مقالات

مجالس المحافظات من المناكفات الحزبية الى الاخفاقات الادارية

خليل ابراهيم العبيدي
 
ونحن نقترب من نهاية الدورة الحالية لمجالس المحافظات، يجد اي منا ان هذه المجالس لم تك تختلف عن الاخرى، رغم ان المنطق يقضي انها تمر بعد كل دورة انتخابية بتجربة تغنيها للدورة التالية ، غير ان ذلك لم يحدث لسبب واحد تدور حوله كل الاخفاقات الا وهو ان الاحزاب الحاكمة لم تك احزاب مدارس تعد الكوادر الادارية المهيأة للعمل الحكومي ،سيما وان هذه المجالس يفترض انها غير سياسية انما هي مجالس هدفها اداري يقوم على بناء المحافظة والعمل على تقديم الخدمات لمواطنيها اضافة الى تقدير الظروف الموضوعية لقواها العاملة والعمل على ايجاد فرص الاستثمار الحقيقية لتشغيل العاطل منها في بناء وتطوير المحافظات ، غير ان ما حصل في ضوء تجربة الاعوام السابقة ان هذه المجالس استنسخت الامراض الحزبية للاحزاب الحاكمة في تعاملها اليومي مع مشاكل هذه المحافظات، واضافت اليها افرازات المحيط الضيق ، فاصبحت منابر للمناكفات والمنابزات بين اعضاء تلك المجالس ، مما ابعدها عن الاهداف المرجوة منها ، اضافة الى قلة كفاءة الكثير من اعضائها او ان غالبيتهم لا يملك شهادة علمية تؤهله للعمل الاداري الحكومي ، كما وانهم لم يدخلوا في معاهد او دورات تأهيلية للتصدي لمشاكل محافظات غلب عليها التأخر والتخلف في شتى مناحي الحياة . وقد نتج عن كل ما تقدم ان زادت هذه المحافظات تخلفا فوق تخلفها حتى ان بعضها تأكل منها ما هو جيد او كان يمت للحضارة بصلة . كما وان الفشل تتقاسمه كل المحافظات، بما في ذلك محافظة بغداد .
 
ان ما حصل داخل هذه المجالس هو تجسيد للصراعات الحزبية القائمة بين احزاب السلطة، قد تكون هذه الصراعات سياسية او عقائدية او صراع تقاسم النفوذ او خلافاً في توزيع المراكز او المناصب ، او صراع للاستحواذ على عقارات الدولة او اراضيها ، او صراعات عشائرية وعلى مشاكل شخصية ضيقة ، مما يوحي بان هذه التجربة كانت ضحية فقدان التوازن امام مغريات السلطة ، وفقدان سعة الافق في ان تكون نموذجا للطرف المظلوم الذي هب لانقاذ اهله ومواطنيه من اسباب الفقر والفاقة وقلة الحيلة في ظل عهود سابقة كانت سببا في انتشار المدارس الطينية او الشوارع الترابية او المدن التي تفتقد حتى لحديقة صغيرة يفرح فيها طفل او يافع رماه القدر في دولة كانت ولا زالت قائمة على حكم اشخاص لا مؤسسات .
 
ان هذه الاسباب وتلك النتائج يجب ان تكون حافزا لكل الاحزاب في ان لا تعيد نفس الاخطاء وان تعمل منذ هذه اللحظة على اعداد من هو نزيه وكفوء للترشيح لعضوية هذه المجالس وان يكونوا اداريين نزيهين، غير منقادين لملذات السلطة والجاه ، لان المحافظات بات تخلفها يشجع على التمرد على كل شيئ بل وحتى على الاحزاب الحاكمة.