مقالات

ماذا قدمتم أيها المسلمون لتكونوا الأجدر لحكم العالم والاستخلاف في الأرض ؟

السؤال الذي يردده الحاقدون وليس الجهلاء.
لن نسرد هنا بالتفصيل إنجازات الحضارة الإسلامية، وكيف صهرت حضارات الشرق، تحت قالب الثقافة الإسلامية لتؤسس ثلاث مدن ؛ كانت ركائز العلم للعالم، بغداد في الوسط ، وقرطبة في الغرب وسمرقند في الشرق لتنبثق منها العلوم في شتى أصقاع الأرض من هذه العواصم الثلاث . وكيف كنا أطول أمد حضاري يشهده التاريخ لألف عام ، وكيف كان لنا الفضل في أغلب التقنيات والعلوم اليوم ، نعم نحن لسنا نعيش في الماضي ولكن التاريخ لا يسهل الفكاك منه ؛ لذا لنجيب على هذا السؤال بالذي لم نفعله ، وليس بما فعلنا عبر العصور والتاريخ .
العصور القديمة وصدر الإسلام
في تلك العصور نحن لم نصلب أربعين ألفا على أبواب روما ، ولم نجعل ثلثي إمبراطوريتنا من العبيد، ولم نبن حلبات الأسود ومدرجات لمصارعة العبيد (الكولوسيوم)، ولم تركع لنا الجموع في بيزنطة، ونحن لم نقهر ونذل رعايانا كالأكاسرة، ونجلب المكوس ونقطع الأكتاف كسابور ونفقع الأعين، ونزوج محارمنا للسلال الكسروية، ولم يكن منا أتيلا الهوني؛ جبار البرابرة المتوحش الذي عبر من الشرق ليدمر سبعين مدينة من روسيا إلى أن عبر نهر الدانوب ، وأشاع القتل ، والرعب ، وأخذ السبايا والأرقاء . لم نكن تلك الأمم التي خلدت ذكراها في تلك العصور بالتاريخ بأبشع الجرائم ولم نتناس مع طول قدم الزمان . بل نحن الذين خرجنا على أسنمة الجمال ،لنجابه أفيال الفرس بدعوة التوحيد لنخرج العباد من عبادة العبادة لعبادة رب العباد ؛ حتى عبرت جبال الزاغروس لتستقر على حدود الصين، وعبرنا بالجياد، من المدينة في الحجاز ، لنجابه كراديس الروم، في مؤتة، واليرموك ولنحرر الشام من هرقل ، والأقباط من المقوقس إلى أن اتجهنا غربا ، ووقفت تلك الجياد على ضفة المحيط الأطلسي ، وعبرت شمالا لبواتيه في جنوب فرنسا ؛ أسسنا نظام عالمي جديد ؛ لم يذكر لنا التاريخ صلبانا على أبواب دمشق ،وبغداد ، ولا مذابح ، ولا إبادات بل كانت سيوف رحمة ،وعدل ،رحب بها الأقباط ،وحملها طارق بن زياد الأمازيغي مع العرب الفاتحين .
العصور الوسطى والعصر الذهبي للإسلام
ولم نكن نحن في تلك الحقب مغول الشرق لنريق الدماء من بكين لحدود برلين ، واسكندافيا، وندمر حواضر العلم في العالم ، ونحرق ملايين الكتب ونلقيها في الفرات ولم ننهب الفقراء باسم الكرسي البابوي ، والإمبراطورية المقدسة ، ونوزع الإقطاعيات بين السادة، والنبلاء ونستعبد فيها الفقراء للأمراء .
ونحن لم نجعل بين البشر ، طبقات ، ولا مسميات ، لم نطلق حروبا صليبية صكوك غفرانها ، دماء الأبرياء في بلاد المسلمين . ولم نطلق محاكم التفتيش لتقطع أجزاء الموريسكيين بالمناشير، وتقطع أوصالهم بجر الخيول . ونحن لسنا من أشعل حربا بين الكاثوليك والبروتستانت لمدة ثلاثين عام قتل فيها 8 ملايين سرى فيها الدمار والرعب كما سرى الطاعون الأسود ؛ رملت النساء ، وشاعت لكثرتهم الفحشاء ، وتفشى الفقر ، والجهل ، والبؤس، والشقاء .
