عبد الرحمن رضوان
تعدّ اتفاقية السعودية لشراء نظام S-400 Triumf المضاد للصواريخ من روسيا ضربةً كبيرة للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين، هكذا استهلّ ستيفن براين، خبير التكنولوجيا العسكرية، مقاله عن منظومة الدفاع الجوي الروسية بمجلة «ناشونال إنترست» الأمريكية.
تعقب الصفقة اتفاق تركيا البالغ قيمته 2.5 مليار دولار لشراء النظام الروسي، والمفاوضات الجارية مع مصر لشراء نفس النظام، يتابع براين. تمتلك مصر بالفعل نظام (S-300VM) والمعروف باسم (Antey 2500) والذي يمكنه الاشتباك مع الصواريخ البالستية قصيرة ومتوسطة المدى والصواريخ الجوالة والأسلحة الموجهة بدقة والطائرات الاستراتيجية والتكتيكية، بالإضافة إلى طائرات أنظمة الإنذار المبكر والحرب الإلكترونية.
من بين الدول الأخرى التي تمتلك نظام S-300 اليونان، وهي دولة عضو بحلف الناتو حصلت عليه من قبرص عندما هدَّد الأتراك قبرص بالحرب ما لم تتخل عنه. وبالتالي، تم منح النظام لليونان لنزع فتيل الأزمة مع تركيا. هناك مستخدمون آخرون لتلك الأنظمة، من بينهم الصين، بالطبع، وأيضًا الهند وأوكرانيا وفنزويلا وبلغاريا العضو بحلف الناتو.
لكن نظام S-400 هو الذي يغير قواعد اللعبة بالفعل، يعقب براين. السبب هو تعدد صواريخ الاعتراض التي يمكن للنظام إطلاقها. يدعم النظام أربعة صواريخ مختلفة – سلسلة 40N6E فائقة المدى (400 كيلومتر)، و48N6 طويل المدى (250 كيلومترا)، و9M96e2 متوسط المدى (120 كيلومترا)، و9m96e قصير المدى (40 كيلومترا). للمقارنة لا يدعم نظام باتريوت الأمريكي سوى صاروخ اعتراضي واحد مداه 96 كيلومترا.
لكن هنالك ما هو أكثر، يمضي براين. صاروخ 9M96E2 هو أحد جواهر نظام S-400، فهو يطير بسرعة 15 ماخ (حوالي 5 آلاف متر في الثانية أو 18.5 ألف كيلومتر في الساعة)، ويمكنه الاشتباك مع أهداف على ارتفاع 5 متر فوق سطح الأرض. إنه مصمم لإسقاط الطائرات والصواريخ المخترقة التي تنطلق من على سطح حاملة طائرات أو فوق الأرض بقليل وتحييد الصواريخ الجوالة.
وينقل براين عن دكتور كارلو كوب، وهو أحد أفضل خبراء العالم في مجال الطيران، أن نظام S-400 يحتوي على رادارات اختيارية مصممة لهزيمة الطائرات الشبحية الحديثة مثل F-22 وF-35. تعمل تلك الرادارات عبر العمل ضمن عدة نطاقات من الترددات بما في ذلك تلك التي يمكنها رؤية المقاتلات المحمية بتلك التقنية.
تم بناء التصميمات الشبحية بحيث تقل احتمالية التقاطها من قبل رادارات النطاق X، وهي الرادارات العسكرية والمدنية الأكثر انتشارًا. لدى الطائرة F-35 حماية شبحية بشكلٍ رئيسي من الأمام، ما يعني أنه في حالة إعطاء ظهرها للهدف فإنها تكون معرضة للخطر. مع الوقت، سوف يعفي الزمن على نظام الدفاع الجوي لدى الولايات المتحدة وحلفائها، والتي تعتمد جميعا بشكلٍ رئيسي على النطاق X، مع اتجاه روسيا والصين إلى الطائرات والصواريخ الشبحية.
إلى جانب تحسينات الرادار (والتي قد يتم أو لا يتم منحها للمشترين الأجانب)، لدى روسيا نظام دفاع جوي متكامل قوي رغم أن حجم أسطولها الجوي الحديث صغير نسبيًا بالمقارنة بالولايات المتحدة وحلف الناتو. خسرت روسيا عقدًا في سباق التسلح عندما لم يكن لديها أموال لتطوير وبناء طائرات جديدة، ويتحمل اقتصادها اليوم بالكاد الحصول على أرقامٍ فعالة من المعدات الجديدة. بالفعل، أحد أسباب تطوير روسيا لدفاعاتها الجوية إلى جانب الرغبة في مواجهة الطائرات والصواريخ الجوالة الشبحية الأمريكية هو أنها لا يمكنها تحمل تكلفة أسطول كبير من الطائرات المقاتلة الحديثة.
أحد استخدامات صاروخ S-400 طويل المدى هو ضد أنظمة الإطلاق عن بعد مثل مراكز التحكم في طائرات مثل E-3 سنتري أواكس. تلك الطائرات، والتي تستخدمها الولايات المتحدة وحلفاؤها في حلف الناتو إلى جانب سرب متمركز في اليابان وآخر في الإمارات، هي عرضة للخطر في مواجهة صواريخ S-400 الاعتراضية وتخسر حماية مدى الإطلاق عن بعد. قد تصل إلى نهاية قدرة الأواكس، يتابع براين، والتي تم تصميها في الستينيات من القرن الماضي.
لدى S-400 القدرة على التصدي للصواريخ البالستية، وهي خاصية لا بد أنها جذبت اهتمام السعودية. ما مدى جودته في مواجهة الصواريخ البالستية؟ لا أحد يعلم على وجه الدقة. يرى براين أن القرار السعودي بشراء نظام S-400 ربما يرتبط بشراء مصر لنظام S-300VM في وقتٍ سابق والرغبة في الحصول على S-400. من المحتمل أن تكون الإمارات والسعودية قد دفعت مقابل الأسلحة التي حصلت مصر عليها.
ويتابع أن الروس قد حققوا تقدمًا كبيرًا ببيع الأسلحة إلى بعض دول حلف الناتو التي ليس لها مستقبلٌ مضمون في الحلف، مثل اليونان وتركيا، ودول أخرى ترعاها الولايات المتحدة مثل السعودية ودول الخليج الأخرى مثل الإمارات. أحد الأمثل الجديدة للغاية: تقول روسيا إن الإمارات على بعد أشهرٍ فقط من شراء المقاتلة القوية Su-35 متعددة المهام، وهي «الملكة» الحالية بأسطول مقاتلات القوات الجوية الروسية.
الاختراقات الروسية منطقية بالمعايير التكنولوجية. ليس لدى الولايات المتحدة منافسٌ حقيقي لنظام S-400، يختتم براين في مقاله، وهي ليست تواقة لرؤية مثل تلك الأنظمة تنتشر، وهو ما يراه سيئًا للغاية ومتأخرًا بشدة.