اخبار سياسية عالمية

مصارف صينية بعد العقوبات الأممية تعلّق الخدمات المالية للكوريين الشماليين

 

بكين، سيول – أ ف ب، رويترز

بعد ساعات على نجاح الولايات المتحدة في نيل موافقة الصين على عقوبات في مجلس الأمن بلغت مستوى لا سابق له على كوريا الشمالية، وشملت فرض حظر على صادراتها من النسيج وقيوداً على وارداتها من النفط الخام رداً على تجربتها النوية السادسة في 3 الشهر الجاري، علّقت 4 مصارف كبيرة تملكها الدولة الصينية الخدمات المالية للكوريين الشماليين، ما يشير الى التزام بكين اتخاذ اجراءات ضد حليفتها التي تملك سلاحاً نووياً أقوى مما اعتُقد سابقاً.
وفي رد متوقع، رفض السفير الكوري الشمالي تاي سونغ هان امام مؤتمر نزع الأسلحة المنعقد في جنيف العقوبات الجديدة، وتوعد بأن تواجه الولايات المتحدة التي قدمت مشروع القرار الى مجلس الأمن، قريباً «أفظع ألم في تاريخها».
واتهم تاي واشنطن بأنها «متحمسة لمواجهة سياسية واقتصادية وعسكرية، ومهووسة بلعبة جامحة لوقف التقدم الذي حققته بلدنا في تطوير قوة نووية بلغت فعلاً مرحة الاكتمال».
وتابع: «نحن مستعدون لاستخدام وسائل قصوى»، في حين قال روبرت وودز، سفير الولايات المتحدة لشؤون نزع السلاح في المنتدى بجنيف إن «قرار مجلس الأمن يرسل رسالة واضحة لنظام بيونغيانغ بأن المجتمع الدولي سئم وليس مستعداً بعد الآن لتحمل السلوك المستفز لهذا النظام الذي نأمل في أن يستمع الى الرسالة، ويغيّر مساره»، داعياً كل الدول إلى تطبيق العقوبات الجديدة وتلك القائمة بحسم».
واوضح موظفون في فروع مصرف الصناعة والتجارة الصيني، ومصرف الزراعة الصيني، وبنك الصين، ومصرف البناء الصيني، في العاصمة بكين ومدينة يانغي الحدودية التي تعد مركزاً رئيسياً للتجارة والمواصلات بين البلدين الجارين، ان مصارفهم منعت الكوريين الشماليين من فتح حسابات جديدة، فيما بدأ بعضها حتى إغلاق تلك الموجودة.
وقال موظف في فرع مصرف البناء الصيني في يانغي: «لم يعد يمكن ان يستخدم الكوريون الشماليون حساباتهم في يانغي، ولا خدماتنا. سنخبرهم أنه يجب ان يغلقوا حساباتهم، وإذا لم يفعلوا ذلك لن نسمح لهم باستخدامها».
أما موظف من مصرف الصناعة والتجارة الصيني في يانغي فقال إن «القيود بدأت العام الماضي أو الذي قبله»، في حين اشار موظف في فرع مصرف البناء الصيني الى ان المصرف تلقى أمر الحظر في ايار (مايو).
وطالما اتهمت الصين بالتساهل في تطبيق عقوبات الأمم المتحدة الخاصة بكوريا الشمالية. واشتكى الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أن التجارة بين البلدين تحسنت خلال الربع الأول من السنة الحالية.
وفي حزيران (يونيو)، فرضت واشنطن عقوبات على «بنك داندونغ» الصيني بحجة «تسهيله عمليات مالية بملايين الدولارات لشركات المتورطة في برامج كوريا الشمالية لأسلحة الدمار الشامل والصواريخ الباليستية».
ولكن الصين شددت على التزامها تطبيق العقوبات عبر تعليق استيراد الفحم الكوري الشمالي في شباط (فبراير) وحظر المشاريع التجارية المشتركة الجديدة، والتوقف عن شراء الحديد والرصاص والمأكولات البحرية من جارتها.
