مقالات

لماذا نحن اهل غزة مجرمون وارهابيون في نظر معظم العرب والعالم؟

 
هيثم الجرو
بما أنّنا فلسطينيون ومن مدينة غزة بالتحديد فنحن في نظر عدد من الحكومات حول العالم أشخاص مشبوهين وغير مرغوب بتواجدهم على ترابها، ومهما قدمنا من الأدلة التي تثبت نصاعة بياض ملفاتنا الأمنية فنحن مجرمون في نظرهم لأنّنا فقط وبكل بساطة ولِدنا في مدينة غزة هاشم يُضيرهم صمودها، ربما نستطيع أن نفهم موقف بعض هذه الدول لاعتبارات سياسية ونتيجة الضغوط الغربية الصهيونية عليهم، ولكن الذي لا يمكن أن يستوعبه شخص عاقل أن دولة كمصر” مصر السيسي” تتعامل معنا بهذا الشكل الوضيع، في الوقت الذي يستمتع به الصهاينة بكل أريحية في منتجعات طابا وشرم الشيخ، فهم أي الصهاينة ليسوا بحاجة للحصول على تأشيرة أو ورقة عدم ممانعة حتى يزوروا مصر، لأنهم حسب رأي السيسي في خطابه في الجمعية العامة في الأمم المتحدة “أمن وسلامة المواطن الإسرائيلي جنباً إلى جنب مع أمن سلامة المواطن الإسرائيلي ” ، فيُفهَم من خطاب السيسي أنه يوجد في فلسطين شعبين متقاتلين من اليهود وعليهم أن يتصالحوا و يتعايشوا مع بعضهم البعض في سلام وأمان؛ لأنه بكل بساطة ليس في صالح حل قضية الشعب الإسرائيلي مع الشعب الإسرائيلي، هكذا يُفهم من خطاب السيسي في الأمم المتحدة أم نحن مخطئون!
فمصر الذي يتسع قلبها للجميع أيضيق قلبها علينا؟ أهكذا يُكافأْ مَن أبى الإنكسار وحارب العدو الصهيوني سبعون عاماً ولم يتملل أو يشتكي!، لماذا توصدون أبواب العودة إلى غزة أمامنا بمبررات واهية هي صنيعة مصر السيسي؟ هل يجب كلما حلت طائرتنا على مصر أن نُعَامل كمشبوهين أمنيين؟ هل إكرام الضيف الغزّي عندكم يكون في حجزه في غرفة ضيقة بمطار القاهرة وتقييد تحركاته ؟ هل من مكارم الأخلاق عندكم ” أدامها الله” أن نُهَان ونستمع إلى أقذع الألفاظ كلما حللنا ضيوف عليكم يا مصر السيسي؟ هل يجب كلما حللنا ضيوف عليكم أن تكديسونا في باصات الترحيل بحجج أنها فخر الصناعة المصرية؟ لماذا كلما حللنا ضيوف عليكم يجب أن نشفق على ضباطكم الذين يتقربون منا بإشعال سيجار لنا مقدم سلفاً أمل منهم أن نتكرم عليهم بحفة من النقود “بخشيش” أفعلاً هكذا هؤلاء “خير أجناد الأرض” كما أخبرنا نبينا الكريم؟ لماذا حلال لأي شخص حول العالم أن يزور مصر ويشاهد معالمها التاريخية ،ويلتقط الصور بجانب أهرامات الجيزة وأبو الهول، ويزور الأقصر الغنية بالآثار الفرعونية، ويتنقل بكل حرية داخل تراباكم ويستمتع بشرب فنجان قهوة أو شاي على كورنيش النيل وحرام علينا نحن؟ هل فعلاً كما يقال تستكثروا علينا هِمتنا المرفوعة التي تأبى أن تنحني لغير الله؟ أهل صحيح أنكم توصدون أبواب العودة أمامنا إلى غزة لأن لقاءنا بأحبابنا يقلل من عزيمتنا؟ ألهذه الدرجة وصلت لديكم الغبطة؟
هل علينا كلما أردنا العودة إلى غزة لتفادي كرمكم السخي علينا ” أدامه الله” الذي ما عدنا نعرف كيف نرد جميلكم السخي أن نحصل على ورقة عدم ممانعة من العدو الصهيوني؟ أيعقل أن الجلاد المحتل المغتصب للأرض قاتل الأطفال عدو الشجر والحجر أحنُ علينا منكم؟ أيعقل! أو ربما هذه سياستكم الغير مُعلنة في التقريب بين الشعب الإسرائيلي والشعب الإسرائيلي حسب خطاب السيسي؟
رغم كرمكم السخي علينا ” أدامه الله ورعاه” في كل مرة يُفتح بها معبر رفح، فإن عزة النفس لدينا تأبى أن تهان وتذل وتتعرض لكل ممارسات التنكيل فقط لكوننا غزيون اتخذنا من “الموت ولا المذلة” التي يرددها إخواننا السوريون في محنتهم فرجها الله شعاراً نعتز به وننادي به ونفتخر به، فأهل العزة لا يذلوا، ولا يتسولون رغيف الخبز من بابكم ولا يستجدون بكم لأنهم يعرفون معادن الناس، وفي نهاية هذه المدونة نذكر أبيات لشاعر المصري أمل دنقل الذي يؤرخ بهم لثورة العبيد على روما في سنة 73 ق.م ويصف حال سباركوس مصارع الوحوش في حلبات روما القديمة.