مقالات

في الحدث: قراءة في أحدث أرقام زوار صلالة السياحي

 
 
طارق أشقر
 
حملت تغريدة المركز الوطني للإحصاء والمعلومات في حسابه في تويتر مؤخراً بشأن أحدث البيانات عن أعداد زوار مهرجان صلالة السياحي 2019 حتى أمس الأول الأحد الثامن والعشرين من يوليو الجاري، العديد من الدلالات والمضامين لصالح آفاق تعزيز الترويج المستقبلي للمهرجان.
وبإشارة المركز الوطني للإحصاء والمعلومات إلى أن عدد زوار المهرجان حتى الأحد الماضي تجاوز المائتين واثنين وأربعين ألف زائر أي قرابة الربع مليون زائر، وأن أكثر من مائة وخمسة وسبعين ألفا منهم من العمانيين”أي أكثر من النصف قليلا”، وأن السعوديين هم أكثر زوار الموسم ـ خليجياًـ بعدد يليهم الإماراتيون ثم القطريون والبحرينيون والكويتيون، فإن تلك الإشارة وأرقامها قد تعني الكثير للاقتصاديين المهتمين بفرص وآفاق الترويج للسياحي لمثل هذا النوع من المهرجانات، وذلك في وقت شكلت فيه المهرجانات السياحية أهمية لها وزنها في الدفع بالقطاع السياحي أينما ووقتما تم تنظيمها.
فعلي المستوى المحلي: يعتبر وصول عدد زوار المهرجان من العمانيين إلى قرابة نصف العدد حتى يوم الأحد، دلالة تستحق الاستبشار بها، مما يعني بأن مستوى وعي المواطن بالسياحة الداخلية يمضي قدما في تطور ملحوظ، مما يشي بأن هناك قابلية لدى المجتمعات المحلية نحو إثراء فاعل للسياحة الداخلية، حيث اتضح أن الكثير من عائلات العمانيين في السنوات الأخيرة تبدأ استعداداتها منذ وقت طويل قبل انطلاق المهرجان لتشد الرحال نحو محافظة ظفار حتى تستمتع بجمال الطبيعة وزخات المطر والرزاز والخضرة التي تسر النفوس.
إن اتجاه المواطنين نحو السياحة الداخلية قناعة بمفهوم السياحة الداخلية وجدواها الاقتصادية والاجتماعية إذا ماقورنت بالاتجاه نحو السفر لقضاء الإجازات خارج البلاد، يحمل في حد ذاته مضمونا آخر، ألا وهو إمكانية التوسع في تنظيم رحلات سياحية داخلية أسرية أو جماعية إلى مناطق أخرى داخل البلاد خلال شهور أخرى غير خريفية في موسم الصيف ليكون مردودها على القطاع السياحي له أهميته ومكانته أيضا، ومنها على سبيل المثال لا الحصر فترات خروج السلاحف الخضراء وغير الخضراء في محمية رأس الحد ليلا في بعض شهور الصيف وهي تمضي في سرابات كثيرة العدد لتتجه نحو أماكن مختارة تحددها بوصلتها الخاصة بها في الشواطئ العمانية لتضع بيضها وهي تعيش تلك اللحظات الهانئة لها دون اكتراث بمن حولها، الذين هم بالضرورة في أشد الانبهار والإعجاب بذلك المشهد.
ليس هذا فحسب، بل إن اتجاه المواطن نحو الاستمتاع بالمواقع السياحية في الداخل يمكن تعزيزه بالتوسع في سياحة التخييم، وسياحة التزحلج على الرمال والراليات الرملية، وسياحة صعود الجبال المتباينة المناخات والتي تكثر في عمان كالجبل الأخضر وجبل شمس وغيرها، وبهذا تكون شركات ووكالات تنظيم الرحلات السياحية نشيطة طوال العام ومستوى الإقبال من الداخل العماني على الفنادق في ازدياد في أكثر من موقع وأكثر من موسم سياحي طوال العام.
أما على المستوى الخليجي: فإن تفضيل الخليجيين لموسم مهرجان صلالة السياحي، يعني وبكل وضوح، أن السلطنة أثبتت عملياً على أنها أحد أهم”مواقع السياحة المجتمعية المحافظة” ـ إن صح التعبير ـ بمعنى أن الأسر الخليجية المحافظة وجدت في محافظة ظفار ما يعزز اطمئنانها على أفراد عائلاتها، حيث مراعاة التقاليد والقيم الأخلاقية المحافظة، فضلا عن توفر الأمن والأمان والاستقرار، دون خدش للحياء، وهي سمات جاذبة للمجتمعات الإنسانية المحافظة من مختلف مناحي الدول العربية بالمنطقة.
أما على المستوى الأوروبي والآسيوي، وعلى الرغم من أن العدد المعلن حتى يوم الأحد يعتبر مشجعا وذا مستقبل كامن بالمؤشرات المستقبلية، إلا أنه عند مقارنته بعدد الزوار الخليجيين يكشف أن التوسع في الترويج لموسم الخريف في الدول الأوروبية المشهود له بعدم التقصير حتى الآن، يمكن الدفع به نحو آفاق أوسع، خصوصا وأن جماليات الطبيعة التي تتمتع بها محافظة ظفار تعتبر من عوامل الجذب القوية للسياح القادمين من أوروبا، وهم فئة من السياح يعتبرون “التشميس” أي قضاء أوقات أطول تحت أشعة الشمس لإكساب البشرة لمسة من الاسمرار، هو منتهى لحظات الاستمتاع بالطبيعة، فضلا عن استعداد السائح الأوروبي في الفئات العمرية التي تفوق الستين عاما لزيارة أكبر عدد ممكن من المواقع السياحية خارج بلاده، وهي جولات يظلون يعدون لها لسنوات طويلة قبل بلوغهم سن الستين.
وعليه يظل موسم صلالة السياحي قادرا لتحقيق النجاحات عاما بعد عام، طالما كانت هناك برامج ترويجية إعلامية وإعلانية مساندة له، جنبا إلى جنب ما حظي به الموسم من أسس تنظيمية راسخة في جميع سنواته المتعاقبة … والله ولي التوفيق.