بل نحن كنا الضحية الكبرى لتلك الجرائم ومع أننا الدولة الأقوى ، إلا أننا نظهر الرحمة حينما ننتصر . لم يفعل صلاح الدين بعد حطين، ما فعله ريتشاد قلب الأسد في عكا، وما فعله أرناط حاكم الكرك بل قد أذهل أوروبا بسماحته وشهامته.
ولم يفعل هارون الرشيد ، ما فعله هولاكو ، بل على النقيض حكم الرشيد بغداد ، ليبني بيت الحكمة وحكم هولاكو بغداد ، ليهدم بيت الحكمة ذاته ! إنها لإحدى الشواهد التاريخية ، التي تخبرنا بالفرق ، بيننا ، وبين تلك الأمم ، في ذات المكان والزمان.
عصر النهضة والدولة العثمانية
لم نبحر بسفننا إلى الأمريكيتين لنبيد شعبا للونه الأحمر ، ونقتل أبنائه ، ونغتصب نسائه ،ونرمي بأطفاله الرضع لكلابنا تنهش من لحومها ؛ (كما روى القس والمؤرخ بارتولومي دي لاس كأساس الذي رافق كولمبوس وعين كأول قس مبشر للعالم الجديد في كتابه المسيحية والسيف) ولم نكن نحن من أبحر بسفن العبيد لنخطف ملايين الأفارقة من جنات أدغالهم العذراء ، لنلقي بهم في جحيم الأسر والسياط ، ونجعل لثلثيهم المحيط قبرا ونلقي بالبقية البائسة الناجية من الموت لويلات الاستعباد في مزارع القطن ونبدل دينهم قسرا من الإسلام للتنصير ونجعل لهم الموت خيارا ثانيا عن المسيحية ولم نكن يهود كالحيايا تسعى بخبثها بين الشعوب في شتاتهم بالأرض ، لتشعل الحروب وتحرف الأديان ، وتنشر الفتن ، و تصنع الدسائس ، وتستحوذ على كل بريق من ذهب وفضه بل نحن من حمل اليهود بسفن العثمانيين من بطش محاكم التفتيش ، بعد نكبتنا بالأندلس ، وحميناهم في ديارنا ولم يفعل محمد الفاتح بأهل القسطنطينية ، مافعله فرناندو وإيزبيلا بأهل الأندلس لسنا هنا نقارن بين حدثين هامشين بل بين أعظم انتصارين لكلا العالمين الإسلامي والنصراني في خط الصراع بينها في تلك العصور .
سقوط الدولة العثمانية والدول القومية في العصر الحديث
الحرب العالمية

نحن لم نذيب الحديد والرصاص ليسري بين دماء البشر في حربين عالميتين راح ضحيتها 70 مليون حربا لم تشهد البشرية أشد من دمويتها، وجحيمها ، عبر كل الأزمنة والعصور اغتصبت فيها حتى الجثث والعجائز وحوادث انتحار نساء برلين واغتصاب الراهبات الكاثوليك في أبرشية Kattowitz ، من قبل الجيش الأحمر ، واغتصاب الجنود الأمريكان لنساء حلفائهم الفرنسين، بعد إنزال النورماندي ، والاغتصاب الجماعي لنساء شتوت جارت الألمانية في مترو الأنفاق، من قبل القوات الفرنسية ، باعتراف (ايزنهاور) خير شاهد على ما حملت تلك الحرب من همجيه ، ووحشية لا تستوعب مداها العقول .
روسيا

ونحن لم نشعل الثورة البلشفية ، لنقتل 11 مليون ونجوع 5 ملايين كما فعل لينين ليتركهم للموت حتى ينتزع من قلوبهم الإيمان بالله نحن لم نفعل كما فعل ستالين يهجر تتار الشرق وشعوب آسيا الوسطى ؛ ليسكنهم القرم وأوكرانيا والصحاري الجليدية ، في سيبيريا المميتة ، وتسبب مع وحوش قومه وخصومه في الحربين العالميتين ليكون له النصيب الأكبر مع هتلر وروزفلت وتشرشل في حصد الأرواح إن روسيا من عهد قيصر وراسبوتين إلى الرئيس الحالي بوتين اعتمدت في حروبها الجائرة ، الإبادات ، وتكتيكات الأرض المحروقة كما فعلت في غروزني والقوقاز وأفغانستان وسوريا وها هي حلب وإدلب ركاما شاهدا على مدى شر روسيا الذي لا يزال .
