مقالات

نشاط يهدد المجتمع الإنساني

 
بقلم : لطيف عبد سالم
 
ليس خافياً أنَّ الجهد فِي البحثِ عَن المعلومات والبيانات الَّتِي تقود إلى التعريفِ بمضارِ المخدِّرات وإبرازِ حقيقية المخاطر الصِحية والنفسية الناجمة عَنْ إدمانها، يُعَدُّ مِنْ جملةِ السياسات الوقائية الرامية إلى حمايةِ الشباب – المعول عَليه فِي تعزيزِ مهمة نهضة البلدان وتطورها وسلامة مجتمعاتها – باعتماد أحدث آليات البرامج وأكثرها واقعية حول الترهيب مِنْ استخدام المخدِّرات؛ لأجلِ ترغيب الأفراد بالامتناعِ عن الانجرار إلى سلوكياتٍ ضالة وعدم الخضوع لنيات قوى الرذيلة والجهات الخارجية والداخلية الساعية إلى تمزيقِ المجتمع وشل قدراته وتصديع منظومته القيمية قصد السيطرة عَلَى إرادته.
 
 
 
وهو الأمر الَّذِي يملي عَلَى القياداتِ الإدارية فِي جميع البلدان ترجمة الأدبيات المعنية بوقايةِ المجتمع وحماية أفراده مِن المخدِّراتِ إلى أفعالٍ لها وقعها المؤثر مِنْ خلالِ الركونِ إلى تَشكيلِ مؤسسات وطنية تعنى بمهمةِ مكافحة هذه الآفة المجتمعية بفاعليةٍ تفرض عَلَى الحكوماتِ تمتعها بصلاحياتٍ تمكنها مِنْ مواجهةِ ظهور أيِّ أنشطة تساهم فِي التشجيعِ عَلَى تعاطي المخدرات أو تسهل مِنْ مهمةِ انتشارها، والقدرة عَلَى ردعِ تجارها وزارعيها محلياً، ومحاربة مروجيها، وبخاصة الجهات الموردة والمسوقة، فضلاً عَنْ مواجهةِ جميع المتعاملين بتجارتِها بما فِي ذلك الفعاليات الإعلانية الَّتِي بوسعِ المتاجرين بها توظفيها قصد التشجيع عَلَى شيوعها فِي غفلةٍ منْ حيطةٍ المجتمع والأجهزة المعنية بالأمر.
 
 
بحسبِ الدراسات العلمية يمكن التعرف عَلَى مَنْ يتعاطى المخدِّرات بالتمعنِ فِي سلوكياته ومظهره العام، حيث يعاني المدمن عَلَى المخدِّرات مِن حالات صحية عديدة فِي مقدمتها الضعف والخمول واحتقان العينين واحمرارهما وكثرة النوم، أما ما يظهر مِن السلوكياتِ الَّتِي تدل عَلَى ممارستِه الإدمان فيمكن تلمسها مِنْ خلالِ ملاحظة التعب والإرهاق الَّذِي يطغى عَلَيه عند بذل أقل مجهود جسدي، وميله إلى الانطوائية والعزلة عَنْ الأهلِ والأصدقاء، فضلاً عَنْ تميزه بالاكتئابِ والعدوانية والخداع والكذب والسرقة، مع العرضِ أَنَّ بعضَ الصفات مثل التنمّر والاندفاعية والشعور بالدونية مِن شأنها دفع الأطفال والمراهقين لتعاطي المخدِّرات فِي سنٍ مبكرة، وهو الأمر الَّذِي يقود إلى تدميرِ القدرة الوظيفية للشخصِ المتعاطي فِي جميعِ مناحي الحياة.
 
 
لا نبعد عَنْ الصَوَابِ إذا قُلْنَا إنَّ العقاقيرَ وغيرها مِن الموادِ المخدرة – بما تباينت أنواعها أو درجة قبولها فِي المجتمعاتِ البشرية أو ما يقتضي مِن الإجراءات القانونية – تُعَدُّ مِن المواد شديدة الحساسية، وَالَّتِي أفضت خطورتها إلى حظر تعاطي حتى الأدوية الَّتِي تدخل بعض المواد المخدرة – وإن كانت قليلة التأثير – فِي تركيبها مِنْ دونِ استشارةِ طبيبٍ متخصص؛ بالنظرِ لهولِ ما تخلفه استخداماتها مِنْ تداعياتٍ شديدة الاثر عفي الجوانبِ الصحية والنفسية لمَنْ يدمن عَلى استخدامها، فضلاً عَنْ طبيعة أضرارها الَّتِي بوسعِها شل حركة المجتمع الإنساني وتقييد عطاء عناصره الفاعلة، والإضرار بما ورثه مِنْ قيمٍ حميدة وعادات وتقاليد نبيلة، ما يعني تهديد استقرار المجتمع وأمنه ومصادر عيشه.