اخبار سياسية

قلق من ملاحقات قضائية يحركها رئيس الوزراء العراقي ضد منتقديه

رئيس الوزراء محمد شياع السوداني (أ.ف.ب)بغداد: فاضل النشمي

بعد نحو يومين من تدخل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، لإطلاق سراح الأكاديمي والمحلل السياسي محمد نعناع؛ على خلفية دعوى «قذف وتشهير» رفعها ضده السوداني، أقام الأخير، أول من أمس، دعوى مماثلة ضد السياسي المعارض ليث شبّر، وفق المادة 433 من قانون العقوبات، مما أثار موجة انتقادات ضد الدعوى المرفوعة، ومشاعر قلق لدى الأوساط الإعلامية والحقوقية من استغلال الحكومة بعض القوانين القديمة التي لا تنسجم مع العامة، والحريات الصحافية بشكل خاص.
والدعوى الجديدة ضد شبّر جاءت على خلفية «التهجم على شخص رئيس الوزراء لإدلائه بمعلومات مضللة ولا صحة لها على قناة (الشرقية)». كما جاء بنص كتاب الدعوى، المقدَّمة أمام رئاسة محكمة استئناف الكرخ في بغداد.
ومن بين ما ورد في حديث شبّر إلى القناة التلفزيونية، والذي أدى إلى إقامة الدعوى ضده، قوله إن «حكومة السوداني تمضي إلى الفشل، وأن القرارات التي تتخذها لا تعي المخاطر التي تسير فيها».
وقال شبر، في تصريحات صحافية، أمس الأحد: «لقد أعلنت موقفي المعارض لحظة تشكيل الحكومة، وفي وقتها أخبرت رئيس الوزراء بذلك، وأوضحت له أن موقفنا المعارض ليس ضده شخصياً، وإنما بسبب ترشيحه من جهة سياسية نعارض منهجها في إدارة الدولة»؛ في إشارة إلى قوى «الإطار التنسيقي» الشيعية التي أوصلت السوداني لمنصب رئاسة الوزراء.
وأضاف: «لقد حذَّرنا، في عدة مناسبات، من أن السلطة ستتحول شيئاً فشيئاً بسبب سياساتها في عدم تقبل النقد والرأي الآخر، وأنها ستتحول في النهاية إلى سلطة قمعية».
وتتراوح عقوبة المادة 433 من قانون العقوبات، الموروث من حكم «البعث» المنحلّ، بين الغرامة المالية والسجن لسنتين. وقد واجهت المادة، وتواجه منذ سنوات، معارضة شديدة من قبل الاتجاهات المدنية والحقوقية المختلفة، ومطالبات واسعة بإلغائها باعتبارها تنتمي إلى الحقبة الديكتاتورية، وتتعارض بشكل صريح مع المادة 38 من دستور البلاد الدائم التي نصت على أن «تكفل الدولة بما لا يخل بالنظام العام والآداب، حرية التعبير عن الرأي بكل الوسائل، وحرية الصحافة والطباعة والإعلان والإعلام والنشر».
وقالت رئيسة كتلة «الجيل الجديد» النيابية سروة عبد الواحد، في تغريدة، أمس، إن «النهج الديكتاتوري يبدأ بقمع الحريات وتكميم الأفواه؛ لذا نطالب رئيس الوزراء بسحب جميع الدعاوى التي سجلها ضد الناشطين السياسيين والمراقبين، فجميع الحكومات في العالم تتعرض للانتقاد، وأحياناً يتعرض رؤساء الحكومات للضرب بالطماطم أو البيض، دون أن يلجأوا إلى القضاء».
وخاطبت رئيس الوزراء بالقول: «لا نحب لكم هذا الدور في تكميم الأفواه، وسحب الدعاوى سيكون أقوى من الاستمرار فيها».
ويرى عضو مفوضية حقوق الإنسان السابق علي البياتي أن «المواد والعقوبات المتعلقة بقضايا القذف والتشهير باتت من الأدوات العدوانية لإسكات العراقيين ومضايقة أي شخص ينتقد السلطات».
وسبق أن قال البياتي، في مناسبة سابقة: «هل يعلم المواطن العراقي أن الأحزاب السياسية، التي صدعت رءوسنا باجتثاث (البعث) ومحاكمة صدام، هي نفسها تحكم بقوانين وقعت بقلم صدام والبعث، ولم تتمكن من تشريع قوانين تتلاءم مع النظام الديمقراطي الجديد».
وتعليقاً على الدعاوى والقضايا التي أقامها رئيس الوزراء أخيراً ضد محللين وناشطين سياسيين، قال الناشط ورئيس «جمعية الدفاع عن حركة الصحافة» مصطفى ناصر، في تغريدة عبر «تويتر»، إن رئيس الوزراء «يسير على خطى أسلافه، مكتبه الإعلامي يقوم بشراء ذمم الكثير من المدوّنين من أجل عدم مهاجمته، بينما يقوم مستشاروه بإقامة دعاوى قضائية بحق عدد من أصحاب الرأي بتهمة التشهير». وأضاف أنها «منهجية تكشف الرغبة بالسيطرة على المشهد الصحافي في العراق، خلافاً لتعهداته بحماية حرية التعبير».
وأعرب مركز «نخيل» للحقوق الصحافية عن قلقه من صدور أمر اعتقال بحق أحد السياسيين. وأعرب المركز، في بيان، «عن قلقه إزاء مذكرة القبض الصادرة بحق السياسي ليث شبر بتهمة الإساءة لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في ثاني حادثة بعد اعتقال الدكتور محمد نعناع منذ تولي السوداني رئاسة الوزراء».
وأضاف أن «ازدياد الشكاوى والدعاوى القضائية من السوداني يمثل رسالة سلبية، ولا سيما أنه تعهّد بحماية حق التعبير وحرية الرأي والصحافة والإعلام في غير مناسبة، كما أنه يأتي في وقت تعاني فيه الحريات الصحافية والمدنية، وحتى الفنية، من تضييق وترهيب بشتى الطرق ومختلف الأساليب، ما يستدعي من الحكومة دعم الحريات وحماية المؤسسات الإعلامية من الهجمات الممنهجة التي تتعرض لها».
وتابع بيان المركز: «نذكّر رئيس الوزراء السوداني بالتزاماته التي قطعها على نفسها في برنامجه بضرورة التحقيق بقضايا قتل المتظاهرين وإعلانها للرأي العام، والتي لم يجرِ أي تقدم فيها منذ تسلمه رئاسة الحكومة قبل أشهر».