يسعدك.. يسعدك!!

1

عادل عبد الرحيم
 
 
ما الذى يجعلك سعيدًا؟ هل طرحت على نفسك هذا السؤال من قبل؟ فى الواقع وعن تجربة شخصية فإن الإجابة عنه من أصعب ما يرد على عقل بشر، فقد شاءت إرادة الله أن تختلف طبائع البشر، وبقدر هذا التنوع والتمايز تختلف الإجابة عن مصدر السعادة من شخص إلى آخر.
قد يعتقد البعض أن المال هو المصدر الرئيسى للسعادة.. فيما يرى آخرون أن راحة البال ولو بدون أموال هى الكنز الحقيقى.. بينما يرى فريق ثالث سعادته وقمة متعته فى القراءة أو الرياضة أو حتى النميمة والثرثرة وإيذاء مشاعر الآخرين.. نعم صادفت فى مشوار حياتى الذى يقترب من العام الخمسين أناسًا يجدون لذتهم ومتعتهم الحقيقية فى تعذيب الآخرين وإدخال التعاسة عليهم.. والعكس بالعكس بطبيعة الحال.
ولعل كلمة السعادة من بين الكلمات التى اختلف الناس حولها، فمنهم من يراها قرينة اللذة أو الراحة أو المال أو المنصب أو الشهرة.. إلخ، وبذلك يفنى كثير من الناس حياتهم فى دروب شتى بحثًا عن السعادة، نعم، السعادة هى شعور ينبع من داخل النفس إذا شعرت بالرضا والغبطة والطمأنينة والأريحية والبهجة، لكن لقد اختلفت نظرات الناس للسعادة باختلاف طباعهم واهتماماتهم وتطلعاتهم وحتى مجتمعاتهم، فبعضهم يراها فى المال أو السكن أو الجاه أو الصحة، وآخرون يرونها فى الزوجة أو الأولاد أو العمل أو الدراسة، وربما يراها آخرون فى القرب من الحبيب أو فى التخلص من مزعج أو فى تبتل روحى أو مساعدة مسكين وفقير، لكن العجيب عندما تسأل كثيرا من هؤلاء: هل أنت سعيد حقًّا وصدقًا؟ تكون الإجابة بالنفى!
فالسعادة فى ظنى أحيانًا أن أعيش كأغنى الناس وأنا فى جيبى بضعة جنيهات معدودات.. وأن أفتخر و«أتفشخر» وأنا أضع «رجلًا على رجل» وأنا جالس على مقهى «العمدة» فى جمهورية شبرا، وأنا أحتسى قدح القهوة «المانو» التى أعشقها وأمسك بيدى «خرطوم الشيشة معسل السلوم»، وأنا أعطى «النادل» جنيهًا زيادة فوق الحساب على سبيل «البقشيش».
وقد يرى البعض أن السعادة تكمن فى ألا تتردد فى مساعدة محتاج ولو بابتسامة حنونة ودعوة شفوية غير مشفوعة بعملات ورقية.. فهذا فى تقديرى المفهوم الحقيقى للسعادة.. أن ترضى بما قسمه الله لك وأن تسعى لرسم الابتسامة على وجه أوشك على اليأس وأن تمسح دمعة حزين.. نعم فنحن نحتاج إلى من يعطى وينسى ويأخذ ولا ينسى، إلى من ينحنى ليرفع الآخرين، إلى من يحب الناس جميعا لا فئة دون أخرى، إلى من يسعد بفقره كسعادته بغناه، من يشكر الله فى الضراء مثل السراء، عندئذ سأظل أغنى الناس.. على الأقل فى مرآتى الخاصة.
ولمن يحتاج المساعدة عن مفاهيم السعادة نقول لهم إنها طاقة من الرّضا تقبل الواقع، لأنّه إرادة الله، ولا نملك إلا العمل على تحسينه بالأسباب التى خلقها الله لنا لتحسين أوضاعنا فى الكون. فالسّعادة تُطمئن القلب وتَشرح الصّدر وتريح البال.. والسّعادة هى الرّضا بكلّ شىء وتنبع عن إيمان من القلب والسعادة هى إحساس بالمتعة والانبساط.
ولا تندهش حين تسمع أن بعض الأشخاص، زى حالاتى، يجدون سعادتهم المادية فى التهام «قرص طعمية» أو حتى كوب شاى بحليب، ومن فضل الله أن هذا متاح لجميع فئات الشعب المصرى.. أما السعادة الروحية فيمكن تلخيصها فى الرضا بما قسمه الله والاطمئنان ومشاهدة ابتسامة رضا فى عيون البائسين.. كما أن ابتعادك عن إيذاء الآخرين وإن استطعت رفع البلاء عنهم فهو منتهى الشعور باللذة لدى الكثيرين.. بلاها فلوس بلاها غم.
ولعلى لا أفشى سرًا إذا قلت إننى شخصيا فشلت فى تحديد ما يسعدنى.. لدرجة أننى قررت أن أعيش الحياة يومًا بيوم كزائر «خفيف خفيف».. فأبدًا لم أعطها يومًا أمانًا من غدر.. بل بالعكس دائمًا أشعر بالخوف حين تبتسم ولو دقائق معدودات.
آخر كلمة.. أفضل رياضة للقلب أن تنحنى لترفع الآخرين.

التعليقات معطلة.