اقتصادي

​”آبل” تواجه رياحاً أوروبية عاتية… فهل تنحني للعاصفة؟

شعار شركة أبل على مقرها الرئيسي في أميركا

تواجه شركة “آبل” الأميركية العملاقة تحدّيات تنظيمية “غير مسبوقة” في دول الاتحاد الأوروبي، في خطٍ متوازٍ مع انتقادات من جانب منافسيها -وعلى رأسهم “مايكروسوفت” و”ميتا”- بشأن خطط الشركة لإتاحة برامج الهاتف المحمول الخاصة بها والامتثال لقانون الاتحاد الأوروبي، قائلين إنّها “فشلت في الذهاب إلى أبعد من ذلك”.

يأتي ذلك في الوقت الذي تستعد فيه الجهات التنظيمية في الاتحاد الأوروبي، في شهر آذار (مارس) المقبل، لفرض غرامة قيمتها نصف مليار يورو على شركة “آبل”، بسبب تفضيل تطبيق بث الموسيقى الخاص بها على المنافسين مثل تطبيق “سبوتيفاي”.

وبحسب تقرير لصحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية، فإنّ ردود الفعل -التي وصفتها بـ”العنيفة” و”المتزايدة” ضدّ عملاق التكنولوجيا الأميركي- تأتي في الوقت الذي تضطر الشركة فيه إلى إجراء مجموعة من التغييرات الكبيرة على نموذج أعمالها، في أعقاب المخاوف بشأن هيمنة متجر التطبيقات الخاص بها، والذي يشكّل حصّة كبيرة من أعمال الخدمات التي تبلغ قيمتها 85 مليار دولار سنوياً.

وكانت الشركة قد أعلنت في كانون الثاني (يناير) الماضي أنّها بصدد إجراء تغييرات على برنامجها الذي يعمل بنظام iOS في أوروبا، وبما يتضمن السماح للمستخدمين بتحميل التطبيقات من مصادر أخرى والوصول إلى أنظمة الدفع البديلة.

وأعلنت الشركة تلك التغييرات قبل الموعد النهائي المحدّد من جانب الاتحاد الأوروبي في 7 آذار (مارس) للشركات، للإعلان عن كيفية التزامها القواعد التنظيمية المرتبطة بالمنافسة ومنع الاحتكار، وهي القواعد التي تهدف إلى معالجة القوة السوقية لمجموعات التكنولوجيا الكبرى.

وأفاد تقرير الصحيفة، بأنّ هذا الاقتراح يضع المطورين أمام معضلة؛ إما التمسك بالنظام البيئي الحالي لشركة “آبل” مع الرسوم المفروضة، أو المغادرة بشكل دائم ومواجهة شروط جديدة.

وبالنسبة الى أولئك الذين يختارون أيضًا إنشاء تطبيقات في متاجر بديلة، قالت شركة “آبل” إنّها ستخفض أعلى مبلغ تدفعه الشركات التي تستخدم متجر التطبيقات الخاص بها لبيع السلع والخدمات الرقمية، من 30 في المئة إلى 17 في المئة… لكنها ستضيف سلسلة من الرسوم، تشمل “رسوم التكنولوجيا الأساسية” بقيمة 50 سنتًا على كل تحميل أو تحديث للتطبيقات التي يزيد عدد تنزيلاتها عن مليون عملية تنزيل.

وستفرض الشركة كذلك رسومًا إضافية بنسبة 3 في المئة على مطوري التطبيقات الذين يستخدمون معالج الدفع الخاص بها. وسيتمّ تطبيق الرسوم البالغة 50 سنتًا على الفور على تنزيلات متاجر التطبيقات البديلة.

ونقلت الصحيفة عن محللين تأكيداتهم أنّ التغييرات يمكن أن تؤدي إلى فرض رسوم على صانعي التطبيقات الناجحة أكثر بكثير مما هي عليه حالياً، مع إزالة أي حافز للمنافسين لإنشاء متاجر تطبيقات بديلة.

كما نقلت الصحيفة عن مسؤول التطبيقات في شركة “مايكروسوفت”، فيل سبنسر، قوله إنّ “الخطوات الأولية للامتثال للقواعد التنظيمية التي قدّمتها “آبل” تمنعنا كثيرًا من إنشاء بديل ذي معنى للمتجر الوحيد المتوافر على أكبر منصّات الألعاب في العالم، وهي الهواتف المحمولة.. لذلك سنواصل العمل مع المنظمين لفتح هذا الأمر.”

كما رفض الرئيس التنفيذي لشركة “ميتا”، مارك زوكربيرغ، اقتراح شركة “آبل”، ووصفه بأنّه “مرهق” و”مخالف” لهدف لائحة الاتحاد الأوروبي، قائلاً إنّه سيتفاجأ “إذا اختار أي مطور الذهاب إلى متاجر التطبيقات البديلة”.

ويأتي ذلك بينما تقدّر “آبل” أنّ 99 في المئة من المطورين سوف يشهدون انخفاضًا في رسومهم في ظلّ النظام الجديد. وتعتقد الشركة أنّ التطبيقات الكبيرة فقط هي التي ستضطر إلى دفع رسوم التكنولوجيا الأساسية، وأنّ 88 في المئة من المطورين النشطين في متجر التطبيقات في الاتحاد الأوروبي لا يدفعون أي عمولة بالفعل.

وأضاف تقرير الصحيفة، أنّ ردّ الفعل العنيف المتزايد ترك المفوضية الأوروبية، الذراع التنفيذية للاتحاد الأوروبي، يتركّز في معضلة تحديد ما إذا كانت سنوات من العمل على التشريع الجديد الذي يستهدف “حراس البوابة” الرقمية قد أحدث التأثير المطلوب على شركة “آبل”؛ وما إذا كان يمكنها فرض عقوبات على الشركة بسبب مخالفاتها.