نبيل فهمي لـ”النّهار العربي”: مصر لن تخضع للضّغوط والإغراءات واذا أخرج الفلسطينيون من غزّة فلن يعودوا

1

المصدر: النهار العربي

سابين عويس

سابين عويس

نبيل فهمي

نبيل فهمي

تبدو مصر من أكثر الدول المعنية بحرب غزة والمتأثرة بها، في ظل استمرار الضغط على سلطاتها من أجل فتح حدودها عبر معبر رفح لاستقبال الفلسطينيين المدفوعين قسراً إلى النزوح. ولا تبدو مصر في المقابل مستعدة للتراجع عن موقفها الداعي إلى ضرورة الذهاب إلى هدنة إنسانية ولو في حدها الأدنى والسماح بدخول المساعدات. ولم ينجح الاجتماع الذي جمع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن مع وزراء خارجية عدد من الدول العربية، ومن ضمنها مصر، في التوصل إلى أي اتفاق أو تفاهم يؤسس لإرساء الهدنة الإنسانية، ما يجعل السؤال الملح المطروح اليوم، مع دخول الحرب شهرها الثاني، ومع تعذر الحلول الإنسانية، عن مآل هذه الحرب والنتائج المرتقب أن تخلص إليها، وما إذا كان يمكنها أن تحمل حلاً من خارج العودة إلى سياسة الاحتواء التي كانت قائمة قبل السابع من تشرين الأول (أكتوبر) الماضي؟ عن هذه التساؤلات معطوفة على الموقع الذي تقف فيه القاهرة اليوم، يقول وزير خارجيتها السابق والعميد الفخري في الجامعة الأميركية في القاهرة نبيل فهمي، في حديث إلى “النهار العربي”، أن هناك اعتبارين أساسيين يتجاوزان الاعتبارات التفصيلية الأخرى، هما الاعتبار الإنساني والاعتبار السياسي. ولا يعني هذا إسقاط الاعتبار الأمني على أهميته، ولكنه يبدو تفصيلاً اليوم، انطلاقاً من أن الوضع الأمني المصري ممسوك وهناك سيطرة كاملة في هذا الشأن.  عن مدى قدرة مصر على مواجهة الضغوط التي تمارس عليها لفتح معبر رفح، ربما ضمن صفقة ما على شكل حوافز أو إغراءات، يجيب فهمي بالقول إن الأولوية اليوم تقضي بالتعامل مع الشأن الإنساني. وقد نجحت مصر بعد مفاوضات شاقة في التوصل إلى اتفاق يسمح بمرور كل من يحتاج إلى العلاج، أو حاملي الجنسيات المختلفة. ولا يغفل الإشارة إلى أن الوضع الإنساني يزداد تعقيداً كلما زاد عدد النازحين. ولدى السؤال عمن تنطبق عليه شروط المرور، يدخل البعد السياسي.  “نحن نعتقد أن الضغط من الجنوب سيزيد مستقبلاً، لأن إسرائيل تقول بأن الأولوية اليوم في الشمال ولكنها ستنتقل لاحقاً إلى الوسط ثم إلى الجنوب. ما يعني أن الجنوب لن يكون خارج المعادلة العسكرية”، يقول فهمي مضيفاً أنه “إذا دخلنا في عمليات عسكرية في الجنوب فسيصبح الوضع أصعب، لأن أعداد النازحين ستزيد، وهذا ما لا يمكن تجاهله”. ويذكّر فهمي بأن في”آخر مرحلة حصل فيها اعتداء على غزة، ورغم أن علاقتنا بحركة حماس ليست طيبة، عرضنا إعادة البناء وتقديم الدعم المادي، لكننا لم نلق تجاوباً. إن الضغط اليوم على الفلسطينيين من أجل أن يتركوا ديارهم تحت أي مسمى، والتجارب أثبتت أن إسرائيل لا تسمح لأي مغادر بالعودة، لذلك، فإن الهدف الإسرائيلي بات واضحاً، ويرمي إلى تغيير الوضع في غزة، وهذا يعني مناطق أكثر عزلة وعدد سكان أقل، وإعادة رسم خريطة جديدة تمكن إسرائيل من السيطرة عبر خفض عدد السكان، وهذا أمر لن نقبل به كما أننا لن نقبل بأن نكون طرفاً في عملية إسرائيلية مقصودة لتهجير الفلسطينيين، ونحن نلتقي مع الأردن بهذا الموقف”.  