قسم الصحه

مخاوف من متحور “كوروني” في الجزائر والخبراء يطمئنون: أنفلونزا موسمية

مصابون في قسم الطوارئ في أحد المستشفيات

تشهد المستشفيات والعيادات الطبية في الجزائر منذ ما يربو عن الشهر، توافداً ملحوظاً لمرضى مصابين بأعراض الأنفلونزا؛ وللوهلة الأولى بدا الأمر عادياً، ما دامت الحالات المرضية هي نفسها تلك التي تصاحب المريض عند إصابته بالأنفلونزا الموسمية، غير أنّه سرعان ما دبّ الشك في النفوس، وحتى لدى الأطباء، وأضحى الحديث متمحوراً حول الاشتباه في متحور جديد من متحورات وباء كوفيد 19.
يقصد المرضى أقسام الطوارئ على الأغلب وهم يعانون من إسهال حاد وقيء وآلام في الظهر ومفاصل الجسم، فيما يعاني بعضهم أيضاً من السعال والتهاب اللوزتين وانتفاخ العينين. هذه الحالات دفعت بعض الأطباء الى دقّ ناقوس الخطر من جديد، والإشارة إلى ضرورة الحيطة والحذر، على الرغم من عدم وجود تشخيصات دقيقة تؤكّد أنّها أعراض لمتحور جديد.
والمعروف أنّ متحور “أوميكرون” أحد سلالات فيروس كورونا، يُنتج طفرات جديدة كل 3 إلى 4 أشهر، ويعرف تغيّراً متواصلاً في سبيل بقائه، على حدّ تعبير المتخصص في طب المناعة البروفيسور كمال جنوحات، الذي يشرح أنّ “المتحورات الجديدة من كورونا تنتشر بسرعة كبيرة وبسهولة بين الأشخاص مقارنة بالمتحورات القديمة”، داعياً إلى انتظار صدور التقارير الرسمية بشأن الحالات المرضية الأخيرة.ويوضح جنوحات أنّ “التمييز بين حالات الإصابة بالأنفلونزا الموسمية وفيروس كورونا صعب جداً بسبب تشابه الأعراض”.
التغيّرات المناخيّة والأمراض المناعيّةوشهدت الجزائر في الآونة الأخيرة تغيّرات مناخية حادة، بين درجات حرارة منخفضة وأخرى مرتفعة جداً في يومين فقط، وتقلّبات في الطقس بين مشمس وممطر، إضافة إلى الصيام وتأثيراته على صحة أصحاب الأمراض المستعصية والمناعيّة لدى كبار السن بالخصوص.  

 ويقول خبراء الصحة إنّ تأثيرات تغيّرات الطقس تكون أكثر حدّة عند الأشخاص الذين يعانون من أمراض المناعة الذاتيّة، وتسبب هذه التغيّرات أعراضاً مزعجة لهؤلاء، إذ تؤثر درجات الحرارة المتغيّرة في ظرف وجيز، في وظائف الجسم، ما يتسبّب بمضاعفات في أعراض المناعة الذاتية، بحسب تأكيدات الخبراء الذين يلفتون إلى أنّ الدراسات أثبتت أنّ للتغير المناخي دوراً في الالتهابات التي تُصيب الجسم، ما يؤدّي إلى تفاقم أعراض الأمراض المناعيّة الذاتية مثل الألم والتعب والجفاف. وتؤكّد الإعلامية المتخصصة في قضايا الصحة عائشة ولد حبيب، أنّ الحالات الكثيرة التي توجّهت إلى المستشفيات والعيادات الطبية خلال الشهرين الأخيرين لا علاقة لها بمتحورات كورونا، ولا يمكن الجزم بأنّها سلالة جديدة من سلالات “أوميكرون”، مشيرة إلى أنّ للمناخ وتغيّراته تأثيراً في ما يحدث للكثير من المرضى، بخاصة لذوي المناعة الضعيفة. وتقول ولد حبيب إنّ “التغيّرات المناخية التي عرفتها بلادنا أخيراً أثرت بالدرجة الأولى على كبار السنّ وأصحاب بعض الأمراض مثل الروماتيزم والصدفية والتهاب المفاصل وغيرها، هؤلاء تأثروا بدرجات كبيرة بسبب الجفاف الذي أصاب أجسامهم”، وتضيف أنّ “أصحاب الأمراض المناعية ونظراً الى الانخفاض المحسوس في درجات الحرارة ثم ارتفاعها في ظرف زمني قصير، تأثروا صحياً، الأمر الذي جعل مراكز الطوارئ الطبية تشهد توافداً ملحوظاً من هؤلاء”.وتؤكّد ولد حبيب لـ”النهار العربي” أنّ التغيّرات المناخية تسبّب لمرضى المناعة الضعيفة أعراضاً مشابهة لأعراض الأنفلونزا.خللٌ في المناعةوإذ اضمحلّ الشك في وجود متحور جديد من متحورات فيروس كورونا، غير أنّ التساؤل يبقى قائماً ما دامت الأعراض نفسها أصابت الأصحّاء والأطفال والشباب والنساء. وترجح ولد حبيب أن يكون الأمر متعلقاً بنزلة برد أو فشل بسبب التعب، بخاصة في شهر رمضان، وتقول: “من منطلق احتكاكي بالمختبرات الطبية، بخاصة تلك المتخصصة بالأمراض المناعية، فإني أؤكّد أنّ الأمر متّصل بالتغيّر المناخي المسبّب لفيروسات تتطاير جواً وتسبّب جفافاً حادّاً في الجسم، فيشعر بالخطر ليشرع أوتوماتيكيّاً في إعطاء تنبيهات وأعراض مشابهة لأعراض الأنفلونزا”. وتلفت ولد حبيب إلى أنّ أصحاب الأمراض المناعية الذاتية الذين تعرّضوا لهذه الأعراض، بخاصة خلال الأسابيع الأخيرة، يعانون من خللٍ في مناعتهم، بين ارتفاع وانخفاض، وتضيف أنّ “معظمهم انخفضت مناعتهم بشكل أكبر، مما تسبب لهم في معاناة من الالتهابات على مستوى اللوزتين والأذن الوسطى وغيرها، من دون أن ننسى قابلية العدوى، إذ إنّ مثل هذه الأعراض تنتقل انتقالات سريعة بين الأشخاص، بخاصة المقرّبين منهم”.
والملاحظ أنّ التشخيصات الطبية في الجزائر نادراً ما تتحدث عن الفيروسات المتعلقة بالتغيّرات المناخية، والأمراض التي تتسبب بها وأعراضها المرتبطة بها، لذا فإنّ من الخطأ الجزم في كل مرة بوجود متحوّر جديد لفيروس كورونا، تقول ولد حبيب، وتؤكّد أنّ العلاقة وطيدة بين التغيّر المناخي وظهور بعض الأعراض المرضية في الجسم “والمؤسف أن لا وجود لتعاون بين خبراء البيئة والصحة من الأطباء، هذا التعاون مفيدٌ جداً، وقد يؤدي إلى التصدّي للعديد من الأمراض التي تفتك بالإنسان فقط لفقدان التوازن الصحّي، إن صحّ التعبير، خلال فترة الانتقالات من طقس إلى طقس آخر”.