بريطانيا
ونحن لم نكن ذاك البريطاني الذي لم تغرب عن جرائمه الشمس كم سحقت تحت ذاك التاج أمم وتبدلت أعراق مكان أعراق وأصبحت أفريقيا في جنوبها كأنما أصابها البرص بيض وسود يتنازعون الأرض .
وأستراليا التي لم يسمع عن هجين سكانها أحد وأبيدوا ولم يسمع عن إبادتهم أحد . والهند التي كانت في وئام متلائمة كنسيج الحرير على قارة متباعدة ، شاع السلام فيها بحكم المسلمين فأتت شركة الهند الشرقية لتجعل منها 7 دول متحاربات وبلادنا العربية التي كانت منيعة في سلام يسير فيها قطار الحجاز من نخيل المدينة إلى شواطيء البوسفور، لتمزقه وتجعله شرقا متحاربا ، وتجمع أشتات اليهود من كل نائية في العالم لتجلبهم على أرض فلسطين لتشعل صراع كل يوم يزاد بحدودها التى رسمتها كألغام تتفجر كل عام بحروب وويلات .
اليابان
ونحن لسنا اليابان التي خرجت بوحشية الساموراي على كوريا والصين لتقتل 20 مليون صيني وساقت نساء الصين جاريات لذة بين أحضان الجنود وبسادية بلا رحمة وضعت في فروجهن عصي الخيزران ، وحفرت لهن الأخاديد ، ليكن أكوام جثث فيها بعد اغتصابهن ومذبحة نانجنغ التي لازمت أذهان الصينيين خير شاهد (وكما روى جون رابي في مذكراته عند دخوله المدينه كان تناثر الجثث فيها بين كل 100 و200 متر) .
الصين
ونحن لسنا الصين التي قتلت شعبها بالجوع والإبادات وذهبت بعدما استردت عنفوانها تبطش في جنوب شرق آسيا وتنهب من خيراتها بعدما أكلت الحشائش والحشرات والعقارب والعناكب وكل ما دب على أرضها بلا ضوابط لتطلق لهمجيتها العنان وحرمت على أرحام نسائها الطفلين وأجهضت الأجنة في بطون أمهاتهم لتعلن أنها دولة تعادي الحياة وميلاد البشر لديمومة التناسل ، والبقاء اغتصبت تركستان الشرقية بصمت ولا زالت ترتكب في حق الإيغور فنون الاضطهاد .
كمبوديا
ونحن لسنا كمبوديا والخمير الحمر التي قتلت ربع شعبها في حقول الموت لأن ماركس أوحى لها من أوروبا بأن هذه الشيوعية سترمي بها في النعيم والنهوض والمساواة والنتيجة لتلك الفلسفات الغربية جماجم جمعت ورميت في مقابر أشبه ما تكون أنها مجمع لقمامة عظمى بلا أدنى حرمة للنفس البشرية.
الولايات المتحدة

ولم نكن أمريكا قائدة الرأسمالية التي تحوم طائراتها في هذه الأثناء فوق أجوائنا لتلقي بحمم القنابل والفسفور الأبيض على رؤوس أطفالنا وتهجرهم في العراء
وهي التي ألقت قنبلتين ذريتين على هيروشيما ونجا زاكي وأذهلت العالم بجرأتها ووحشيتها وهي التى صنفت في دساتيرها البشر على الألوان ولحظ الأفارقة السيئ كان لونهم الأسود في أدنى الدرجات كانت كلاب البيض أوفر حظا بالرعاية ، والملاطفة، من إنسان أسود ، يمشي على أراضيها. هي ألتي جعلت من نفسها وصية للعالم على الأخلاق وقواعدها العسكرية الملطخة بالدماء في شتى أرجاء المعمورة كم من انقلابات في جمهوريات الموز دبرتها وكم من حروب أشعلت فتيلها بدأت بقبائل الأباتشي سكان أمريكا الشمالية من الهنود الحمر ثم استعبدت الأفارقة، ثم استعمرت الفلبين ،وثم دمرت فيتنام ، وأمطرت غاباتها بالعامل البرتقالي وانتقلت لكوريا و لم يسلم أي جنس من بطشها ، وجبروت عتيها ، حتى غدت القطب الأوحد للعالم بعد الحرب الباردة فصبت جميع طغيانها وحديدها ونارها على العالم الإسلامي ، الذي لا زال ينزف من جراح الاستعمار وويلات المؤامرات قصفت بيوت الطين في أفغانستان وبنت على ضفاف أنهار العراق سجون أبو غريب وفي جزر كوبا غوانتانامو شيدت المعتقلات.
