمل لقب سفراء كنوع من الوجاهة الاجتماعية، وهم يتنقلون في أسفارهم بين بلد وآخر كشخصيات دبلوماسية يحملون جوازات صادرة عن الأمم المتحدة”.

في المقابل سخر رئيس نقابة الفنانين المحترفين في لبنان جورج شلهوب بالقول، “ربما لم يتحرك كثير من الفنانين الذين يحملون ألقاب سفراء ولم يبادروا إلى القيام بواجبهم وتحمل المسؤولية لأنهم يعانون عجزاً في الحركة. هم لا يكترثون لشيء وينقصهم الإحساس الوطني والإنساني”.  

نجوم متقاعسون

الناقد والإعلامي محمد حجازي يؤكد أن بعض الفنانين يشهد لهم بشفافيتهم وبتحمل المسؤولية لأنهم يقومون بأدوارهم على أكمل وجه من خلال مناصبهم كسفراء في الأمم المتحدة، في مقدمتهم هند صبري، ويستدرك “لكن معظمهم لا يقومون بواجباتهم لأنهم يتعاملون مع اللقب بصورة شرفية”.

ويتابع أن “الأمم المتحدة منحتهم هذه الألقاب لكي يقوموا بمهمات ونشاطات ومبادرات إنسانية معينة والمشكلة تكمن فيهم وليس في الأمم المتحدة لأنهم هم المتقاعسون. فالأمم المتحدة وثقت بهم لأنهم مشاهير يملكون شعبية كبيرة والجمهور يتبعهم في كل ما يقولونه أو يفعلونه”.

حجازي ضرب مثلاً الممثلة الأميركية أنجلينا جولي بصفتها سفيرة للنوايا الحسنة لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين وما تقوم به من جولات إنسانية صعبة بمبادرة فردية منها وليس بطلب من الأمم المتحدة وهي تتحدث إلى الناس وتساعدهم وتسلط الضوء على محنتهم وتتبرع بالمال من أجلهم وتتناقش مع المسؤولين لمعرفة ظروفهم وأوضاعهم.

ويضيف أن “هذا يعني أنها تقوم بوظيفتها بصورة صحيحة ولكن معظم النجوم العرب لا علاقة لهم بشيء، والأمم المتحدة ليست مخولة تحفيز الفنان للقيام بمبادرات إنسانية بل يفترض به أن يقوم بواجبه من تلقاء نفسه. وفي المقابل هي لا تستطيع أن تسحب منه اللقب إلا إذا خالف قواعدها، كما حصل في تجربة النجم السوري دريد لحام عندما وجهت له ملاحظة حينما تكلم بالسياسة فما كان منه إلى أن أعلن انسحابه وقدم استقالته”.

ويؤكد حجازي أن النجوم الذين يشغلون منصب سفراء لدى الأمم المتحدة يستفيدون منه كثيراً، إذ يوضح أنه يكفي أن الفنان يحمل صفة سفير دولة تسمح له من خلال جواز السفر الدبلوماسي الذي تمنحه إياه الأمم المتحدة السفر إلى أي مكان في العالم من دون تأشيرة تماماً مثل أي موظف يعمل لديها، كما أنه يملك صفة دولية وهذا الأمر مهم جداً ولو أن الفنانين العرب فكروا بصورة صحيحة لاستفادوا منها في أمور كثيرة، لكن لا علاقة لهم بكل ما يحدث حولهم.

التعليقات معطلة.