مقالات

لقاء مع الفضاء… وفي الفضاء

الرأي

مشاري الذايدي

مشاري الذايديصحافي وكاتب سعودي. عمل في عدة صحف ومجلات سعودية. اشتغل في جريدة المدينة السعودية في عدة أقسام حتى صار عضو هيئة التطوير فيها. ثم انتقل لـ«الشرق الأوسط» من 2003، وتدرَّج بعدة مواقع منها: المشرف على قسم الرأي حتى صار كبير المحررين في السعودية والخليج، وكاتباً منتظماً بها. اختير ضمن أعضاء الحوار الوطني السعودي في مكة المكرمة. وشارك بأوراق عمل في العديد من الندوات العربية. أعدَّ وقدَّم برنامجي «مرايا» وبرنامج «الندوة». في شبكة قنوات «العربية»

بعد 28 عاماً، عاد السعوديون كرَّةً أخرى إلى ميدان الفضاء خارج كوكب الأرض، حين كان الطيّار سلطان بن سلمان بن عبد العزيز آل سعود، أول رائد فضاء عربي ومسلم يصعد إلى هذا الفضاء، في واقعة أثارت مشاعر العرب والمسلمين، قبل السعوديين أنفسهم!

وصل الأمير سلطان بن سلمان على متن المكوك «ديسكفري»، عام 1985 وبذلك دشَّنت السعودية مسيرة العرب والمسلمين نحو الفضاء البعيد، واليوم وصل الرائدان الفضائيان: علي القرني وزميلته ريّانة برناوي إلى محطّة الفضاء الدولية، في استئنافٍ للمسيرة الكبرى.

الحال أن الاستثمارات في الفضاء وبعث الروّاد ليست من قبيل الاستعراض والميديا، بل هي إسهام مبّكر في «صناعةٍ» عظمى اسمها صناعة الفضاء، ولذلك أنشأت السعودية هيئة الفضاء في 2018، وأطلقت العام الماضي برنامجاً لإرسال روّاد إلى الفضاء.

حسب مطالعة ثرية لشبكة «Cnbc» الأميركية حول اقتصاديات وصناعات الفضاء، تشير التقديرات إلى أن هناك الآن أكثر من 10 آلاف شركة ونحو 5 آلاف ‏مستثمر ينشطون بفاعلية في صناعة الفضاء.

ماذا يعني مصطلح «اقتصاد الفضاء»؟

يعني، حسب التقرير الأمريكي، جميع السلع والخدمات والتقنيات التي يجري إنتاجها ‏لاستخدامها في الفضاء، مثل تعدين القمر أو الكويكبات بحثاً عن المعادن والمواد، ‏بينما تعرّفه منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بأنه «أي نشاط اقتصادي يتضمن ‏‏الاستكشاف، والبحث، والفهم، والإدارة، والاستخدامات في الفضاء».

الاستثمارات الحكومية في مشاريع الفضاء حول العالم زادت ‏بحيث ارتفع الإنفاق الحكومي على برامج الفضاء العسكرية والمدنية بنسبة 19%.

نحن إذن أمام «نهضة فضائية» إنسانية كبرى، والسعودية تحتفظ لنفسها بمكانها في مقاعد هذه النهضة.

من اللقطات الجميلة، المشهد الذي رأيناه حين التحمت مركبة علي وزميلته ريّانة، مع بقية الروّاد من جنسيات مختلفة، مع محطّة الفضاء الدولية؛ مشهد استقبال رائد الفضاء الإماراتي «الخليجي» سلطان النيادي زملاءه «الخليجيين» من السعودية!

‏كتب سلطان على حسابه بـ«تويتر»: «متحمّس لاستقبال الزملاء بيجي ويتسون وجون شوفنر وعلي القرني وريانة برناوي».

وأضاف النيادي: «ساعات ونلتقي هنا… ساعات ويجتمع العلَمَان الإماراتي والسعودي جنباً إلى جنب في الفضاء… توصلون بالسلامة وبالتوفيق إن شاء الله».

مشهد يكشف عن النهضة الخليجية الرائدة في العالم العربي قاطبةً، والمدى البعيد الذي تريده هذه الدول لشعوبها، وأي مدى أبعد من الفضاء؟!

عادت ريّانة وعلي، للسير صعوداً على سلّم فضائي صعد عليه من قبل سلطان بن سلمان، أول رائد فضاء عربي مسلم… هذا هو الطموح السعودي الذي يعانق عنان السماء، ويصّوب نظره نحو الأعالي.