لا يخفي الدبلوماسي المصري الإشارة إلى أن القلق ليس من تيار سياسي معين في فلسطين، بل من أي اضطراب حدودي يمكن أن يؤدي إلى اضطراب أمني، وإن كان يمكن التعامل معه في ظل الأزمة أو عدمها.  أما عن الحوافز أو الإغراءات التي يمكن أن تدفع مصر إلى تغيير موقفها حيال فتح المعبر، فيؤكد فهمي أنه “لا يمكن إجبار الفلسطينيين على المغادرة، ولا أعتقد أن هناك أي قدر من الحوافز التي تدفعنا إلى تغيير موقفنا. قد تكون هناك حوافز في الشأن الإنساني ولكن ليس في مسألة النزوح. ليست معادلة سياسية مطروحة لذلك لا أتوقع وجود أو حصول صفقة في هذا الشأن”.  ولكن أعيد تصدير الغاز الإسرائيلي إلى مصر بعد توقف؟ينفي فهمي وجود أي ربط بين مسألة الغاز وما يحصل في غزة، مشيراً إلى أن “هذه المسألة تأتي في إطار الاتفاق الذي كان جزءاً من تفاهم مصري- إسرائيلي -أميركي مرتبط باتفاق ثنائي واتفاق إطاري خاص بالمنطقة. وهذا الأمر لا يتجاوز البعد التجاري، لا سيما بالنسبة إلى إسرائيل، ولا يشكل حتماً عنصر ضغط. منذ البداية ونحن ندرك أن الشق الفلسطيني يؤثر على المناخ العام في المنطقة ويجب معالجته، لكن إسرائيل لم تنفذ أي خطوة في هذا المجال. أيدنا اشتراك فلسطين في مؤتمر مدريد، ومن ثم في أوسلو. ولكن عندما تشتعل الساحة الفلسطينية تؤدي إلى توتر عام، لا سيما لدى الشعوب العربية، وهذا ينعكس على ما يجب فعله، والشعور تجاه إسرائيل. نحن نريد أن نشهد دفعاً نحو الحل الشامل والحرب ليست ضمنه طبعاً”.  “حتى الآن لم نحقق السلام العربي – الإسرائيلي، لا من خلال السياسات السابقة ولا اليوم. ولم يترجم ذلك إلى سياسة إسرائيلية أكثر مرونة وأكثر إيجابية تسمح بإنهاء النزاع، وتعبد الطريق أمام تحقيق هذا السلام. وأنا أعتقد أن علينا كعرب التركيز على أن نحرك الموقف الإسرائيلي وجزء من هذا يتحقق عبر الضغط السياسي والدبلوماسي، لأننا لا نميل إلى الدخول في مواجهة عسكرية، والجزء الآخر فرض اعتبارات محددة يجب عدم تجاوزها أو ما يسمى بخطوط حمر، على غرار ما اقترح وزير الخارجية الأردني”. يخلص فهمي إلى القول بأن “هناك حاجة كبرى لأن تكون هناك عملية عربية – إسرائيلية ليعيش الجميع في سلام، وهذا يتطلب إنهاء الاحتلال وأن تكون هناك هوية وطنية لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين. نسمع دائماً الكلام عن أن حل الدولتين قد مات، أنا أعتقد أنه ربما بات أصعب لأنه لا يمكن الحل بدولة واحدة، لأن ذلك يعني أن أحد الفريقين سيقدم التنازل وسيقبل بالعيش بسلام مع الآخر. وغير ممكن إعطاء أولوية لدولة على حساب الأخرى. لذلك هناك حاجة ماسة إلى اتفاق وإدارة للأزمة لوقف قتل المدنيين. والحاجة إلى وقف إطلاق النار ليست فقط لوقف النار، بل من أجل التقدم نحو حل. هذا يحتاج في رأيي إلى مبادرة عربية فضلاً عن تحمل الدول الكبرى، ولا سيما الولايات المتحدة الأميركية والصين، مسؤوليتها بالعودة إلى طاولة المفاوضات وإن كان الوقت اليوم ربما ليس الأفضل لذلك”.

التعليقات معطلة.