فرنسا
ولم نكن يوما فرنسا التي تقصف مالي ومن قبلها وضعت الجزائريين على الخوازيق ، وقتلت الملايين حتى سميت ببلد المليون شهيد وجعلت من صحرائها مكانا لتجرب سلاحها النووي ” اليربوع الأزرق ” وسحق برضاها وتحت أنظارها مسلمي أفريقيا الوسطى من قبل ميلشييات انتي بالانكا التي تنصرت وقبلت المسيحية بصليبية فرنسا . ولا زالت المجاعات تتوالى على أفريقيا لأجل أن تنعم فرنسا بالرفاهية والثراء . (وكما قال جاك شيراك لولا أفريقيا لانزلقت فرنسا بسرعة للهاوية) .
بلجيكا
ونحن لم نكن بلجيكا التي فعلت فعلتها في راوندا وتسببت في حربا أهلية راح ضحيتها ما يقارب المليون قتيل، الهوتو يقتلون التوتسي، في حالة من جنون ، وصحيات ، بالسيوف ، والسكاكين ، إبادات ، ومذابح تحت أنظار العالم في القرن العشرين ؛ولسوء حظ أفريقيا ، وشعوبها ، لم تكن راوندا أفضل حالا ، من الكونغو ، تحت وطأة بلجيكا ، وليبود الثاني ، الذي قتل منهم 10 ملاين ، وقطع الأيادي ، وبتك الأذان ، لأجل المطاط ، الذي أصبح لعنه على مساكين الكونغو ، بدلا من أن يكون ، مصدرا للرخاء .
يوغسلافيا
ونحن لم نكن الصرب بل كنا ضحاياهم في البوسنة والهرسك وكوسوفو مذابح سربرنيتسا ومعسكرات الاغتصاب للمسلمات ، كانت بالقرب من العواصم التي تحاضر على العالم بحقوق الإنسان وحقوق النساء إبادة كانت قوات حفظ السلام للأمم المتحدة أحد أركانها الكتيبة الهولندية تقرع كؤوس الخمر مع القوات الصربية عشية المجزرة.
ألمانيا
ونحن لم نعتل منابر الرايخ لنصرخ للعالم بأننا خير دماء نزيهة بنازية آرية تحتقر مادونها من الألوان .
لم نكن ألمانيا التي طالما صمت العالم عن جرائمها بسبب ما استحوذ الهلوكوست على المظلومية أكثر من مظالم شعوب مستعماراتها في بروندي وغامبيا وزنجبار والكميرون وتنزانيا التي هي أبشع بمرات .
هولندا
ونحن لم نكن هولندا التي استعمرت أكبر بلد إسلامي إندونيسيا ويا للأسى والسخرية بعدما نهبت هولندا إندونيسيا وثرواتها وقتلت رجالها ونصرت مسلميها تدفع بإعتراف واهن عن الإبادات التى أسمتها تجاوزات ب8مليارات ، إنها فتات لهم من أموالهم المنهوبة في خزائن هولندا .
المستقبل
وها نحن ننتقل من مأساة لمأساة ، في هذا الكوكب ، تتداخل فيها حقب التاريخ ، والجغرافيا ، ولم نعرج على ذكر الحدائق البشرية ونشر الإلحاد ، وإفشاء الرذيلة والمجاعات فواجع وأهوال مرت على جميع الأمم وازدادت بازدياد ، تقهقر دول الإسلام وحكم المسلمين للأرض ولنسأل أنفسنا من هي الأمة التي قدمت السلام للضعفاء وللبشرية غير أمة الإسلام ؟ وماهي الحضارة الأجدر لقيادة العالم ؟بعدما امتلأ رصيد كل هذه الحضارات بسفك الدماء والطغيان ، وظلت أمة الإسلام بريئة من هذا السواد منارة للرحمة والعدل
أما لماذا ؟ إنها ثمار دعوة نبينا محمد ﷺ ، الدعوة التي كان عنوانها وغايتها
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ .