تشهد مدينة صوفر الجبلية اللبنانية التي كانت أحد أشهر مراكز الاصطياف في العالم العربي خلال فترة طويلة من القرن الماضي، حدثاً ثقافياً مميزاً يعيد احياء واحد من معالمها المهمة، هو «فندق صوفر الكبير»، عبر معرض للرسم يقيمه الفنان والناشط البريطاني توم يونغ اعتباراً من اليوم (الخميس).
وطوال عقود، كان «فندق صوفر الكبير» الذي بنته عائلة سرسق اللبنانية أحد اشهر فنادق الشرق الاوسط، إذ امتد من عشرينات القرن الماضي الفاتنة، وصولا الى ستيناته الزاخرة، فأبهر الملوك والرؤساء والفنانين والديبلوماسيين من انحاء العالم، واستمالهم للنزول في غرفه، ليس فقط للراحة والاستجمام، بل ايضا للغناء والرقص والمراهنة.
اهتمام وجهد أحد مالكيه، رودريك سرسق كوكران (المتحدر من نسل آلفرد موسى سرسق)، أسفرا عن ترميم المبنى ذي العمارة الرائعة، وهو الآن يعاود فتح أبوابه للجمهور.
وفي العام 2013، دعي الفنان توم يونغ المعروف بمبادراته الفنية والمعمارية، الى زيارة الفندق المهجور والاطلاع على خباياه. وبعد اربع سنوات، أثمر هذا التعاون معرضاً سيفتتح في 16 ايلول (سبتمبر) الجاري.
يتركز عمل يونغ الفني على إستعادة الذكريات وإحياء المساحات الخالية في ردهات الفندق عبر الرسم والترميم، فيشتغل على تفاصيل المبنى وما تركه النزلاء السابقون وراءهم من لمسات وصور وتذكارات، ويمتد عمله أيضاً إلى محيط الفندق ليشمل خصوصاً السكة الحديد التي كانت تمر بمحاذاته.
ويتناغم معرض يونغ مع تاريخ «فندق صوفر الكبير» الذي يروي الكثير من الحكايات الحقيقية والمتخيلة لنجوم كبار رحلوا، مثل كوكب الشرق أم كلثوم وهي تشرب في بهوه “القهوة البيضاء” المحلاة بماء الزهر، الى جانب الموسيقار فريد الاطرش وشقيقته اسمهان وهما يجالسان ضيوفهما بعد ظهر يوم صيفي منعش.
سيضم معرض فندق صوفر الكبير أربعين لوحة فنية تتوزع انحاء الطابق الارضي بطريقة تنقل الزوار الى اللحظات المعلقة في الزمن. وبرنامج المعرض الذي يقام بالتعاون مع خبيرة المعارض الفنية المستقلة نور حيدر ومصمم الانتاج طارق مراد، سيشمل ايضاً عرض مقتنيات قديمة عائدة للفندق، وعروضاً مسرحية ورقصات وعزف قطع موسيقية، وورشات تعليم فنية للاطفال والطلاب.