اقتصادي

هل يوقف المركزي الأوروبي رفع سعر الفائدة وسط تراجع ضغوط التضخم؟

الانخفاض الشديد في أسعار الطاقة خفف من التداعيات في دول الاتحاد

أحمد مصطفى  صحافي متخصص في الشؤون الدولية  

أوضحت البيانات الرسمية أن أسعار المستهلكين في دول منطقة اليورو ارتفعت بمعدل سنوي في مارس، بنسبة 6.9 في المئة (أ ف ب)

ارتفعت مؤشرات الأسواق الرئيسة في أوروبا في تعاملات آخر أيام الأسبوع، بعد أن بدأت على تعامل ضعيف. وجاء التحسن في أداء الأسواق على خلفية بيانات التضخم في دول منطقة اليورو التي أعلنها المكتب الأوروبي للإحصاء (يوروستات) وأظهرت انخفاضاً أكبر من المتوقع في معدلات التضخم.
وارتفع مؤشر “ستوكس 600” الذي يتابع الأسهم الأوروبية بنسبة 0.4 في المئة، كذلك ارتفع مؤشر “داكس” الألماني بالنسبة ذاتها، بينما ارتفع مؤشر “كاك 40” الفرنسي بنسبة 0.5 في المئة. وتراجع سعر صرف اليورو أمام الدولار الأميركي بنسبة 0.2 في المئة ليصل إلى 1.088 دولار لليورو.
وارتفعت أسهم السندات الحكومية للدول الأوروبية في البداية، قبل أن تعاود الانخفاض في تعاملات الجمعة. وانتهت التعاملات بارتفاع العائد على سندات الدين الألمانية قصيرة الأجل لمدة عامين بنسبة 0.5 في المئة لتصل نسبة العائد إلى 2.8 في المئة، وذلك بعد أن هضم المستثمرون بيانات التضخم التي أصدرها يوروستات وأصبحوا يتوقعون استمرار البنك المركزي في رفع سعر الفائدة رغم تراجع معدلات التضخم.

انخفاض أسعار الطاقة

وكانت البيانات والأرقام الرسمية أوضحت أن أسعار المستهلكين في دول منطقة اليورو ارتفعت بمعدل سنوي في مارس (آذار) الماضي، بنسبة 6.9 في المئة مقارنة مع معدل سنوي للارتفاع في الشهر السابق بنسبة 8.5 في المئة. ولم تكن الأسواق تتوقع هذا التراجع الكبير في زيادة الأسعار خلال الشهر.
وجاء الانخفاض في معدلات التضخم بشكل أساسي نتيجة الهبوط الشديد لأسعار الطاقة في الدول الأوروبية، خصوصاً مع انخفاض أسعار الغاز الطبيعي في أسواق الجملة. وانخفضت أسعار الغاز الطبيعي في الأسواق الأوروبية بنسبة 0.9 في المئة في مارس (آذار) مقابل ارتفاعها في فبراير (شباط) بنسبة 13.7 في المئة.
وكان ارتفاع أسعار الطاقة بشدة، بخاصة أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء، العام الماضي نتيجة حرب أوكرانيا وتوقف إمدادات الغاز إلى أوروبا، أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم في دول منطقة اليورو بنسبة كبيرة. واضطر البنك المركزي الأوروبي، الذي يضع السياسة النقدية لدول اليورو، إلى رفع أسعار الفائدة أكثر من مرة لتصل إلى نسبة ثلاثة في المئة حالياً بعد أن كانت قرب الصفر.


وعلى رغم الأرقام الإيجابية الصادرة رسمياً، أمس الجمعة، في شأن مؤشر أسعار المستهلكين، فإن تفاصيل البيانات تشير إلى استمرار معدلات التضخم مرتفعة، مما يعني أن البنك المركزي لن يتوقف عن سياسة التشديد النقدي وربما يستمر في رفع أسعار الفائدة. وعلى رغم انخفاض مؤشر أسعار المستهلكين بشكل عام، فإن مؤشر التضخم الأساسي الذي يستثني أسعار الطاقة والغذاء أظهر أن الضغوط التضخمية في أوروبا تظل قوية، إذ ارتفع مؤشر التضخم الأساسي في مارس الماضي، إلى أعلى مستوياته عند نسبة 5.7 في المئة، مقابل 5.6 في المئة في فبراير السابق. وارتفع كذلك معدل التضخم في أسعار الغذاء من نسبة 15 في المئة الشهر السابق إلى 15.4 في المئة. أما التضخم في أسعار الخدمات فارتفع من نسبة 4.8 في المئة إلى نسبة خمسة في المئة.

توقعات متباينة

وبينما كان رد فعل الأسواق على بيانات التضخم إيجابياً، إلا أن المحللين والمستثمرين يتوقعون استمرار ارتفاع كلفة الإقراض في دول منطقة اليورو. وكتب كبير المستشارين الاقتصاديين لمجموعة “أوليانز” على صفحته في مواقع التواصل، “أنباء متباينة عن التضخم في دول اليورو، فمع اعتدال مؤشر التضخم العام ارتفع مؤشر التضخم الأساسي. لا أتوقع أن يشعر البنك المركزي الأوروبي بالراحة من هذه البيانات، ومن غير المحتمل أن يغير مساره في ما يتعلق بأسعار الفائدة، على الأقل ليس الآن”.
ومما يثير قلق واضعي السياسة النقدية في أوروبا، ارتفاع كلفة سوق العمل التي زادت أكثر من نظيرتها في الولايات المتحدة بنسبة 5.7 في المئة في الربع الأخير من العام الماضي. ويزيد من القلق أيضاً بيانات التوظيف في الاقتصادات الأوروبية الصادرة الجمعة، التي أظهرت انخفاض معدلات البطالة إلى مستوى متدن عند نسبة 6.6 في المئة في فبراير.
وبحسب ما يرى اقتصادي في “كومرز بنك” الألماني، فإنه “مع ارتفاع معدلات الأجور بقوة نرى موجة جديدة من التضخم في الأفق، وهذا ما سيدفع الأسعار، بخاصة أسعار الخدمات، نحو الارتفاع”، بحسب ما نقلت عنه صحيفة “فايننشال تايمز”.
ويتوقع أن تواصل أسعار الطاقة، خصوصاً أسعار الغاز الطبيعي، الانخفاض في دول منطقة اليورو كما حدث بعد أزمة وباء كورونا في عام 2020. ومن بين دول اليورو الـ20 انخفض المعدل السنوي للتضخم في 18 دولة، بينما ارتفاع بشكل طفيف في سلوفينيا فقط، ولم يشهد أي تغيير في مالطا، بحسب بيانات يوروستات.