اقتصادي

هل تفتح “نفيديا” حقبة جديدة في وول ستريت؟

عاملون في بورصة وول ستريت

خلال الأيام الأخيرة، لم تنجح شركة “نفيديا” العملاقة لصناعة الرقائق فقط، في دخول “المثلث الكبير” لوول ستريت، حين أضحت ثالث أكبر شركة من حيث القيمة السوقية مسجلة في السوق الأميركية، لكنها أيضا قادت توجهات الأسواق والمستثمرين، لتسطر بذلك أولى فقرات إعادة كتابة مرحلة جديدة للأسواق العالمية.

يوم الأربعاء الماضي، تجاوزت “نفيديا” شركة “ألفابت” المالكة لـ”غوغل” لتحتل المركز الثالث في قائمة أكبر الشركات الأميركية في القيمة السوقية، وذلك بعد يوم واحد فقط من تجاوز “نفيديا” “أمازون”، وذلك في وقت يترقب فيه المستثمرون التقرير الفصلي المقبل للشركة المهيمنة في مجال تصنيع رقائق الذكاء الاصطناعي.

وبحلول يوم الجمعة، بلغ سعر سهم “نفيديا” أكثر من 736 دولارا، لتصل قيمتها السوقية إلى 1.83 تريليون دولار. ولتصبح في الثلاثي الأكبر المسجل في بورصة وول ستريت، خلف كل من “مايكروسوفت” بقيمة 2.95 تريليون دولار، و”آبل” بقيمة 2.85 تريليون دولار.. ولا يفوقها خارج السوق الأميركية وخارج الثنائي المذكور إلا “أرامكو السعودية” بقيمة حول 2 تريليون دولار.

هذا الاختراق الكبير، والذي لم تشهده الأسواق الأميركية منذ بداية الألفية الحالية، يعد تطورا نوعيا، لجهة إعادة صوغ سيطرة عمالقة التكنولوجيا على الأسواق، ليصبح التركيز حاليا على عمالقة الذكاء الاصطناعي تحديدا، والذين تدعهم رقائق “نفيديا” بشكل كبير.

وكانت آخر مرة تخطت فيها قيمة “نفيديا” قيمة “أمازون” في 2002، عندما كانت قيمة كل منهما أقل من 6 مليارات دولار.

ترقب للنتائج

ويتطلع الجميع الآن لإعلان “نفيديا” نتائجها الفصلية يوم الأربعاء المقبل، وهي آخر الشركات العملاقة التي تعلن نتائج أعمالها في الموسم الحالي. ويتوقع المحللون نمو الإيرادات على أساس سنوي بما يزيد عن 200 في المئة إلى أكثر من 20 مليار دولار.

وتتنامى التوقعات مع اقتراب صدور التقرير، إذ ارتفعت الأسهم نحو 50 في المئة منذ بداية العام، ما يجعلها الرابح الأكبر من بين الأسهم المدرجة على المؤشر ستاندرد اند بورز 500.

ووضعت النتائج الفصلية المذهلة والتوقعات القوية لـ”نفيديا” قبل عام شركة صناعة الرقائق في طليعة قطاع إمداد شركات التكنولوجيا التي تعمل على ما يعرف بالذكاء الاصطناعي التوليدي مثل روبوتات الدردشة وإنشاء الصور.

ورفع الرهان على الطلب القوي على أدوات الذكاء الاصطناعي أسهم “نفيديا”، ما جعلها أفضل الأسهم أداء بين الشركات السبع الكبرى بارتفاع 223 بالمئة خلال آخر 12 شهرا. وتأتي أسهم ميتا بلاتفورمز في المرتبة الثانية بارتفاع 163 بالمئة.

عراب الذكاء الاصطناعي

وتتجاوز الإنجازات في وول ستريت النتائج المباشرة لسهم”نفيديا” وتحركاتها ، إذ أن المستثمرين أصبحوا مهووسين بكل توجهاتها. وما أن كشفت الشركة عن أن لديها حصصاً في عدد قليل من الشركات المدرجة، مثل “آرم” أو “نانو-إكس إيماجينغ”، حتى تهافت المستثمرون على شراء أسهم هذه الشركات التي شهدت فورة في التداولات مع ختام الأسبوع الجاري.

وقال دان إيفز، كبير محللي الأسهم في “ويدبوش سيكيوريتيز”، إن استثمارات “نفيديا” باتت بمثابة “ختم الحصانة” الجديد للمستثمرين من الرئيس التنفيذي للشركة جنسن هوانغ، الذي بات يلقب في الأسواق بـ”عراب الذكاء الاصطناعي”.

وأشارت تقارير متخصصة إلى أن “هوس الذكاء الاصطناعي” صار يسيطر على وول ستريت بما لا يمكن تجاهله. وعلى سبيل المثال، قفز سهم “ساوندهاوند”، التي تستخدم الذكاء الاصطناعي في تقنيات التعرف الى الأصوات، بنسبة 68 في المئة يوم الخميس، فور أن كشفت “نفيديا” عن امتلاكها حصة بالشركة تقدر بنحو 3.7 مليون دولار.

وللدلالة الى أن الأمر ليس من قبيل الصدفة، فإن سهم شركة “نانو-إكس” قفز أيضا يوم الخميس بنسبة 59 في المئة، مباشرة عقب إعلان “نفيديا” عن استثمار بقيمة 380 ألف دولار فقط في الشركة الناشئة. كما قفزت أسهم “توسيمبل” للنقل بنسبة 40 في المئة بعد إعلان مماثل عن استثمار لعملاق الرقائق الإلكترونية بنحو 3 ملايين دولار.

فقاعة بالأسواق؟

ورغم هذه النتائج والآثار الفارقة، لا يزال البعض يتخوف من أن تكون كلها جزء مما بات يعرف بـ”مخاوف فقاعة الذكاء الاصطناعي”، بسبب الطفرات الكبرى للأسهم المرتبطة بهذا القطاع… لكن كثيرا من المؤسسات الراسخة وبنوك الاستثمار لا ترى ذلك.

ومن بين أصحاب الرأي الأخير، كان بنك “غولدمان ساكس”، الذي أشار في أكثر من مذكرة بحثية إلى أن أسهم الذكاء الاصطناعي، رغم ارتفاعها الكبير، ليست في فقاعة؛ نظرًا الى الطلب القائم وتطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في مختلف القطاعات… بل إن البنك وغيره من محافظ الاستثمار العالمية ترفع من توصياتها لشراء الأسهم المرتبطة بالقطاع، مشيرة إلى أنها “أسهم المستقبل”.