واتفقت بكين مع واشنطن على بنود القرار ٢٣٧٥ الذي تبناه مجلس الأمن بالإجماع. وقالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي: «لم يكن ليحصل ذلك لولا العلاقة القوية التي تطورت بين الرئيس الأميركي ترامب ونظيره الصيني شي جينبينغ»، مشيرة الى ان نظام كوريا الشمالية «أظهر أنه لن يُنهي برنامجه النووي بمفرده، لذا يجب ان ينفذ العالم ما يرفضه هذا النظام، ويوقف تقدمه نحو الترسانة النووية والقدرة على إطلاقها الى أي مكان في العالم».
لكن هايلي استدركت ان «الخيار في يد نظام كوريا الشمالية، وهو لم يصل بعد الى نقطة اللاعودة فإذا وافق على وقف برنامجه النووي قد يحفظ مستقبله، واذا أثبت أنه يستطيع أن يعيش بسلام سيعيش العالم معه بسلام، وإلا سنواصل فرض مزيد من الضغوط عليه».
الى ذلك، قال السفير الصيني في الأمم المتحدة لوي جيي إن «كوريا الشمالية نفذت تجربة نووية في مواجهة الموقف الموحد للمجتمع الدولي، وبكين تعارض بحزم هذا العمل وتدينه بشدة».
وأكد أن موافقة بكين على العقوبات الجديدة تهدف الى حض كوريا الشمالية على أن «تأخذ بجدية توقعات المجتمع الدولي وإرادته بوقف تطوير برنامجيها النووي والصاروخي، والتوقف عن تنفيذ تجارب أخرى والعودة بفاعلية الى مسار نزع السلاح النووي». لكنه شدد على ضرورة عودة كل الأطراف الى التهدئة، ومحاولة استئناف المفاوضات السياسية عبر تطبيق طرح بلاده تجميد كل من الولايات المتحدة وكوريا الشمالية الخطوات التصعيدية.
وكرر انتقاد بكين نشر الولايات المتحدة نظام «ثاد» الدفاعي الصاروخي في كوريا الجنوبية الذي «يقوض التوازن في المنطقة». وايدت روسيا موقف الصين في رفض ادعاء كوريا الشمالية بأنها أصبحت قوة نووية. وقال سفيرها فاسيلي نيبينزيا: «نحن مقتنعون من أن التوصل الى حل سياسي يحصل فقط عبر الوسائل السياسية وليس عبر عقوبات جديدة».
وجدد الدعوة الى العمل «وفق المقاربة الصينية الروسية المشتركة وخريطة الطريق التي تضمنتها، والسير خطوة خطوة نحو التسوية بدءاً من خطوات خفض التصعيد وسحب أسباب التوتر من الجانبين وتطبيق إجراءات بناء ثقة وإيجاد بيئة مواتية لاستئناف المفاوضات».
وأكدت اليابان ضرورة «مواصلة فرض ضغوط صارمة على كوريا الشمالية حتى تنصاع لإرادة المجتمع الدولي». وقال سفيرها كورو بيشو: «سيقوي قرار مجلس الأمن العقوبات ضد كوريا الشمالية الى مستوى لا سابق له بهدف إحداث تأثير كبير على قدرتها على مواصلة برنامجيها النووي والصاروخي».
ورأى السفير الفرنسي فرنسوا ديلاتر أن قرار مجلس الأمن «عكس الحزم والسرعة والديبلوماسية من اجل التوصل الى حل سياسي للأزمة النووية في كوريا الشمالية. وأمننا جميعاً على المحك لذا ندعو كل الدول الى الانضمام الى هذا الطريق، والتشدد في تطبيق العقوبات على كوريا الشمالية بهدف دفعها الى قبول حل سياسي.
واعتبر السفير البريطاني ماثيو ريكروفت أن قرار مجلس الأمن «أظهر أننا متحدون وملتزمون الضغط على نظام كوريا الشمالية كي يغير مساره».
وأضاف أن «كوريا الشمالية متورطة بارتكاب أعمال خطيرة، ودورنا هو العمل على تغيير هذا الطريق» معتبراً أن الخروج من الأزمة يجب أن يبدأ من «تغيير كوريا الشمالية مسارها، والى أن تقوم بذلك، سنواصل الضغوط، وقرارنا اليوم خطوة في هذا الاتجاه».
الى ذلك، قررت بيرو طرد سفير كوريا الشمالية كيم هاك تشول، احتجاجاً على انتهاكاتها «المتكررة والصارخة» لقرارات مجلس الأمن، ورفضها إنهاء برنامجها النووي، علماً ان المكسيك اتخذت قراراً مماثلاً الأسبوع الماضي.